الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية

الإرهاب ظاهرة محلية أم دولية
ضرغام الدباغ
يمثل الإ رهاب ظاهرة إجرامية أو سلوك منحرف عن قواعد السـلوك الاجتماعي السليم، بأعتبار أن السلوك الإجرامي، سلوك يصدر من إنسان يعيش في بيئة معينة ووسط مجتمع معين، ومن ثم فهو سلوك اجتماعي منحرف، مما لا ريب فيه أن الإرهاب، على اختلاف أهدافه ووسائله، هو نتيجة لأسباب وظروف مختلفة متعددة منها أ سباب سياسية وأخر ى ا اقتصادية واجتماعية ونفسية .. الخ، ودراسة هذه الأسباب تستلزم تفحص دراسة معظم المشكلات المعقدة التي تواجه الأفراد والمجتمع الدولي على حد سواء، والتي تكمن فيها أسباب الإ رهاب ظاهرة للعيان أو كامنة.
والإرهاب هو مفهوم قانوني لكن له أبعاد سياسية ، وهذا انعكس ف ي مسألتين، كانتا سببا في عدم التوصل إلى نتائج حقيقية بصدد إيجاد معالجة شاملة مؤكدة للقضاء على الإرهاب.
- الأولى في عدم تناسق الآراء الدولية بشأن أسباب الإرهاب.
- والثانية في عدم توحد الآراء الدولية بشأن تعريف موحد يعكس حقيقة ال مفهوم في ظل الوضع الدولي الحالي ، وصولا إلى وضع اتفاقية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب .
والإرهاب بوصفه ظاهرة دولية وتاريخية، تكررت في ظروف وعصور مختلفة، ولم تقتصر على فئة من الدول وا لمجتمعات، انتشرت في البلدان النامية أو الصناعية، وواجهت الدول )حكومات ومشرعين( الإرهاب بصورة متفاوتة أيضا سواء بالقوانين أو بالوسائل الثقافية والإعلام.
وإذا كان مواجهة الإرهاب الداخلي )ضمن حدود الدولة وسيادتها( أسهل من مواجهة الإرهاب على الصعيد الدولي، سواء في التشريعات القان ونية، أو في سبل التصدي له.
أما الإرهاب الدولي فينجم عنه نتائج وآثار تتعدى نطاق المنطقة أو القارة، إلى حدود عالمية.
ــ إن التفريق بين ال إرهاب والتطرف هي مسألة معقدة، وذلك لشيوع التطرف والإر هاب.
فالإرهاب هو ذروة التطرف في حدوده القصوى، ومع ذلك فالتفرقة ضرورية. ويمكن رسم أوجه الاختلاف بينهما من خلال النقاط التالية: التطرف يرتبط بالفكر ، والإر هاب يرتب ط بالفعل. إذ أن التطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار تتجاوز قدرة الفعاليات السياسية الاجتماعية والدينية، التي تستبعد عادة الممارسات العنيفة التي في تواصلها تؤدي إلى الإر هاب.
ـــ يعد الإرهاب من الظواهر الاجتماعية التي تنشأ وتترعرع في ظل عوامل نفسية واجتماعية خاصة ، وتحت ظروف سياسية واقتصادية وثقافية معينة ، وتشترك جميع هذه العوام ل والظروف
بشكل أو بآخر في إفراز ظاهرة الإرهاب في الواقع الاجتماعي ، ومن ثم فإن أية معالجة جادة لهذه الظاهرة تتطلب إصلاحا حقيقيا في جملة هذه العوامل والظروف التي تساعد على وجود هذه الظاهرة .
التطرف في إطاره الفكر ي يؤدي عندما يلجأ الفكر المتطرف إلى أنماط عنيفة من السلوك من اعتداءات على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح وصولا إلى تشكيل التنظيمات المسلحة التي تستخدم في مواجهة المجتمع والدولة، عندئذ يتحول إلى إرهاب.
وإذا كان التطرف الفكري فيحدوده الثقافية، لا يعتبر جريمة يعاقب عليه القانون ، فالتطرف هو حركة اتجاه القاعدة الاجتماعية
والقانونية ومن تم يصعب تجريمه، فتطرف الفكر لا يعاقب عليه القانون باعتبار هذا الأخير لا يعاقب على النوايا والأفكار، بينما الإرهاب هو فعل ينجم عنه الرعب والاعتداء على أفراد المجتمع وممتلكاتهم، جريمة يعاقب عليها القانون، فالسلوك الإرهابي ذو التطبيقات الإعتدائية، هو حركة عكس القواعد القانونية التي يقبلها المجتمع، ومن تم يتم تجريمه.
يختلف التطرف عن الإرهاب أيضا من خلال طرق معالجته فالتطرف في الفكر، تكون وسيلة علاجه هي الفكر والحوار أما إذا تحول التطرف إلى تصادم فهو يخرج عن حدود الفكر إلى نطاق الجريمة مما يستلزم ت غيير مدخل المعاملة وأسلوبها
ــ وهكذا يدور التهديد في منظومة متكاملة تبدأ بالتطرف الفكري، ثم بالممارسات العنيفة، الاعتدائية ثم تشع بآثارها على مجالات الاقتصاد والسياسة والمجتمع، مما يطرح ضرورة التصدي له فكريا وإعلاميا ، وسياسيا ، ولنتائجه المادية بالوسائل الأمنية، لتحييد آثاره ونتائجه.
ـــ وبالرغم من التحذيرات التي تطلقها دول ومؤسسات عالمية من الإرهاب العالمي يتطور ليصبح أحد أهم مشكلات القرن الواحد والعشرين، إلا أن الفقه القانوني الدولي يفتقر إلى التعريف الحاسم والواضح للظاهرة الإر هابية، وفي غياب للموضوعية في تحديد الإرهاب، فسيلجأ العض إلى الإرهاب الفعلي بداعي مكافحة الإرهاب، ويفلت مجرمون من الحساب، ولابد من ذكر أن الدول العظمى هي من تعارض وضع تحديد قانوني واضح للإرهاب، ليكون بالتالي من مهمات المجتمع الدولي بأسره.
إن المواثيق الدولية التي تدعو لمحاربة الإرهاب، هب نفسها التي أقرت حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والاستعمار في النضال العادل والمشروع من أجل أسترداد حقوقها ونيل أستقلالها وسيادتها. ومن أهم تلك القرارات:
- قرار الجمعية العامة 1514 / .1960
- وقرار الجمعية العامة 1034 / .1972
- وقرار الجمعية العامة 3103 / .1973
- معاهدة قمع واحتجاز الرهائن / .1979
وفي عام 1972 طالب الأم ين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم في تقريره للجمعية العامة،بإن من المستحسن عد البحث في ظاهرة الإرهاب المعقدة دون أن يؤخذ في الأعتبار الخلفيات المسبب للإرهاب في أرجاء عديدة من العالم، محملا الدول العظمى القسط الأكبر من المسؤولية عن تفشي ظاهرة الإرهاب بسبب:
.1 ممارسة حق النقض )الفيتو( في مجلس الأمن وتهاون الدول العظمى في واجباتها التي
نص عليها ميثاق الأمم المتحدة.
.2 تواطؤ الدول الكبرى وتحيزها أدى إلى فشل منظمة الأمم المتحدة في تحقيق التعاون
الدولي وحل المشاكل.
.3 أغتصاب الشعوب المستضعفة، ألحق بها ظلما وحرمانا ، وفشلت الأمم المتحدة في التعويض عليها.
الأمين العام أكد على أمرين أساسيين لمعالجة ظاهرة الإرهاب:
.1 إذا كانت هناك أعمال إرهابية تستحق العقاب، إلا أنه هناك أعمالا أخرى ترتبط بقضايا سياسية واجتماعية نابعة من المظالم التي تعاني منها الشعوب المقهور ة.
.2 أنه إذا كان لابد من القضاء على الإرهاب، فإنه يتحتم التعرف على مسبباته أولا .
وبتقديرنا، ويتفق معنا جمهرة كبيرة من علماء القانون والسياسة، أن الوسيلة الفعالة للقضاء على
الإرهاب تكمن في:
.1 التوصل إلى تعرف محدد شامل للإرهاب وتميزه عن المقاومة المشروعة.
.2 منح الأمم المتحدة )الجمعية العامة( دورا أكبر في المناقشات وإصدار القرارات الملزمة.
.3 الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة.
.4 معاقبة الدول التي تمارس ” إرهاب الدول ” على شعبها.
.5 تحديد أبعاد الفقه القانوني لقضايا الإرهاب، وتجنب الاستخدام العشوائي للمصطلح.
.6 الكف عن نهب الثروات الطبيعية بقوانين تسهل النهب وتشرعه، مما يؤدي إلى حالة من
الفقر، تسهل ظروف قيام الإرهاب.
.7 الكف عن سياسة التهديد والابتزاز الذي تمارسه الدول بحق دولا أخرى.
.8 إطلاق لغة الحوار والسعي نحنو تفهم رأي والرأي المقابل.
إن فساد الدولة في عصر العولمة بات أشبه بداٍء أممي عضال يرتشح عبر الدول ويتفاعل فيها بمستويات مختلفة تتدرج من الديمقراطيات الليبرالية التي تخال نفسها ”نظيفة“ منه، في الوقت الذي ُتسهم في و/أو تتغاضى عن تمكين هذا الداء لدى الدول ا لضعيفة، صعودا إلى بعض الأنظمة الكليبتوقراطية ) Kleptocrat)التي تتخذ من الفساد نظاما لحوكمتها فتتحول بالنتيجة إلى للعنف والتطرف والإرهاب. وان الفساد الإداري يعد جريمة في معظم البلدان .
يمكن القول أن عوامل مختلفة تقف وراء شيوع هذه ال ظاهرة تتناغم ف ي شدتها ودرجتها طرديا مع تنامي ظاهرة الفساد منها عدم وجود نظام سياسي ف عال يستند إلى مبدأ فصل السلطات وتوزيعها بشكل انسب أي غياب دولة المؤسسات السياسية والقانونية والدستورية وعند هذا المستوى تظهر حالة غياب الحافز الذاتي لمحاربة ا لفساد في ظل غياب دولة المؤسسات وسلطة القانون والتشريعات تحت وطأة التهديد بالقتل والاختطاف والتهميش والإقصاء الوظيفي.
وهناك عامل آخر يتعلق بمدى ضعف الممارسة الديمقراطية وحرية المشاركة الذي يمكن أن يسهم في تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي ذلك أن شيوع حالة الاستبداد السياسي والدكتاتورية في العديد من البلدان يسهم بشكل مباشر في تنامي هذه الظاهرة وعندها يفتقد النظام السياسي أو المؤسسة السياسية شرعيتها في السلطة وتصبح قراراتها متسلطة بعيدة عن الشفافية، فضلا عن حرية نشاط مؤسسات المجتمع المدني. ان المشكلة التي تواجه عمليتي
الشفافية والمساءلة تكمن في طبيعة التشكيلة السياسية المبنية على أساس المحاصصة ، والتي وفرت غطاء للإفساد والفساد والافلات من الحساب او المساءلة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتعدد التسميات التي لها دلا لة على طبيعة أنظمة الحكم ف ي العالم، كالأنظمة الديمقراطية أو الأوتوقراطية أو الثيوقراطية أو البيروقراطية أوالارستقراطية أوالتكنوقراطية أو الكليبتوقراطية
ــــ مفهوم الكليبتوقراطية
يعود أصل كلمة الكليبتوقراطية إلى اليونا نية من كلمتي كليبتو Κλεπτο – والتي ت عني لص، وكلمة قراط κρατ – والتي تعني حكم، ومن هنا بإمكاننا ترجمة الكليبتوقرا طية “بحكم
اللصوص”. وهو نمط الحكومة الذي يراكم الثروة الشخصية والسلطة السياسية للمسئولين نون الكرب الحكوميين والقلة الحاكمة، الذين يكو توقراط، وذل ك على حساب الجماعة. وعادة ما يكون ن ظاام الحكم في تلك الحكومات في الأصل ديكتاتوريا أو استبداديا ، ومع ذلك فقد تظهر الكليبتوقراطية في بعض النظم الديمقراطية التي انزلقت من الأولغارشية .
والكِليبتوقراطية مصطلح يرد تفسيره في معجم العلوم السياسية؛ بكونه تعبيرا عن نظام حكم جوهره الفساد واللصوصية أ و نهب الثروات العامة. وتقوم سلطة الفساد على وحدة مكينة بين السلطة السياسية وسلطة مافيات لصوصية تسطو على الثروة العامة بوسائل عديدة يتم شرعنتها، بآليات عمل حكومية ر سمية عبر برامج مشروعات وهمية وأشكال من ألت ُفتضح من أمور للجان تحقيق إحالة ما ي ي ة تنهض بمهمة تمييع القضايا وسط تراكمها وكثرتها وضخامة ما فيها وفوضى ما ينثر حولها .
كما الارهاب :الإرهاب هو وسيلة من وسائل الإكراه في المجتمع الدولي، لا توجد لديه أهداف متفق عليها عالميا ولا ملزمة قانونا، ويع رفه القانون الجنائي على أنه تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف، ويكون موجها ضد أتباع فئة دينية وأخرى سياسية معينة، أو هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد، أو تجاهل سلامة غير المدنيين. ولكن ينبغي أن يفهم الجميع، لاسيما من يعمل في صناعة القرار، بأن معالجة الجهل السياسي لا يتعلق بالمزاج الفر دي او ظرفه، بل هي قضية تهم حياة المجتمع أولا، ومن البديهي أن يتم رفض غير المثقف سياسيا ومنعه من العمل في الشؤون السياسية بسبب الكوارث التي يمكن ان تضر بالدولة، لهذا تم تحديد الضوابط ومنها الشهادة الدراسية، لكي يتم ضمان تحصيل الثقافة في مستواها الأدنى لمن يتقدم للعمل في السياسة.