مقالات

ماذا قد يحول دون تملك القطريين لمانشستر يونايتد؟.خلدون الشيخ

أقفل باب تقديم العطاءات الأولية لتملك نادي مانشستر يونايتد، في نهاية يوم الجمعة، مع الاعلان عن أن أبرز العروض مقدم من الشيخ القطري جاسم بن حمد آل ثاني، مع توقع الاعلان عن هوية المالك الجديد في غضون 6 أسابيع، لكن هل ستكون هناك أي عقبات في وجه اتمام هذه الصفقة؟
لا شك أن فكرة تملك ناد انكليزي أصبحت تراود رجال الاعمال واصحاب المال بسبب المغريات التي يمثلها الدوري الانكليزي، الأكثر دخلاً ومشاهدة في عالم كرة القدم. وعلى عكس المعتقد السائد بأن المستثمرين وأصحاب المال هم من اقحموا أنفسهم في «لعبة الفقراء»، فان الشواهد التاريخية تؤكد ان البداية في نهاية القرن التاسع عشر كانت بلجوء اللاعبين الى أثرياء القرية أو المدينة للمساهمة في دعم الفريق والنادي، بشراء لوازم اللعب من قمصان متطابقة وكرات وتأمين وجود ملاعب تدريبية بل حتى انشاء بنى تحتية بينها استاد بيتي، قبل ان تتحول في مطلع الـ1900 الى تجارة مربحة في انكلترا مع اكتساب اللعبة شعبية متزايدة، فآثر التجار والأثرياء الاستفادة من هذه الشعبية والحضور العالي، وصولا الى يومنا هذا بتملك الاندية من مجموعات استثمارية وأيضا صناديق سيادية، بسبب الفوائد الكبيرة على المديين المتوسط والبعيد، وهي فوائد ليست بالضرورة مادية فقط.
لطالما كان مانشستر يونايتد هدفاً مغرياً للمستثمرين، فهو من الاعلى دخلا، ومن الاكثر شعبية في العالم، وصاحب تاريخ حافل بالألقاب والانجازات، وبالتالي أرباحه عادة ما تكون مضمونة، وخير دليل على ذلك، ما فعلته عائلة غليزر الامريكية، التي اشترت النادي عبر قروض طويلة الأجل ضمانتها النادي نفسه، عندما دفعت 760 مليون جنيه استرليني في 2005، ليس بينها جنيه واحد من جيبها، ولهذا هي لا تحظى بشعبية كبيرة بين المشجعين منذ أرهقت النادي بديون و«حلبته» من مداخيله الطبيعية، واليوم هم يتطلعون الى الحصول على نحو خمسة الى ستة مليارات جنيه إسترليني لبيعه، ما سيحطم الرقم القياسي لسعر نادي كرة قدم، الذي سجّله تشلسي العام الماضي عندما دفع «كونسورتيوم» بقيادة تود بويلي 2.5 مليار جنيه إسترليني لشراء الـ»بلوز» مع وعد بقيمة 1.75 مليار إضافية في استثمارات مستقبلية بالبنية التحتية واللاعبين.
تفاجأت من تبادل التهاني والتبريكات بين القطريين والعرب منذ فجر يوم الجمعة على تملك مانشستر يونايتد، ومن هذا الاندفاع نحو الثقة في نجاح العطاء، بل ان المتحفظ منهم اعتبر ان الأمر يحتاج الى «خطوة بسيطة» قبل الاعلان الرسمي، بل فعلا هناك من أشاع أن الأمر حسم رسمياً، لكن الواقع غير ذلك تماماَ. فمع اغلاق باب العطاءات، واعتبار العرض القطري الأكبر قيمة من بين مهتمين يعتقد انهم الملياردير البريطاني جيم راتكليف ومجموعتان سعوديتان ومثلهما أمريكيتان، فهل تضمن القيمة الكبيرة للعرض القطري الحصول على الملكية، ام انه قد يواجه عوائق تمنعه من ذلك؟
أول مشكلة هي عملية انتقاء الفائز بالصفقة، لانها تمر عبر أكثر من مفتش ومدقق، بدءاً بشركة «راين» المالية، التي تدير عمليات بيع النادي لمصلحة عائلة غليزر، فهي ستدير اللقاءات الفردية مع المهتمين لمعرفة نواياهم، والاهم توافر قيمة العرض المقدم وكيفية الدفع، وبعدها سينقل المهتمون الى المرحلة الثانية، وهي اختيار عائلة غليزر للعرض المناسب، وأقول المناسب وليس بالضرورة الأكبر قيمة، لأن العلاقات تلعب دوراً في تلميع مظهر العرض، من حيث منح اغراءات بأسهم في شركات أخرى، أو تسهيلات هنا وهناك في مشاريع في هذا البلد أو ذاك. وبعد الاختيار ينقل الطلب الى مكاتب الحكومة البريطانية التي عليها منح توصيات بالموافقة او الرفض او ابداء ملاحظات، قبل ان ينتقل الطلب الى المحطة الاخيرة، وهي رابطة الدوري الانكليزي الممتاز، التي عليها اجراء اختبار «المالك الجديد»، للبحث في خلفيته ومعرفة من سيدير شؤون النادي ومن يتحمل المسؤولية، وضمان أن الأمور ستكون قائمة على أرض صلبة، ونحن نعلم ان هذه الرابطة هي التي ماطلت في الموافقة على عرض صندوق الاستثمار السعودي الأول لتملك نيوكاسل، قبل انسحاب الأخير من الصفقة، رغم موافقة المالك السابق لنيوكاسل على العرض.
عائق آخر، هو ما واجهته قطر خلال استضافة مونديال 2022، من نشاط الجمعيات الحقوقية في الحديث عن حقوق العمال والمثليين، وأن هذا يمثل سبباً في رفض الصفقة في حال اكتسبت زخماً برلمانيا واعلامياً. كما يتعين على الشيخ جاسم الاقرار بان ملكية النادي لن تكون جزءاً من أملاك الحكومة، على غرار ما تعهدت به الادارة السعودية لنيوكاسل، وهو أيضاً سيساهم اقناع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن ملكية باريس سان جيرمان ومانشستر يونايتد ليست لادارة واحدة، على غرار مع حصل مع سالزبورغ النمساوي ولايبزيغ الألماني المملوكين لشركة مشروبات الطاقة «ريد بول»، والتهديد بحرمانهما من المشاركة في المسابقات الأوروبية في حال تأهلهما.
التفاؤل يعم الكثيرين في المنطقة العربية، لكن الأمور تحتاج الى بعض الوقت والكثير من الصبر والأمل قبل الاعلان الرسمي وتبادل التهاني.

@khaldounElcheik

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب