كتب

“من أجل يهودا”.. حملة يطلقها “الجيش الإسرائيلي” لتشجيع الإسرائيليين على استيطان الضفة الغربية

“من أجل يهودا”.. حملة يطلقها “الجيش الإسرائيلي” لتشجيع الإسرائيليين على استيطان الضفة الغربية

نوعا شبيغل ونير حسون

يقوم الجيش الإسرائيلي بحملة عبر الشبكة تدعو الجنود والجمهور إلى القدوم إلى مواقع أثرية وإلى بؤر استيطانية غير قانونية في الضفة، بما في ذلك في مناطق “أ” و”ب” الموجودة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية. مشروع “من أجل يهودا” يعمل بواسطة مجموعات على “واتس اب” و”تلغرام” وصفحات “انستغرام” و”يوتيوب”، بل وإن هذا المشروع أصدر كتاباً بالخصوص في تموز الماضي. إلى جانب معلومات حول نقاط سقط فيها جنود، وكذلك مشاريع لإحياء ذكرى، يستخدم هذا المشروع أيضاً كقناة دعاية للمستوطنين. الأفلام التي تنشر فيها تتضمن توصيات لزيارة مواقع مختلفة، ومنشورات دعائية لمشاريع خاصة، ودعاية سياسية وروايات دينية وأثرية، التي لا أساس علمياً لبعضها. المضمون يقدمه ضباط وجنود ومرشدون ورجال آثار مدنيون وشخصيات سياسية من المستوطنات.

أقيم المشروع على يد جندي يعيش في المنطقة، وخدم في لواء “يهودا”، وواصل قيادته حتى أثناء وجوده في خدمة الاحتياط، مع دعم كامل من قادته الكبار. في الفيلم الذي نشر مؤخراً في “يوتيوب” يظهر قائد لواء “يهودا” شاحر بركاي، وقائد لواء “شومرون” اريئيل غونين، ونوابهما. في هذا الفيلم، تقول قائدة وحدة الهندسة في “يهودا والسامرة” إنه “بعد الجولات، أرى كيف أن الرابطة تتعزز مع القدرة على تنفيذ المهمة من خلال فهم ما يعنيه هذا المكان”. في نهاية الفيلم، يقول ضابط آخر: “نحن هنا لأن هذه المعالم المجيدة تعود لشعب إسرائيل”.

نشر موقع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في تموز 2024 مقالاً حول المشروع، كتب فيه: “ضابط الصف إيليا كان له حلم كبير – ربط كل محارب ومواطن وسائح في لواء “يهودا بالتراث وتاريخ المنطقة”. في الموقع يتم وصف كيف أن هدفه “شق شارعاً يمر في نقاط المعالم الخاصة في المنطقة – بدءاً من أحداث تاريخية في عهد التوراة، ومروراً بروايات قبل قيام الدولة، وانتهاء بالمعارك التي وقعت في عهد دولة إسرائيل، التي تربط أكبر قدر ممكن من الجنود بجوهر المهمة وإعطاء إجابة على سؤال: لماذا نحن هنا؟”.

في القنوات المختلفة الكثير من الأفلام الذي تدعو الجنود والجمهور لزيارة المواقع، من بينها يمكن إيجاد “الضريح السامري” في قلب مدينة نابلس. ويشرح الفيلم بأن المكان “على بعد 80 – 100 متر عن قبر يوسف”. فيلم آخر يوصي بزيارة بركة في قلب قرية كرمل الموجودة في مناطق “أ”. ويشرح المرشد في الفيلم بأن الأمر يتعلق ببركة من العهد الانتدابي، لكنه يدعي أنها بنيت على أساس بركة أقدم، وحتى إنه يربط البركة السابقة بقصة توراتية عن نيفيل هكرميلي، بدون أي دليل أثري على ذلك. أفلام أخرى تدعو إلى زيارة بؤر استيطانية غير قانونية، وزيارة ينابيع استخدمها الفلسطينيون إلى أن سيطر عليها المستوطنون، وكذلك زيارة كنس في قرى فلسطينية وما شابه.

القناة التي تشغل من قبل لواء “يهودا” تعطي منصة أيضاً لقيادة المستوطنين. ويتحدث أيال غلمان، رئيس المجلس المحلي حيفرون، في أحد الأفلام عن معجزة تفيد بأن أبانا إبراهيم جاء لاستكمال النصاب في كنيس في قلب الخليل قبل بضع مئات من السنين. في فيلم آخر، الذي تم نشره في صفحة فيسبوك التابعة لمركز زوار الخليل، يظهر نوعام ارنون، وهو دكتور في التاريخ والمتحدث باسم الاستيطان اليهودي في الخليل، وهو يشرح عن يعقوب في مغارة الماكفيلا (الحرم الإبراهيمي). على خلفية جنود يتجولون في المكان، يقول أرنون إن “اسم يعقوب تحول إلى إسرائيل. اسم إسرائيل هو مصدر كل التطورات التاريخية لشعب إسرائيل وأرض إسرائيل وتوراة إسرائيل، وفي أيامنا – دولة إسرائيل وحكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي والكنيست.

في فيلم آخر، يبدأ كلامه بـ “سلام عليكم، يا سكان وجنود أرض يهودا”.

تظهر في أحد الأفلام توصيات لأماكن لقاءات وعروض زواج. من يعرض الفيلم يرتدي الزي العسكري، الذي تم عرضه على أنه عضو في “طاقم من أجل يهودا”، يوصي بمزرعة نهغوت في جنوب جبل الخليل، وهي بؤرة استيطانية أقيمت في 2018. ويوصي أيضاً بمواقع أخرى أقيم بعضها على أراض فلسطينية خاصة. في فيلم آخر يظهر مرشد مسلح يرتدي الزي العسكري وهو يشرح عن تمرد باركوخبا. “هل كان التمرد مجدياً؟”، يتساءل في بداية الفيلم ويشرح بالتفصيل عن مئات آلاف القتلى في أعقاب التمرد. “حسب رأيي، كل هذا كان مجدياً لنكون شعباً حراً في بلاده، من أجل الحرية”، لخص أقواله على خلفية علم إسرائيل وهو يرفرف في قرية فلسطينية.

القناة تشمل أيضاً منشورات دعائية لأعمال تجارية خاصة، أحدها عربة القهوة الموجودة في موقع سوسيا القديمة – موقع أثري في جنوب جبل الخليل. “إذا ذهبتم الآن إلى سوسيا القديمة تعثرون على موقع تاريخي رائع. كنيس محفوظ في وضع رائع، وأفلام صوت وضوء، ومغارات للزحف فيها، وبالطبع عربة قهوة ممتعة”، كتب في الفيلم. فيلم آخر هو دعاية لمصنع طحينة في هار براخا على جبل جرزيم.

فيلم آخر يبين تأبين زئيف (جابو) ارليخ، الذي قتل قرب الجندي غور كاختي في حادث مختلف عليه في موقع أثري في لبنان. في فيلم آخر، يدعى السكان والجنود للقدوم من أجل إشعال شمعة عيد الأنوار لذكرى أرليخ في الكنيس القديم في قرية السموع الموجودة في مناطق “ب” في جنوب جبل الخليل. في أحد الأفلام، يقول نائب لواء “شومرون” إنه موجود في قرية نصف جبيل في محافظة نابلس. ويقول إنه ربما هذا هو أحد الأماكن التي عمل فيها النبي إلياهو. هو يروي الرواية الإسلامية عن الشيخ الذي عاش هناك، ويقول: ما هو الصحيح؟ لا أعرف. حسنا، لكن لا يهم، هذا يروي رواية تناسب روايتنا. وبدون صلة، ماذا تعود أن يقول جابو، “حتى لو كان هذا غير صحيح فكثير من الناس جاءوا إلى هذا المكان لسنوات طويلة، لذلك فإن هذا أيضاً جزء من التاريخ هنا”.

ويشغل لواء “شومرون” قناة مشابهة باسم “من أجل شومرون”، هناك يمكن إيجاد فيلم من الموقع الأثري في سبسطية الذي فيه يشرح أحد المرشدين، الذي هو أيضاً يرتدي الزي العسكري، بأن منشآت استحمام، التي عملت بمحاذاة الهيكل الروماني، كانت في الواقع مطاهر يهودية. المشروع تسارع خلال الحرب، لكن نيتع كسبيم، ضابطة الاحتياط التي خدمت في اللواء، قالت للصحيفة بأنه في 2022 تم نشر أفلام من المشروع في مجموعة “واتساب” على مستوى الكتيبة. “من الغريب وصف هذا بالتطبيع، إذ لا أحد يكلف نفسه حتى عناء إرسال انتقاد”، قالت وهي تصف الارتياح الذي استقبل فيه هذا الأمر. “هناك مستوطن يخدم في الاحتياط ضمن اللواء، وهو المسؤول عن المشروع السياحي. يرسلون إلينا برنامجاً تعليمياً كل أسبوع، ويمكن للجنود اختيار الذهاب إلى جولة في المنطقة أثناء تواجدهم في الاحتياط، وإذا لم تفضل الذهاب إلى جولة في المنطقة، فقد تجد نفسك في فعالية لكتيبة أو لواء في موقع أثري. أو قد يخرج قادة الكتائب لتأمين صلاة في قرية فلسطينية. يصعب وصف ذلك بالتطبيع، لأنه ببساطة تجاهل كامل لحقيقة أن الأيديولوجيا التي تكمن خلف هذا المشروع تلحق ضرراً كبيراً بالفلسطينيين في المنطقة”.

منظمة علماء الآثار “عيمق شفيه”، المعنية بحقوق التراث واستخدام علم الآثار في إطار الصراع، صرحت بأن “العلاقة بين أيديولوجيا الجيش الإسرائيلي وأيديولوجيا المستوطنين معروفة سلفاً. والجديد، أن الطريقة العلنية والسافرة التي يستخدمها المستوطنون للتأثير على الجمهور المأسور – الجنود الشباب الذين يتم تلقينهم تلقيناً يمينياً ودينياً من خلال المواقع التراثية من قبل شخصيات ذات سلطة يخضعون لها”. وأكدت المنظمة أن “كل أم يهودية يجب أن تعرف بأن السيطرة استكملت، وأن الجيش الإسرائيلي أصبح أداة في خدمة قطاع سياسي واحد فقط. من الآن فصاعداً، هي لا ترسل أبناءها فقط لتأمين جابو أو البرسلافيين الذين يأتون إلى قبر يوسف، بل أيضاً من أجل الانضمام إلى هذه المواقف”.

من الجيش الإسرائيلي جاء: “هدف الأفلام هو عرض معلومات تاريخية عن المواقع الأثرية في المنطقة فقط، من أجل تعزيز المعرفة والارتباط بتاريخ منطقة “يهودا والسامرة”، ونؤكد أن السياسة في هذا الموضوع واضحة، ولا يوجد أي تشجيع أو توجيه من أجل الوصول إلى أماكن يحظر التواجد فيها بدون مصادقة كل الجهات ذات العلاقة وتأمين من قبل قوات الجيش الإسرائيلي”.

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لم يتطرق في رده على سؤال لماذا سمحوا بإدخال أجندات سياسية ودينية إلى الأفلام، وسمحوا لجهات سياسية بالمشاركة فيها.

هآرتس 2/12/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب