سموم الحرب ودفء الرباعية بقلم/ا. علي الدوش -الهدف السودانية –
بقلم/ا. علي الدوش -الهدف السودانية -

سموم الحرب ودفء الرباعية
بقلم/ا. علي الدوش -الهدف السودانية –
شكلت مضاعفات الح-رب معاناة شملت كل مفردات الحياة في الأوساط السودانية المغلوبة على أمرها، ما بين طرفي الح-رب في صراعهما السلطوي النفوذ.
انتقلت الح-رب إلى مراحل تجاوزت مربع اندلاعها، ليصبح طرفاها مجرد بيادق في طاولتها التي خططت لها دوائر التربص بعناية فائقة خلف كواليس المطبخ الدولي، لتفكيك بنية الطرفين وإضعافهما عسكريا ووجوديا.
فأصبح كل طرف يسعى لكسب ود المطبخ الدولي ليتغلب به على الطرف الآخر، ليصبغ نفسه بلون الشرعية دون غيره، حتى لو أتى كسب الود على حساب مصلحة المواطن واستقراره.
فتعددت المبادرات لفض النزاع باطروحات متعددة، وفي جغرافيا مختلفة، لكنها تحمل في طياتها مغزى واحدا: إطالة أمد الح-رب وعدم تحقيق تقدم نحو أهداف اندلاعها، إلى أن تكتمل “طبخة” صفقة القرن لتُقدم كحل ناجع للحلول التي يبحث عنها الطرفان بعد وصولهما إلى حالة الضعف المرادة.
منذ إعلان مخرجات اتفاق جدة في 11 مايو 2023 للهدنة الأولى، والتي عقبتها، وظلت كل مبادرات المجتمع الدولي لفض النزاع إلى يومنا هذا توصف بأنها مبتورة النتائج، بما يعكس الحالة الرغبوية للمجتمع الدولي في إطالة أمد الح-رب للاستفادة القصوى من حالة “لا دولة” عبر التسويف الذي يتخلل بنود المخرجات.
علقت الآمال الطامحة في وقف نزيف الدم على مخرجات جدة، ثم المنامة، ثم نيروبي، وكلها قد شملتها دائرة النسيان واليأس.
واتت تحركات الرباعية خلال هذه الأيام بصورتها المحمومة لتنفض غبار اليأس الذي كسا مبادرات المجتمع الدولي بذات النسق السابق: من تسويف إلى تسويف وتعليق الآمال في حبال الهواء، حتى لا يصل الشعب إلى مرحلة بلورة الرأي الجمعي المجتمعي، ولا تنتج من الأجسام الرافضة لتحركات المجتمع الدولي حلولًا ترضي طموحات الشعب.
للشعب السوداني تجربته الخاصة في إحداث الثورات وتشكيل الأجسام المعبرة عنه، كتجربة تجمع المهنيين في قيادة ثورة ديسمبر المجيدة.
والآن للشعب السوداني أطروحته في تشكيل الجبهة الشعبية لاستعادة الحكم المدني والتبادل السلمي للسلطة، هذا النمط الذي يقلق مضاجع أعداء الثورة أولًا، ثم المتربصين بموارد السودان.
لذلك نجد التوالي في المبادرات الدولية مقيدا لهذا النمط من التحرك، خوفا على مصالحهم الآنية والمستقبلية.
فلا الرباعية منسجمة وتستعجل حلا، ولا منظمات المجتمع الدولي تسعى بجدية.
فالحل يمتلكه شعب السودان الذي يلامس جمرة الح-رب ويكتوي بسمومها، فلابد له أن يتحرك بعيدا عن الركون إلى “دفء الرباعية” المفتعل وسط سموم الح-رب التي يُراد لها الاستمرار.
إن مسألة دعم الجهود المبذولة من أجل السلام وإيقاف الح-رب لا تعني الركون إلى ما يأتي من خلف الحدود على عواهنه، حتى لو بدا بصورة إيجابية مغلفة، إذ تخدم مصالح التربص المخفي منها والمعلن.




