ارض ملتصقة بالسماء: لماذا لا يخرج الفلسطيني من وطنه ولا يدخل الاردن بديلا عنه. بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸

ارض ملتصقة بالسماء: لماذا لا يخرج الفلسطيني من وطنه ولا يدخل الاردن بديلا عنه.
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
23.11.2025
————————-
لن نخرج من فلسطين ولن نذهب الى الاردن، ولن نبحث عن ظلال بديلة نستظل بها. هذه الارض كانت وستبقى موطن الحرم الابراهيمي، ومنها اسري الى الاقصى، ومن باحاته عرج نبينا الى السماء حيث لاقى رب السموات والارضين. على هذه الارض نحيا، وعلى ترابها نموت، وهي التي تروي سيرتنا وتجمع روايتنا مهما حاول الواهمون تغيير معالمها او تبديل اهلها.
ثمانية عقود مرت على احتلال فلسطين، وما زال المأفونون والمتشدقون وكثيرو الرغي والكلام من حكومة نتنياهو عجيبة الاطوار والنهج والسياسة، ما يمر يوم الا وتسمع اسطواناتهم المشروخة ينادون وتارة يصرخون بان الاردن يسكنها اغلبية من الشعب الفلسطيني. ايلي كوهين ما يسمى بوزير الطاقة، ولا طاقة في احاديثه. وكوهين ليس الاول ولا الاخير الذي يغرد حول ان الاردن دولة الفلسطينيين، وهو يعيد ما يعرف بالخيار الاردني. والقائمة طويلة وقديمة حديثة، وستبقى هذه التغريدات تتكرر الى ان ياتي من يلجم اصحابها ويسكتهم الى غير رجعة.
الاردن كانت وستبقى توأم الروح للشعب الفلسطيني. تربطنا مع الاردنيين روابط الدم والاخوة والمصاهرة والمجاورة وكل ما يعزز الاخوة الصادقة. حمل الاردن مع الفلسطينيين امانة الحفاظ على ما تبقى من فلسطين، جغرافيتها ومقدساتها وتراثها بعد النكبة الاولى. وبعد عام 1967 كان الاردن مضيافا للنازحين، وفيه العديد من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وفي معركة الكرامة التحم الجيش الاردني الباسل مع الفدائيين الفلسطينيين وحققوا نصرا اعاد للامة العربية كرامتها. ومع كل المنحنيات التي مرت على القضية الفلسطينية كان الاردن يقف بكل امكاناته مع الشعب الفلسطيني.
الدعوات التي يطلقها الزعماء الاسرائيليون هي نهج واستمرار للنكبات التي اصابت الشعب الفلسطيني بعد احتلال فلسطين كاملة وانشاء دولة اسرائيل. هذه الدعوات تعبئة للجمهور الاسرائيلي ايديولوجيا بان فلسطين التاريخية للاسرائيليين. وهي احد الاسباب الرئيسة لتصاعد العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين باعتبار ان كل هذه البلاد ارضهم، وان الاردن هو موطن الفلسطينيين. وهذا الفكر الصهيوني اليميني يتصاعد ويتأدلج بشكل واسع، بحيث يبرر مبدأ ضم الضفة الغربية وتهجير سكانها الى الاردن، ويخلص اسرائيل من عبء احتلال ارض الغير من خلال تهجير اهلها وضم الارض الى ما يسمى اسرائيل. وهذه الدعوات يمكن ان تفهم في سياق شطب الهوية الفلسطينية ونقلها الى قضية سكان وهجرات هنا وهناك.
عملية السابع من اكتوبر كانت احدى الذرائع التي كانت اسرائيل في انتظارها من اجل محاولة تهجير سكان غزة الى سيناء والضفة الغربية الى الاردن. وفي رايي المتواضع فان اسرائيل هي التي دبلجت تلك العملية لتنفيذها بايدي فلسطينية، لتكون الذريعة لتدمير غزة والقيام بما يسمى الترانسفير.
الفكر القومي اليهودي يتنامى لديه هذا التوجه في تهجير الفلسطينيين. وقد اصطدمت تلك المحاولة بالموقف المصري والاردني الحديدي في منع اي تهجير.
من حق الاردن ان يفسر تلك التصريحات باعتبارها تهديدا استراتيجيا لامنه وسيادته، وهو اقل ما يمكن ان يقال حول تلك التصريحات العدوانية. وهذا يشكل ضغطا استراتيجيا على الاردن لصياغة تفاهم بشأن الوضع في الضفة الغربية.
الخيار الاردني تراه اسرائيل وسيلة مهمة للتخلص من الفلسطينيين. لا تكل ولا تمل حتى تجد الثغرة المناسبة للدخول منها لتنفيذ هذا الخيار. واذكركم ان الرئيس ترامب في ولايته الاولى اتصل بالملك عبد الله الثاني وابلغه برغبة الولايات المتحدة في ان يتولى الملك عبد الله مسؤولية الضفة الغربية، وقد عارض جلالته هذا الطرح بشدة.
الشعب الفلسطيني من الشعوب التي ترى في ارضها انها ارض ملتصقة بالسماء. وان الفلسطينيين كانوا يجاورون الحرم القدسي والحرم الابراهيمي وكل الاماكن الاخرى في فلسطين لانهم يجدون فيها الروحانيات التي تفتقدها كل الاماكن غيرها. وهي الارض التي تحمل اهم صفاتها انها ارض المحشر والمنشر، بمعنى انها الارض التي تلتقي فيها الامم والخلق يوم البعث.
ليس في الاردن الشقيق وطن بديل لنا، ولا في فلسطين وطن بديل عنه. هذه الارض كتبت هويتها بالدم، وثبتتها القرون، وحمتها ارواح من رحلوا ومن بقوا. ومن يريد شطب الشعب الفلسطيني او نقله على الخرائط لن يجد الا الحقيقة التي تتكرر عبر التاريخ: ان الفلسطيني لا يخرج من ارضه، وان الاردن يقف معه، وان كل محاولات التهجير والالغاء لم تكن يوما سوى وهم سياسي يسقط كلما نهض شعبنا من جديد.




