فرض العين. أن يتحرك الشعب لوقف الحرب
أحمد مختار البيت
ماحك جلدك مثل ظفرك،
وعدم انتظار منطق الحرب وطائر شومها.
بعد “14” يوم وليلة، يطل علينا عيد الفداء العظيم، عيد الأضحى المبارك، وهناك “4” مليون سوداني وسودانية من العاصمة الخرطوم وحدها و “500” ألف من مدن الأبيض ونيالا وزالنجي وكتم والفاشر والجنينة، غادروا ديارهم ومنازلهم إلى المجهول وتركوا أرواحهم في مسام البيوت وتفاصيلها المحزنة، ولم تسعفهم الحرب لحمل ذكرياتهم المعلقة على الجدران، واليوم لعب أطفالهم وكراساتهم وكتبهم تذروها الرياح، وفقدوا كل مدخراتهم التي سطا عليها لصوص الزمن الخائب، قبل أن تلتهم نيران الحرب والقذائف ماتبقى منها.
هل الآخرون أكثر حرصا على السودان من أهله؟! استمعت اليوم لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وهو يصف الحرب الملعونة، بأنها تدمير ذاتي، العبارة موجعة بحق، وأجمع الأفارقة المؤتمرون اليوم الأثنين 12 يونيو 2023م في جيبوتي، لمناقشة أزمة الحرب في السودان ، أن استمرارها سيقود حتما إلى حرب أهلية، ولذلك دعوا إلى وقف عاجل لإطلاق النار ومعالجة المشكلة السودانية، وفق مبادرة إفريقية. هل تملك مؤسسات الاتحاد الإفريقي والمفوضية آليات واقعية مجربة، تستطيع إلزام أطراف الحرب بالتوقف عن الاقتتال العبثي، الذي وصف ب
“التدمير الذاتي للسودان”
إن تحرك المنظمة الإفريقية والحرب على بعد ساعات من شهرها الثالث، لا يمكن أن يطمئن هؤلاء الملايين الفارين من جحيم الموت وأهوال الحرب وفظائعها، والعالقين في حدود الدول ومعابرها الفاسدة، وكيف لشعب السودان أن ينتظر قرارات المنظمة الإفريقية والحرب تقارب الشهرين، والتدمير والخراب طال كل شيء والموت والجوع ونقص الغذاء والخوف واللصوص وألسنة النيران، كل هذه المهلكات تزدهر في العاصمة وأكثر من “5” مدن رئيسة في كردفان ودارفور. هل ينتظر السودانيون منظمات مصابة بفقر الدم وعاجزة عن معالجة قضايا الزراعة والصحة والتعليم والحدود والأوبئة، أن تعالج مشكلة الحرب الدائرة بأبعادها الإنسانية والاقتصادية والسياسية؟
(2 )
إن على هذي الملايين التي هجرت، و نزحت لمدن داخل الوطن، أو لجأت إلى دول الجوار القريبة، أو التي صبرت تحت نيران القصف والضرب، أو التي غادرت إلى دياسبورا الشتات في قارات العالم المختلفة، عليها
أن تدرك أن الحل بيدها وأن لا تنتظر أن يعمل الآخرون بالنيابة عنها لوقف الحرب، فالعالم لديه ما يكفيه من المشكلات والأزمات المستفحلة وعلى الجميع، متى وأين كانت الأوضاع تسمح بالحركة قيادة مبادرات متنوعة وفعالة، كمبادرة الأعلام البيضاءِ، والوقفات الاحتجاجية والمواكب السلمية، والأنشطة المجتمعية، والندوات المتحركة للضغط على أطراف الحرب، فقد بلغت المعاناة الإنسانية أقصى مداها في العاصمة والمدن المنكوبة بحرب الأجندة الخاصة ، وتساوى الآن عند أهلها الموت والحياة، والمواد الغذائية بدأت تنفد والعطش والظلام واللصوص أبرز المشاهد في تلك المدن، و موسم الخريف بدأ والنفايات تتسيد الشوارع والساحات والميادين والمنازل، وكل شيء ينذر بالكارثة في مقبل الأيام إن لم يتحرك السودانيون بأنفسهم، واستسلموا لمنطق الحرب وطائر الشؤم