مقالات
تزييف الوعي وتدمير العقل: مظهر من مظاهر الحرب الكارثية بقلم محمد الأمين أبوزيد
بقلم محمد الأمين أبوزيد -السودان -الهدف
تزييف الوعي وتدمير العقل:
مظهر من مظاهر الحرب الكارثية
كتب: محمد الأمين أبوزيد
الهدف_
يتميز الإنسان عن الحيوان بميزة العقل، وهو مناط التكليف في كل الأديان والشرائع إذ بغيابه أو تغييبه يصبح هو والحيوان سواء.
منذ فجر التاريخ عرفت كل الحضارات الإنسانية صناعة تزييف الوعي وتدمير العقول واتخذت مناحي شتى “الشائعات والأساطير، والخرافات” فالشائعة مثلاً في الحضارة اليونانية كانت سبباً في موت الفيلسوف سقراط إذ سرت شائعة أنه يحرض الشباب على التمرد وقد أودت بحياته.. وكذلك عرف عن جنكيز خان أنه قد فعل الشائعات في غزواته وشكل فرق خاصة بإثارة الفزع والشائعات وسط المجتمع.
ويسجل التاريخ مقولة لوزير الدعاية النازية فى عهد هتلر
غوبلز “1897- 1945م”، “إكذب.. إكذب.. حتى يصدقك الناس”..
وقد أُثِرَ عن الزعيم الماركسي فلاديمير لينين مقولة “تصبح الكذبة حقيقة إذا تم تكرارها بما يكفى”..
يصف الدكتور علاء ثابت رئيس تحرير الأهرام المسائي سابقاً “الشائعات تصنف باعتبارها أخطر الظواهر الاجتماعية والإنسانية التى عرفتها البشرية على امتداد تاريخها القديم والحديث والمعاصر”.
ويرى كامل عويضة في كتابه علم نفس الاشاعة “تصريح يطلق ليصدقه العامة ويرتبط باحداث الساعة”.
وقد عرفت البشرية فى تاريخها القريب منذ الثورة الفرنسية والأمريكية دور الرأي العام في صناعة الحوادث وتوجيهها وفق مصالح وأهداف سياسية وعسكرية وتجارية …إلخ..
يعيش العالم اليوم عصر الإعلام والانفجار المعرفي المعلوماتي والمؤثرات الإعلامية المتحكمة في العقول والعواطف والقوة المؤثرة فى تشكيل عقول الناس، حيث لم يعد هناك إعلامياً محايداً فإما أن يكون الإعلام وسيلة لتحرير الجماهير وتقديم الحقائق كماهي، أو وسيلة تدجين وتعتيم وتلاعب بالعقول وتزييف الوعى.
تلعب مواقع التواصل الاجتماعي وما تمثله من أهمية دورا كبيراً فى تشكيل الوعى لدى الرأي العام وبالمقابل فى تزييفه من خلال الاستخدام الخبيث للتقنيات المرتبطة بالذكاء الاصطناعى وتوظيف الصورة والدبلجة فى فبركة الاخبار والقصص الإعلامية، والمبالغة والتهويل والتشويه والنشر دون التحقق من صحة المعلومات.
إذا تتبعنا هذه الظواهر الإعلامية فى حرب الجنرالين سنجدها أكثر حضوراً وتاثيراً في تزييف الوعى وتدمير العقول من
خلال الاستخدام المكثف من كلا طرفى الحرب لكسب تأييد الرأى العام وباسقاط مكثف قائم على الكذب والتضليل واغتيال الحقيقة و”البروبوغاندا” لصناعة الأوهام الزائفة التى سرعان ما تكشفت بدءاً من تحديد قيد زمني للحرب مروراً بانتصارات اسفيرية لا مكان لها فى أرض الواقع المعاش.
نفذت هذا العمل جهات متخصصة ومدربة وصرف عليه ملايين الدولارات فى سياق حملات إعلامية مخططة لتزييف الوعي وتدمير العقول وحجبها عن التفكير العميق فى استبصار مستقبل الوطن وحبسها في دوائر أحداث مصنوعة بذكاء عالى، وبث رسائل ذات دلالات تخريبية تعمل على إدامة الحرب وتدمير الوطن.
ينشغل الناس بوعي وبلا وعي ولا إرادة مع خدمة هذا المخطط بالانشغال بقضايا وحواشي فرعية لا تشكل أولوية في زمن الحرب، فبدلاً من انكباب اهتمام الناس على أولوية وقف الحرب ينصرف الاهتمام إلى متابعة مظاهر وقصص واخبار مفبركة يغلب عليها استخدام الإشاعة والكذب والتضليل.
يصبح مهمة بناء اوسع جبهة مدنية شعبية لوقف الحرب هو المدخل الصحيح لهزيمة مخطط تدمير السودان وتفجير الحرب الأهلية الصفحة التى يوليها الفلول جل اهتمامهم بعد فشل وهم الانتصار الخاطف بالضربة القاضية والحرب السريعة على قوات الدعم السريع.
إذا كانت كل الدلائل تشير إلى نهاية الحرب إلى تفاوض وتسوية وحلول سياسية، فإن الدعاية المصاحبة للحرب قد وقعت فى فخ التدمير المادي والمعنوي للحياة والمجتمع في السودان..
#لا_للحرب
نعم لبناء جبهة شعبية لوقف الحرب..