مقالات
المفاتيح ….سلام من المنفى للمنفى بقلم خالد ضياء الدين -السودان

المفاتيح ….سلام من المنفى للمنفى
خالد ضياء الدين
أدهشني مقال الأستاذ عبدالله رزق أبو سيمازا(المفاتيح…تذكارات البيوت المطمئنة التي كانت)..
استوقفني ذلك التداعي والبال الرايق رغم قساوة الظروف وهو مايميزه عن غيره من المبدعين وكنت في إحدى المرات قلت بأنانية المتلقي ليت المعاناة لاتغادر المبدعين لأنها تولد لنا مثل الذي يدهشنا به أبو سيمازا كلما ضاقت واستحكمت حلقاتها.
من منا لم يحمل مفتاحه معه عند الرحيل أو لم يغلق بابه عليه بالمفتاح عند البقاء وهو يظن بأنه عندما يعود سيجد كل شئ مثلما تركه(مش المفتاح معايا)؟
وهاهو يقارن مابين مفاتيحنا المحمولة أرضا أو جوا ومفاتيح الشعب الفلسطيني المهجر قسرا من دياره في العام 1948.
وكعادته وبلغة منظومة وأحرف منقوشة يدغدغ مشاعرنا ويجعلنا نتحسس مفاتيحنا التي تربطنا معنويا بمنازلنا التي غادرناها وفي القلب حسرة وبعض من أمل بالعودة إلى ديار لنا في كل ركن فيها بصمة وعلى كل جدار ذكرى وفوق كل ذلك خوف من خريف قادم يطرق الأبواب ويتسلق الأسوار ويعلوا أسطح المنازل ونحن لا نملك في نزوحنا إلا أن نتحسس مفاتيحنا ونحن نردد يالله علينا هنا وحوالينا هناك.
قيل أن لصا سرق سيارة أحدهم وعندما أخبروه رد بكل برود مافي مشكلة المفتاح معايا!!
هل سنبقى مثل الشعب الفلسطيني نحتفظ بمفاتيح أبواب منازل لم تعد موجودة في الخريطة لكن يظل الاحتفاظ بها دليلا ورمزا للانتماء إلى مكان ؟
الأستاذ رزق لم يرحمنا (ادانا ليها طاخ)ولعلنا نحتاج هذه الصفعة ونحن نحمل مفاتيحنا رمز أمان كأنما السوخوي عندما تقصف تنتقي المنازل مشرعة الأبواب أو كأنما جنود الدعم السريع يطرقون الأبواب المغلقة ويغادرون إذا لم يسمعوا(اتفضلو حبابكم)
منذ الأمس وبعد اطلاعي على مقال الأستاذ رزق الذي أيقظنا من وهم المفتاح معايا لحقيقة (المفتاح أفيون الشعوب) طالما حملناه معنا ونحن نعتقد بأن منازلنا ستكون في مأمن.
نعم ياعزيزي أبو سيمازا يجب أن نحول حلم العودة الوشيكة وحمل المفاتيح لطاقة دافعة لفعل مقاوم للنفي والتشريد رافعين شعار ( لا لهدم منازلنا وألف لا لاستباحتها)
ولك أن تعلم ياعزيزي أبو سيمازا وأصدقك القول بأننا وبمنتهى الأمانة حملنا مفاتيح الديار معنا في هجرتنا القسرية غير إننا تركنا مفاتيح قلوبنا مدفونة هناك بعناية الخائف..تركناها لعناية الخالق غير إننا بين كل فترة وأخرى (نكشكش) سلسلة مفاتيح البيت وكأنما نريد أن نطمئن أنفسنا بأنه حتى إذا سرقت السيارة لايهم لأن المفتاح معايا..
ماذا سنفعل بالمفاتيح حال عودتنا لنجد كل البلد منفى والديار صارت كديار عبلة؟
سلام من المنفى إلى المنفى
سلام يشمل الكون اذ يكفي
سلام لمفتاحي
لأفراحي.