
أمه تقتات النسيان…
بقلم حسين عبداللة جمعة
غدًا…
سننسى حَلَبْ،
كما نسينا
غزّةَ —
هاشمَ واللَّهَبْ…
نسينا قانا،
وعناقيدَ الغضبْ،
ونسينا أسماءَ تكاثرَ صمتُها
حتّى غدت
سورًا من التعبْ.
نحنُ —
أمّةٌ تقتاتُ نِسيانًا،
وتنمو…
بفعل اللومِ،
والوَخْزِ،
والعَتَبْ.
نحملُ تاريخًا من الويلاتِ،
لكنّا
نُهدهِدُهُ…
كطفلٍ ما تعلّمَ بعدُ
كيف يُمسكُ بالغضبْ.
نحنُ —
مثلَ غُثاءِ السَّيلْ،
نَتألّم…
فلمَ العَجَبْ؟
يا أبناءَ هذا الشرق،
كم من مرّةٍ
سقطت بلادٌ من أيدينا،
وما اهتزّت لنا
عينٌ…
ولا ارتجفَت رُكبْ.
وأمامَ لحمِ الشِّواء،
وهمسِ النِّساء،
وموالٍ يُغنّيه الباعةُ في الأزقّةِ
عن فَرحٍ يُباعُ
بدرهمٍ…
تصيرُ جراحُنا —
يا للأسى —
ضَحِكًا…
ولَعِبْ.
يا للغرابةِ…
كم نجيدُ تأجيلَ الوجعْ،
وكم نُتقنُ
ترقيعَ الخرابِ بضحكةٍ،
وكأنَّ تاريخَنا
وَصْفَةُ طبيبٍ
ضاعَ اسمُهُ من الكُتُبْ.
غريبةٌ،
عجيبةٌ،
مهزلةٌ…
هيَ سيرةُ العربْ.
حسين عبدالله جمعه
سعدنايل لبنان



