مقالات

حامض شابندر وسراي المتنبي … رحلة العراق ج٣ … بقلم المؤرخ حسام أبو النصر

بقلم المؤرخ حسام أبو النصر -فلسطين

حامض شابندر وسراي المتنبي … رحلة العراق ج٣

… حسام أبو النصر
اصطحبنا الاصدقاء ليلا إلى شارع المتنبي قاصدين قهوة شابندر، لنحتسي كوبا من الشاي، هممنا بالدخول وكان يعج بالزائرين، من كلا الجنسين، والعائلات، والأجانب.
وفور الجلوس على الارائك القديمة شعرت بالحنين للماضي، وتمعنت في سقفه المحمول على قواطع خشبية وحديدية تظهر عليها عوامل الزمن، وبدت اثار ترميم المكان واضحة بعد ان دمر تفجير ارهابي آثم عام ٢٠٠٧ ٧٠% من ارثه، فيما استشهد أولاد محمد الخشالي الخمسة مدير المقهى منذ عام ١٩٦٣م، والذي يعود بناؤه لعام ١٩٠٧م حين كان مطبعة لموسى الشابندر الذي شغل منصب وزير الخارجية في زمن رشيد كيلاني ١٩٤١، ليتحول بعدها لمعلم ثقافي يستقطب كل المثقفين والادباء والفنانين والعامة، منهم من كتب اهم ابداعاته فيه. طلب لنا الصديق محمود ابو الهيجاء مشروبا حامضا، عرفت بعدها انه نوع من الشاي عليه ليمون غامق اللون احتسيته، ثم نهضت لاجوب في ارجاء المقهى متفرجا على صور بالابيض والاسود شاهدة على تاريخ المكان، حيث يحتفظ المقهى بانتيكته القديمة، بعدها خرجت مع السياسي المخضرم عمر الناصر في جولة باتجاه تمثال المتنبي مرورا بمبنى القشلة الذي كان سابقا المدرسة الموفقية، باتجاه نهر دجلة حيث ينتصب تمثال المتنبي شامخا،حيث شيد الصرح في عهد الملك فيصل الاول عام ١٩٣٢م وسمي الشارع بإسمه، وقد كتب تحت التمثال: “أنا الذي نظر الأعمى الى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم”.
وهناك التقيت صدفة بالمؤرخ والداعية الاسلامي طارق سويدان الذي كان في زيارة للعراق وتبادلنا اطراف الحديث السريع عن مؤلفات التاريخ حول القضية الفلسطينية حيث كانت لنا مراسلات سابقة في هذا الموضوع دون ان نعرف بعضنا عن قرب، ورغم اختلافنا الايديولوجي جمعنا التاريخ ، وكان نهر دجلة يعكس انوار المدينة الخافتة بسكون حذر، أما مرتادو المكان فكانوا يقفون على الدرج المؤدي للنهر بجانب التمثال يتبادلون امال الحياة بعد كل ما حدث للعراق. عدنا الى مفترق شابندر لننطلق في جولة في سوق السراي الاثري المقابل لمبنى القشلة وبابه مقابل لقهوة شابندر في زقاق اثري ذكرني بخانات فلسطين العتيقة، مع اختلاف البناء حيث يغلب البناء في احياء بغداد بالطوب الاحمر المشيد بالطابوق والجص، مقوسا من فوق، وعلى الجانبين دكاكين قديمة كسوق الذهب في غزة. ومشينا في ممره الطويل حتى وصلنا الى مخرج يؤدي لمدرسة المستنصرية الاثريةالتي شيدت في زمن الخليفة المستنصر بالله في عهد الدولة العباسية تحديدا سنة ١٢٣٣م ليصبح منارة علميةتدرس فيها مختلف العلوم، وهي تأخذ الشكل المستطيل، متألفة من طابقين فيها مائة غرفة، واواوين وقاعات، تتوسطها نافورة كبيرة وساعة شاهدة على التقدم العلمي، واجهاتها اقواس على الطراز العباسي، وابواب مزخرفة منحوتة، واروقة ارضية وعلوية حتى هممنا بالعودة باتجاه ساحة الأمين الذي يتوسطه تمثال من البرونز للشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي الذي ازيح الستار عنه عام 1970 بعد أن انجزه النحات أسماعيل فتاح الترك، وكنت اول مرة اسمع باسمه من خلال دراستي حيث كانت ثانويتي تجاور مدرسة معروف الرصافي في غزة.
نزلت لالتقاط صورة بجانب المكان وغادرنا الى رحلة اخرى اتبعها لكم لاحقا…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب