منوعات

الفقيد بريغوجين: «فيل طائر» أسقط الطائرة… وسؤال الأردني المؤرق «لو شتمتني هل سأدفع غرامة؟»

الفقيد بريغوجين: «فيل طائر» أسقط الطائرة… وسؤال الأردني المؤرق «لو شتمتني هل سأدفع غرامة؟»

بسام البدارين

كادت الزميلة مذيعة الجزيرة «تضحك»، وكتمت ابتسامتها بصعوبة، وهي تستمع لخبير أمني استخباراتي روسي تحدث «بطريقة العرب»، وهو يحاول شرح أسباب سقوط طائرة الأب الروحي لعصابات» فاغنر».
صاحبنا الروسي قالها دون أن يرف له رمش «عدة أسباب قد يكون منها الطيور، التي دخلت في أحد المحركات».
أقل من طائر «العنقاء» أو النسر البوليفي الضخم أو «فيل طائر» لن أقبل بمثل هذا التحليل، وصاحبنا أضحكنا بقسوة لأنه ذكرنا بيوم «أردني مشهود» انقطعت فيه الكهرباء عن الأردن برمتها، عدة ساعات، فعالجنا أحد المدراء بتصريح جدي تحدث فيه عن» طائر ما» تسبب بخربطة الكهرباء في الشبكة المصرية.
خجل القوم آنذاك من القول بـ»فركة إذن إسرائيلية».
ويخجل الرفاق اليوم من القول بفركة إذن مماثلة لكل جنرالات الحرب الروس.
كرر المحلل الروسي نظريته العبقرية.

فاغنر الإسرائيلية

وفي الوقت الذي سارعت فيه فضائيات الكون لمتابعة وتحليل حادثة رحيل بريغوجين إياه وربعه، كان العالم يخسر في الواقع شخصية طريفة تمنحك سيرته الذاتية من «طباخ» يتذوق الطعام قبل تقديمه للقصر، إلى جنرال حرب عابر للقارات، شعورا بإمكانية الارتقاء ثم السقوط الأبدي طبعا.
طوال الوقت لم يساورني شك أن فاغنر ورموزها ليسوا أكثر من أداة في يد جنرالات موسكو لأغراض الحرب القذرة، وأعترف أني فوجئت بحجم اهتمام الإعلام الغربي بالراحل الفقيد، الذي نعته «سي إن إن» و»سكاي نيوز» و»بي بي سي» بسلسلة وثائقيات تظهر لأول مرة.
قد نمني النفس أن تبقى الطيور الفتاكة فقط في عالمنا الثالث مصدرا للإزعاج والكوارث.
لكن الرفاق في موسكو يؤكدون بتلك الاستعارة أن بيروقراطي عربي واحد ينطبق عليه القول «كأنما أمة في شخصك اجتمعت».
ما علينا، اهتمام «سي إن إن» بفتح ملف قوات فاغنر برمته مرصود دون «حياد مهني»، فالمرتزقة تعرفهم وزارة الدفاع الأمريكية لأنها أول من جندت عشرات الآلاف منهم في العراق ويعرفهم جيش الاحتلال الإسرائيلي، صاحب الكار الأبرز في جمع المرتزقة. هل تذكرون المرتزقة في إدارة سجن «أبو غريب» ايام المغضوب بريمر؟
بني الأصفر المرتزقة أصلا اختراع أمريكي – إسرائيلي بحت، غير أخلاقي، والقيصر الروسي كل ما فعله «تقليد الموضة».
وفي الوقت، الذي لا نتأسف فيه لا على الطائرة، ولا على من كان فيها لا بد من تذكير العالم بأنه ينبغي لنا، «أن لا ننسى» ما فعلته وتفعله الآن النسختان الأمريكية والإسرائيلية من «فاغنر».

عام على التحديث

خصص التلفزيون الأردني، ومعه طبعا تلفزيون «المملكة» أطقما لمتابعة تفاصيل خلوة خاصة نظمتها الحكومة بعنوان «عام على التحديث». كانت تبث «لقطات» وحوارات هنا وهناك.
ورغم أن المسألة مختصة بـ«خلوة» إلا أن «الرغبة في مخاطبة الإعلام» مرصودة ملحوظة، فيما ناضلت محطة «رؤيا» لتوفير مساحة تعليق ومراجعة عبر البرامج الحوارية.
لفت نظري قبل يومين فقط من فعالية الخلوة ذلك البرنامج الحيوي على شاشة «المملكة»، حيث زميلة نشطة تدير حواريات متابعة لمشكلات محلية، بعيدا عن مهرجان التحديث وأفلام، وكاميرا ترصد طريقا زراعيا انهارت للتو، وصف مدرسي بلا تهوية، ودورات مياه غير صالحة للاستخدام البشري في محطة نقل في مدينة إربد شمالي الأردن.
في تقديري الفني التحديث الحقيقي والجذري والفعلي هو الوقوف على مشكلات دورات المياه والطرق تلك مع الصفوف والتمكين الحقيقي لا يبدأ من استعراض أمام 600 شخص في أرقى فنادق وصالات البحر الميت، بل يبدأ حقا وقولا وفعلا من وقوف الطاقم الوزاري أمام مركز صحي معزول في إحدى محافظات الجنوب، تناقش زميلتنا في «المملكة» قضيته.
جميل جدا أن يقف أي وزير ليتحدث عن منجزاته. لكن الأجمل أن يعالج المشكلات الصغيرة، التي تضفي وقارا ومصداقية على مقولات التحديث والتمكين.

غرامة «شتيمتي»

يومان في الخلوة إياها، وأثق مسبقا أن أحدا لم يتحدث عن «تأثير قانون الجرائم الإلكترونية» الجديد على مسارات التحديث والتمكين والإصلاح.
كيف يمكن إنجاز «مراجعة مهنية» فيها قدر من المصداقية بمناسبة «عام على التحديث» دون قياس أثر التشريع الجديد على المسار برمته؟
سؤال لا يريد تلفزيون الحكومة الآن لا التطرق إليه ولا الإجابة عليه، مما يحيلني مع القارئ الكريم لسؤال صغير وبسيط جدا، طرحه شاعر نعتز به بلهجة ساخرة قليلا «هل سأدفع غرامة لو شتمتني؟»
أحدهم طرح سؤالا على القافية نفسها «هل يعاقبني القانون الجديد مستقبلا لو قرأت شتيمتي فقط وتداولتها مع غيري؟»
قلناها ونعيدها: لا تستطيع إكمال مسيرتك في التحديث والتمكين مع قوانين وتشريعات تلتهم «المصداقية»، وإن كانت الحجة «تنظيم الفوضى الرقمية».
لا تستطيع الجلوس في فنادق راقية مع 600 شخص لكي تتحدث عن التحديث والتمكين إجرائيا دون ولو ورقة تتحدث عن التأثير المحتمل لتشريعات «سالبة للحريات».
فقط مراسلو القنوات الرسمية وشبه الرسمية وجماعة الإعلام المرعوب يعتقدون بإمكانية ذلك.

 مدير مكتب» القدس العربي» في عمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب