مقالات

في مسألة المدرسة الانقسامية الأنثروبولوجية. بقلم د-عزالدين حسن الدياب

بقلم د-عزالدين حسن الدياب

في مسألة المدرسة الانقسامية الأنثروبولوجية.
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
شغلتني الانقسامات آلتي عاشها التيار العربي الوحدوي،واهتممت بالانقسامات التي عاشها حزب البعث،ورحت أبحث في هذه الظاهرة البنائية معرفة وتحليلاً،ومن ثم تفسيراً في أسبابها،حتى أفردت لها كتابي”التحليل الاجتماعي لظاهرة الانقسام السياسي في الوطن العربي..حزب البعث العربي الاشتراكي أنموذجا”*.
ولازلت أتابع دراسة هذه الظاهرة،كلما استجد من انقسامات،بحثا عن أسباب جديدة،وعوامل بنائية تخبرنا بها تلك الانقسامات.
وكان منهجي في دراسة الانقسامات التحليل الانثروبولوجي الثقافي،انطلاقا من قاعدة انثروبولوجية تقول إن الظاهرة الانقسامية ظاهرة تمت للنسق الثقافي،وهوالنسق الرئيس من أنساق البناء الاجتماعي.
ليست هذه المقاربة فرصة للتفصيل والقول الموسع في كون الانقسامات ظاهرة ثقافية،أم ظاهرة اجتماعية تمت للنسق الاجتماعي،وذلك قلناه وفصلنا في أكثر من دراسة منشورة لنا.
وفي هذه الدراسات أزلنا الالتباس والإدعاء الذي تقول به المدرسة الانقسامية الفرنسية/الامريكية،حول المؤسس لهذه المدرسة،وقلنا بأن العلامة العربي ابن خلدون المؤسس الأول للمدرسة الانقسامية،والذي أتى بالقول الفصل للعوامل البنائية التي تؤدي إلى الانقسامات في حياتنا العربية،وذلك عندما أسس نظرية عصبية القربى،وما للقربى من تعدد وتباين في المضامين،والمحددات البنائية الثقافية،وما يأتي من هذه القربى من صراعات بين الولاءات والانتماءات،وجدلية هذه الصراعات في حياتنا العربية من الأمس إلى اليوم.
وأخذنا بمنهج ابن خلدون في نظرية العصبية، وأشهرنا آلية الصراع بين الولاءات والانتماءات في بنيان العائلة العربية،سواء كان ذلك في بنيانها كعائلة مركبة،ومكونة من الإخوة المتزوجين ،الذين يعيشون في دار واحدة،وحتى خلال تطور تركيب هذه العائلة،وقلنا إستنادا الى عصبية القربى،وصراع الولاءات والانتماءات:انا ابن اسرتي،  وأبن عائلتي،وفخذي وبطني وعشرتي وقبيلتي،فأنا بموجب صراع الولاء بين أسرتي وعائلتي،أنا ابن اسرتي اولآ.ثم ابن عائلي ثانيا،إلى اخر مستويات القربى.
وهذه المستويات لاتقتصر في رأي ابن خلدون على قرابة الدم ،وإنماء تمت في تنوعها،المضامين،إلى قربى الجهة،والنادي،والحزب،والشلل،والمذهب،والعقيدة السياسية..إلخ
وفي دراسة ميدانية لصراع الولاءات والانتماءات في أكثر من حزب عربي ،ومجموعة حزبية،سواء كانت الدراسة ميدانية/حقلية،أو عن بعد عن طريق المعارف والطلبة.
وأخبرتنا،بل دلتنا هذه الدراسات وما أتت به من براهين،وشواهد أن الانتماء للأسرة يتغلب عن الولاء للعائلة، والولاء للشلة يتغلب،على الانتماء للحزب أو النادي..إلخ فكم من وجيه عائلة انتمى لحزب،على سبيل المثال،ومن ثم تركه إذا كانت هناك عائلة في نفس هذا الحزب،يناصرها قادة هذا الحزب،أكثر من مناصرته.و كم من قائد حزبي ناصر مذهبه على حساب حزبه.
إذن؛يبدو لنا بوضوح أن صراع الولاءات والانتماءات في وطننا العربي،وفي تياره القومي تحديداً، كم من الولاءات العشائرية،لبست الثياب العقائدية،واليسارية،لتنتصر للعشيرة والمذهب،على حساب وحدة التيار القومي،وكانت دراستي لظاهرة انشقاق ناظم كزار،قائمة على أطروحة ابن خلدون في العصبية،وصراع الولاءات والانتماءات التي تسيره وتقوده هذه العصبية.
* د-عزالدين دياب-التحليل الاجتماعي لظاهرة الانقسام السياسي في الوطن العربي -حزب البعث العربي الاشتراكي انموذجاً-مكتبة مدبولي-مصر العربية-القاهرة-1993.
* مهمة المقاربة التي اقدمها على هذه الصفحة فرضت علي الاختصار،واعتماد الاشارات التي تلمح إلى جدلية الولاءات والانتماءات في التيار العربي الوحدوي،عل ولاءاتنا العقائدية والفكرية تتغلب في عصبيتها على الولاءات الجهوية والشللية والعشائرية،وولاءات الأنا المغرقة في عصبية الأنانية وعشق الذات.
د-عزالدين حسن الدياب -24-8-2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب