مقالات

سايكولوجية الكيزان قراءة نفسية في ظاهرة جماعية مرضية بقلم محمد ضياء الدين السودان –

بقلم محمد ضياء الدين السودان -

سايكولوجية الكيزان قراءة نفسية في ظاهرة جماعية مرضية
بقلم محمد ضياء الدين السودان –
في المشهد السياسي والاجتماعي، يبرز مصطلح (الكيزان) كوصف شائع لجماعة الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ومن يرتبطون بأيديولوجيتهم. ورغم أهمية التمييز بين الأفراد والظواهر العامة، حتى لا نعمم، تبدو الغالبية من هذه المجموعة وكأنها تعاني من حالة نفسية اجتماعية جماعية تتسم بسلوكيات مرضية تعكس اضطرابات نفسية وأخلاقية عميقة.
يبرز هذا الوصف في ازدواجية الخطاب والسلوك، وهي واحدة من أبرز سمات الكيزان، فهم يستخدمون الدين كغطاء لممارساتهم السياسية والاقتصادية، حيث يشرّعون لأنفسهم الكذب والغش وحتى القتل تحت ذرائع دينية زائفة.
يشير علم النفس إلى أن هذا الانفصام بين الخطاب الديني والسلوك العملي يعكس مفهوم ما يسمى ب(التنافر المعرفي) ، حيث يعيش الفرد فى توتر نتيجة تعارض القيم المعلنة مع السلوك الفعلي.
الكل يعلم قدرات وتجليات الحالة الكيزانية المدهشة على تبرير الفساد والسرقة بزعم أنهم (مستخلفون في الأرض) لذلك يرتكبون أبشع الجرائم والانتهاكات تحت مظلة دين جوهره قائم على العدل والأمانة وحسن الخلق.
هذا الانحراف النفسي يولد شعوراً بالعظمة الزائفة، حيث يعتقد الكوز أنه فوق المحاسبة وأعلى من النقد، مما يعكس ملامح واضحة لاضطرابات الشخصية النرجسية. الدراسات النفسية تشير إلى أن هذا النوع من السلوك النرجسي يعكس هوساً مستمراً بالتأكيد على تفوق مزعوم غذته السلطة في أدمغتهم ، حتى وإن كان ذلك على حساب المجتمع. فالسلطة هي غايتهم، حيث توفر لهم الجاه والحماية والاستمتاع بالثروة والمكاسب الدنيوية .
بعد سقوط نظام الإسلام السياسي عبر أكبر انتفاضة ثورية، برزت خطابات الكيزان العدوانية على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، واندلاع الحرب التي أعادتهم للمشهد من جديد.
حيث ظهرت عدوانيتهم في الحوارات السياسية والاجتماعية، إذ اتسمت مداخلاتهم بطابع التوتر والإساءة والشتم والتخوين ورفض النقد.
هذا السلوك يشير إلى رهاب الفقدان (Fear of Loss)، حيث يُنظر إلى أي نقد كتهديد وجودي.
من جهة أخرى فإن العدوانية المتزايدة لديهم ترتبط بما يُعرف في علم النفس بـجنون العظمة (Paranoia) حيث يشعرون بأنهم العظماء المستهدفون على الدوام.
من أخطر السمات النفسية لهذه الظاهرة التي تجلت بوضوح خلال الحرب هي قدرة هذه الجماعة على استغلال الأزمات كوسيلة لاستعادة السلطة (الحلم المفقود).
نتيجة لذلك تعالت أصواتهم المتشنجة مع تزايد حالة الفوضى ، بالتخوين والتهديد والوعيد لكل من يدعو إلى السلام ورفض الحرب، في حالة هستيرية غير مسبوقة، تعكس أعظم تجليات انتكاس الحالة المرضية لهذه الجماعة.
في مقابل ذلك ، يروج الكيزان لأنفسهم كحماة للوطن والدين. هذا السلوك يعكس آلية دفاع نفسي تُعرف (بـالإسقاط) ، حيث يتهمون الآخرين بما يمارسونه فعلياً من فساد وخيانة وانتهاكات.
الثابت أن سيكولوجية الكيزان أصبحت بحاجة إلى محلل نفسي، أكثر من الحوجة لمحلل سياسي، فقد تفاقمت الحالة المرضية المزمنة لتصبح حالة معدية متحورة تتنقل بين أفراد التنظيم الإسلاموى ، كما تنتقل الأوبئة في الأماكن المغلقة، مما أدى إلى خلق جماعة مأزومة تتسم بالخداع والتزلف والانتهازية.
للأسف، تسللت عدوى هذا السلوك المرضي إلى الأفراد والمؤسسات وأسهمت في انتشار ثقافة الفساد والتسلط خلال فترة حكمهم التي امتدت لثلاثة عقود، تاركة أثرا سلبيا عميقا على المجتمع السوداني.
أيها السادة،
الكيزان ظاهرة نفسية واجتماعية أكثر من كونهم مجرد حزب سياسي شأنه شأن بقية الأحزاب . هذه الظاهرة تستدعي دراسة علمية معمقة لفهم أبعادها وآثارها السالبة على المجتمع، خاصة بعد الانتهاء من الحرب التي عرتهم من آخر أوراق التوت، فالوعي بهذه السايكولوجية المريضة، قضية مهمة وخطوة أساسية نحو تفكيك مفردات خطاب الإسلام السياسي وتجريده من أي بعد ديني زائف، تلك هي أحد أهم المداخل الصحيحة لبناء مجتمع سليم قائم على قيم الصدق والعدل والمساواة.
بعيدا عن تأثير خطاب الهوس الديني الرجعي المتخلف .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب