مقالات
معاناة الفلسطينيين حملة وثائق السفر: أزمة وطن وهوية بقلم: أنور السلبود
بقلم: أنور السلبود-موقع فلسطينيو العراق

معاناة الفلسطينيين حملة وثائق السفر: أزمة وطن وهوية
بقلم: أنور السلبود – موقع فلسطينيو العراق
اللاجئ الفلسطيني لا يحمل جواز سفر كبقية شعوب العالم، بل يحمل “وثيقة سفر” خاصة، تُصدرها الدول المضيفة للفلسطينيين، مثل لبنان، وسوريا، والعراق، ومصر. هذه الوثيقة لا تُعطيه صفة المواطنة، ولا تؤمّن له الحقوق الأساسية التي يتمتع بها أي مواطن في دول العالم، بل تجعله دائمًا في حالة اغتراب قانوني وسياسي واجتماعي.
وثيقة لا تُغني عن وطن
اللاجئون الفلسطينيون من حملة الوثائق—سواء في سوريا، العراق، لبنان، مصر، أو غيرها من الدول—يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، ويتعرضون لمعاملة تفتقر إلى الحماية القانونية الكافية، وتُحرمهم من أبسط حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في العمل، والتعليم، والتملك، والتنقل، وحتى الهوية.
هذه الوثيقة ليست جواز سفر فلسطينيًا رسميًا، ولا تحتوي على رقم وطني، ما يزيد من عزلتهم القانونية، ويُصعّب عليهم الحياة سواء في الدول المضيفة أو في تنقلاتهم عبر العالم.
إحصاءات الشتات والتهجير
وفق التقديرات، هناك نحو 15.2 مليون فلسطيني حول العالم منتصف هذا العام، نصفهم خارج فلسطين التاريخية. من بين هؤلاء، حوالي 7.8 ملايين لاجئ في الشتات، يقيم 6.5 ملايين منهم في الدول العربية، دون تمتعهم بحقوق المواطنة أو الحماية.
الفلسطيني اليوم هو إما لاجئ في الخارج، أو مقيم تحت الاحتلال في الداخل. في كلا الحالتين، يعاني من واقع قاسٍ.
ازدواجية الاضطهاد: من الاحتلال إلى التجزئة العربية
اللاجئ الفلسطيني يُعاني داخل وطنه المحتل من بطش الاحتلال الصهيوني، ويُعاني خارجه من قسوة الأنظمة العربية الرسمية التي تأسست على أنقاض اتفاقية “سايكس – بيكو”، والتي بدلاً من حماية الفلسطيني، تعاملت معه وفق سياسات التجزئة، والتهميش، والتمييز.
الواقع العربي المفكك سياسيًا، والطائفي، والعاجز عن توحيد قراره، زاد من تعقيد حياة اللاجئ الفلسطيني، خاصة في ظل غياب قوانين مدنية تحميه داخل الأقطار العربية.
فالوضع في لبنان، سوريا، العراق، الكويت، وليبيا، يشهد على حجم المأساة التي يعيشها الفلسطيني في تلك الدول.
المواطنة والهوية… ليست بديلاً عن القضية
يظن البعض أن السعي للحصول على وطن بديل أو هوية بديلة سيحل مشكلته الشخصية، لكن الواقع أثبت أن من يسعى للتجنس أو اللجوء الدائم يخسر أكثر مما يربح، وأول ما يخسره هو صفة الانتماء الوطني، والهوية الفلسطينية، والحقوق التي تكفلها المواطنة في دولة مستقلة ذات سيادة.
لا يمكن حل الأزمة الفردية بمعزل عن الأزمة الوطنية الكبرى. نحن أمام قضية وطن محتل، وشعب يعاني، وتاريخ يُحاول البعض طمسه، وهوية يُراد لها أن تُمحى.
الوحدة العربية.. أمل مستقبلي لا يلغي الواقع المرير
إيماننا العميق بالوحدة العربية من المحيط إلى الخليج، لا يتعارض مع إدراكنا لواقع التشرذم الحالي، والأنظمة التي تفرّق ولا توحد، والتي أسهمت في تفاقم معاناة اللاجئ الفلسطيني بدلًا من التخفيف عنها.
عندما تتحقق دولة الوحدة العربية، ويزول إرث سايكس – بيكو، ستزول معها هذه الأزمات، وستُلغى مسميات الوثائق، وستُضمن المواطنة الكاملة للجميع. لكن حتى ذلك الحين، يبقى الفلسطيني أسيرًا لوثيقة سفر، ومحرومًا من أبسط حقوقه.
مسؤولية جماعية في وجه المعاناة
في ظل هذه التحديات، تقع المسؤولية الوطنية والأخلاقية على عاتق كل فلسطيني، أينما وُجد في هذا العالم. يجب أن يكون في التحام دائم مع قضيته الوطنية، وألا ينفصل عنها مهما اشتدت ظروفه الشخصية.
إن القضايا الفردية لا قيمة لها أمام القضية الكبرى، قضية الوطن المحتل والهوية المسلوبة.
ولذلك، فإن الانخراط في العمل الوطني، والدفاع عن القضية، والمطالبة بالحقوق، هو الطريق الوحيد لحياة كريمة تحفظ الكرامة والهوية.
للحديث بقية… الفلسطيني في أوروبا: لاحقًا.


