
هكذا محبة العراقيين لرموزهم الوطنية
بقلم د. خليل الدليمي
تابعت مع ملايين العراقيين والعرب المقابلة الرائعة للدكتور ناجي صبري الحديثي وزير الخارجية في العهد الوطني في برنامج الجانب الآخر في قناة الجزيرة القطرية مع الاعلامية الاردنية الشهيرة علا الفارس. وقد أثارتني وأثارت المشاهدون ما عرضه البرنامج من صور وأحاديث عن مراحل مختلفة من مسيرة الخدمة الوظيفية الظافرة للوزير الدكتور ناجي الحديثي إبتداء من عمله في ادارة تحرير جريدة الثورة في بداية السبعينات الى عمله الاعلامي في لندن ١٩٧٥-١٩٨٠ عندما أسس دائرة صحفية في السفارة العراقية ومركز ثقافي عراقي ناجح في العاصمة البريطانية . ثم مرحلة تعيينه مدير عام لدار المأمون للترجمة والنشر في وزارة الثقافة والاعلام سنة ١٩٨٠ ثم توليه ادارة الاعلام الخارجي العراقي اواسط عام ١٩٩٠ ، ثم وظيفة وكيل وزارة الثقافة والاعلام عام ١٩٩١ وعمله عام ١٩٩٩ كسفير للعراق في النمسا وسفير غير مقيم في سلوفاكيا وممثل دائم للعراق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة الامم المتحدة للتنمية الصناعية ومكتب الامم المتحدة والمنظمات الدولية الاخرى في فيينا، واخيرا الى منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية ثم وزير الخارجية في شهر نيسان/ابريل عام ٢٠٠١ .
وقد قدم البرنامج بعض الجوانب الاجتماعية من شخصية ابن حديثة البار الدكتور ناجي صبري الحديثي . فتناول نشأته وطفولته وصباه ودراسته وتعليمه الاساس في عروس الفرات مدينة حديثة الجميلة. وعرض البرنامج صور فاتنة عن حديثة وشط الفرات الخالد ونواعيرها وبساتين نخيلها وبيئتها الغنية بالتنوع الطبيعي والجغرافي .
وتطرق البرنامج الى نشأة ابن العراق البار في بيت ظللته الممارسات النضالية الوطنية لشقيقيه المرحومين شكري ومحمد . وقدمت المقابلة جوانب من اهتمامات الدكتور ناجي الحديثي التعليمية كاستاذ جامعي في العراق وقطر . وكانت لقطات جميلة حينما قدم البرنامج صور وأحاديث لاثنين من أولاده واربعة من احفاده . وتناول البرنامج بالتفصيل مرحلة قيادة الدكتور ناجي البارعة والفذة للدبلوماسية العراقية بعد ان اختاره الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله وزير ا للخارجية في أصعب مرحلة في تاريخ العراق المعاصر. وقد نجح الوزير الدكتور ناجي بقدراته الدبلوماسية الفائقة وبفضل تفانيه وجهوده الجبارة في فتح ابواب الدول العربية الموصدة منذ ١٩٩٠ وكسب تأييدها للعراق في معركته ضد الحصار الظالم وضد الاعتداءات والانتهاكات والتهديدات الاميركية والبريطانية لسيادته وأجوائه. وقد تمكن عميد الدبلوماسية العراقية من تحييد ثلاث دول عظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن وابعادها عن خطط التحالف العدواني الاميركي – البريطاني. وتوج كل ذلك بنجاحه الباهر في احباط الحملة الدبلوماسية العالمية الهائلة التي قادتها اميركا لتمرير مشروع الغزو والاحتلال عن طريق الامم المتحدة.
وكما عهدناه في كل مقابلاته التلفزيونية والصحفية تحدث الوزير الدكتور ناجي صبري الحديثي بكلام جميل صريح عن الشخصية الفذة للرئيس القائد الشهيد صدام حسين ونهجه القيادي المسؤول والواثق والمتفتح في التعامل مع الوزراء والمسؤولين وكل محدثيه.
وقد لقيت مقابلة الدكتور ناجي الحديثي هذه ترحيب واهتمام واسع النطاق من قبل ملايين العراقيين في العراق والخارج ومن الاخوة العرب. وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات العراقيين والعرب الذين رحبوا بالمقابلة واشادوا بحديثه ودوره الحاسم في مقارعة مشروع اميركا وبريطانيا واسرائيل لغزو العراق وحرمانهم من شرعنته وتمريره عبر المنظمة الدولية. واعربوا عن اعتزازهم به وسعادتهم لمشاهدة مقابلته والاستماع لحديثه. وقد تأثر ملايين العراقيين والعرب حينما ذرفت عيني الوزير الحديثي دموع الحزن على اضطراره لمغادرة وطنه وأهله وأحبائه بعد اعلان الاحتلال الاستعماري للعراق .
وقال الالوف من الذين علقوا على هذا المشهد إنه قد أبكاهم .
ومن المؤسف انه في مقابل كل هذه الملايين من العراقيين والعرب، الذين أبدوا أعجابهم بالمقابلة، هناك شلة من الاصوات النشاز لايزيد عددهم على اصابع اليد الواحدة انبروا لنشر الشتائم والتلفيقات ضد الوزير الحديثي. فقد أغاظهم هذا النجاح المنقطع النظير للمقابلة ومحبة ملايين العراقيين والعرب لابن العراق الوفي الفارس ناجي الحديثي. كبير هؤلاء كان مديرا في وزارة الاعلام فبقي خارج العراق طيلة العدوان الثلاثيني عام ١٩٩١ فعاقبه الرئيس الشهيد لتخاذله وتخليه عن واجبه الوطني والوظيفي بتنزيل درجته الى موظف عادي وطرده من الاعلام. وقد حَشد ثلاثة من اتباعه للمشاركة في حملة التشهير الرخيصة . والمنحرف الاخر الذي اغاظته المقابلة وسعة الترحيب بها هو موظف مطرود من وزارة الخارجية لهروبه الى المانيا والتحاقه بالمعارضة العميلة.
ولعل لسان حال الوزير الدكتور ناجي صبري الحديثي يردد ما قاله الشاعر الكبير المتنبي قبل عدة قرون:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني كامل
وهنا اتذكر إنني، في احدى مقابلاتي للرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله في سجون الاحتلال وكان معي القانوني الاميركي السيد رامزي كلارك واحد الزملاء المحامين العرب، تحدثت له عن الوضع المتردي في ظل الاحتلال، وسألته هل استنفدت الحكومة العراقية قبل الغزو كل السبل لتفادي الوصول الى هذا الوضع، فتحدث رحمه الله بالتفصيل عما فعله العراق لتجنب الحرب والعدوان. وقال ان وزير الخارجية الدكتور ناجي صبري الحديثي بذل جهود كبيرة بكل مثابرة وكفاءة ومقدرة دبلوماسية على جميع الاصعدة العربية والدولية لتفادي الحرب، وانه نجح في افشال الضغوط الاميركية والبريطانية الهائلة على مجلس الأمن لاصدار قرار الغزو من الامم المتحدة. واكد ان الوزير دكتور ناجي صبري الحديثي قد حظي بثقته العالية وإنه قدم له كل الدعم . هنا قلت للرئيس الشهيد بالمناسبة هناك بضعة عناصر مشبوهة تشهّر بالوزير فقال لي نصاً: ((سلم لي على ابو محمد، وقل له ان لا يهتم لهكذا سخافات. نحن نعرف رجالنا الخُلّص الأوفياء، وهذه حملة مشؤومة مقصودة نعرف أهدافها. وقل للدكتور ناجي ان ثوبك نظيف وابيض بياض هذا القميص)) وأشر على قميصي.