الصحافه

تسعير السلع الأساسية… فرصة أخيرة أمام الحكومة لإنقاذ الملايين من قبضة التجار… ورحيل مدبولي بات وشيكا

تسعير السلع الأساسية… فرصة أخيرة أمام الحكومة لإنقاذ الملايين من قبضة التجار… ورحيل مدبولي بات وشيكا

القاهره / حسام عبد البصير

 في اطار المساعي الرامية لترشيد الإنفاق استعرض الدكتور محمد معيط وزير المالية، جهود قطاع الحسابات والمديريات المالية، في متابعة تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء، برفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتعظيم الإيرادات، وقرار ترشيد الإنفاق العام، في الجهات الموازنية والهيئات العامة الاقتصادية، في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة، لافتا إلى أن قرار ترشيد الإنفاق لا يسري على وزارة الصحة والسكان، والجهات التابعة لها والمستشفيات الجامعية، وغيرها من الجهات القائمة على تقديم الخدمة الصحية والرعاية الطبية، وكذلك الجهات القائمة على تدبير السلع التموينية، والمواد البترولية والغاز ومشتقاتهما، والاعتمادات المالية المدرجة في موازنات الجهات لعلاج العاملين وغيرهم مثل الطلاب، والإعانات التي تصرف لهم، والمقابل النقدي للعاملين في المناطق النائية، وكل المخصصات المالية المدرجة لدعم السلع التموينية، والمعاشات الضمانية و«تكافل وكرامة». وقال الإعلامي مصطفى بكري، إن الحكومة الحالية قد تتقدم باستقالتها عقب أداء حلف اليمين للرئيس المصري المنتخب. وأوضح خلال تقديم برنامج «حقائق وأسرار»، المذاع على قناة «صدى البلد»، مساء الخميس الماضي، أن الفترة المقبلة ستشهد تغييرا في الحكومة مع الرئيس المنتخب، ذاكرا أن الفترة المقبلة ستشهد أيضا عملا كبيرا من أجل المواطن المصري. وكشف عن توقعه بأن يتولى الدكتور مصطفى مدبولي منصبا مهما بعد استقالة الحكومة، وأن تكون شخصية رئيس الوزراء الجديد، شخصية لها وزنها وثَقلها في المجتمع المصري، وتحظى بثقة القيادة السياسية المصرية، معقبا: «ما كان بالأمس لن يكون اليوم، الدولة حققت إنجازات كثيرة، لكن من المؤكد أن الرئيس وضع رؤية اقتصادية مختلفة منحازة للمواطنين، بعد ما حدث من آثار وتبعات للأزمة الاقتصادية». وذكر أن الرئيس السيسي، يحمل هموم المواطن المصري، ولكن هناك توجها نحو ضبط أكثر للسلع والأسواق، وهو ما تمثل اليوم في إعلان الحكومة عن تسعير 7 سلع أساسية، مضيفا: «نريد تسعير كل السلع لأن جشع التجار دمّر حياة المواطن، لذا لا بد من النظر إلى أحوال المواطنين خلال الفترة المقبلة، فهناك حاجة لحكومة لها سمة اقتصادية وتضم خبراء معنيين ولديهم القدرة على التواصل مع المواطنين». وتابع: «المواطن في حاجة إلى فترة جني الثمار، الدولة قدمت إنجازات كثيرة، ومن ثم الفترة المقبلة فترة مهمة جدا لتنفيذ أجندة الإصلاح السياسي والاقتصادي والمجتمعي».
نصائح ثمينة

نصائح ثمينة أهداها حسين خيري استقاها من إلهام المقاومة الفلسطينية وشعبها الصابر كما قال في “الأهرام”: تعلم من الشاب الغزاوي أن تجعل من الهم جسرا تعبر عليه، وتعلم من الفتاة الغزاوية المكلومة ألا تستسلم إذا فقدت الأحبة، فإن هناك عشرات الأيادي من قومها تمتد إليها لترفعها مكانة عليا، والكل في سباق لجبر خاطرها، وتعلم من الشيخ الغزاوي أن سواعده تستطيع إعادة رفع قواعد بيته المدمر مرة ثانية، وأن لديه القدرة على تحويل ركام منزله إلى بناء شاهق. وتعلمت أمهات لا حصر لهن من الأم الفلسطينية الثكلى أن عطاء الأمومة لا يعرف شحا ولا أنانية، وأن يكون العطاء بلا حدود، لكي يصل إلى أبناء بلدتها كافة، وتعلم آلاف الصغار من حول العالم من طفل غزة، أن الحكمة ليست حكرا على كبير السن، وتعلم الرجال من أبطال غزة أن الشريف من عاش حرا مرفوع الرأس، وفي كل يوم يتعلم المشاهدون من حول العالم من ثبات أهل غزة أنه لا مكان للضعيف على الأرض؛ ولذا يصدق على المواطن الغزاوي وصف الشاعر العربي مصطفى الغلاييني: لا يرتضي الذل أن ينزل به أبدا إلا الجبان الوضيع النفس والشيم. إنها صور حية يقف الإنسان عاجزا عن وصفها، غير أنها دروس ومواقف بطولية استقوها من قدوتهم النبي محمد “صلى الله عليه وسلم”، كان فردا فصار أمة، فأصبح الواحد اثنين بعدما أخبر أم المؤمنين خديجة بنزول الوحي، ثم بشرته أن الله لن يخزيه، وقدمت له كل غالٍ ونفيس حتى تنتشر دعوته، ولم تمر سويعات حتى آمن معه أبوبكر دون تردد، ليصير أول رجل في أمته، ويكرر عطاء سيدة أهل الجنة، ويعطي للنبي “صلى الله عليه وسلم” كل ماله بنفس راضية، ويطمئن الحبيب أنه ترك الله ورسوله لأولاده.

قدوتهم الصحابة

هكذا والكلام ما زال لحسين خيري تتلمذ الفلسطينيون على موائد الصحابة، وكانت مرآتهم ثبات المؤمنين الأوائل خلف الرسول، وتتعلق في أذهانهم بشرى سيد الخلق لآل ياسر بأن موعدهم الجنة، رغم أن أيدي طغاة تنزع أحشاءهم، وإذا بآلامهم وأحزانهم تشدو بصرخات البشرى بلقاء الله. ولا تلين عزيمة الصحابة، بل تزيد إصرارا على كسر حصار صناديد قريش لهم، ولم تكن لغة الاستسلام أحد مفردات أدبياتهم، وفي خضم هذه الفعاليات أخذت تتشكل ملامح دولة الإسلام، ويفتح رسول الله مكة، ويحطم أصنام الكعبة، ويطهرها من تدنيس الشرك، ويستمر القائد في مسيرته ومن ورائه رجال كان دستورهم النصر أو الشهادة. وأصبح دستورا لكل رجال الأمة على مر العصور، وهو ما سجله التاريخ في موقعة حطين، وفي معركة بلاط الشهداء التي دارت في رمضان 114هـ، وفي فتح الأندلس على يد طارق بن زياد، وفي عين جالوت في 25 رمضان عام 658 هـ، وفي حرب أكتوبر/تشرين الأول في العاشر من رمضان. ويتلقف رجال غزة، بل كل الفلسطينيين تلك الروح الإيمانية الصلبة من الأوائل والسابقين من رجال أمة محمد “صلى الله عليه وسلم”، ويضعونها نصب أعينهم، لتكون وسيلتهم في تحرير المسجد الأقصى، ويعتزمون على مواصلة جريان نهر روح المقاومة في نفوس الأجيال القادمة، رغم شدة وطأة نار حرب الإبادة الصهيونية. وفي النهاية يرسم صمودهم لوحة تبهر العالم، وتفجر مشاعر الغضب داخل الملايين، لتخرج المظاهرات الحاشدة من قلب عواصم كبار الداعمين، لكي تعلن رفضها لأول مرة لسياسة الصهيونية الدموية.

ليست مفاجأة

7 أكتوبر/تشرين الأول.. هل مثل مفاجأة؟ أجاب محمد رؤوف حامد في “الشروق”: التفكير بشأن مسارات ما بعد «7 أكتوبر» يحتاج للإدراك بأن هذا الحدث لم يكن بالكامل مفاجأة، الأمر الذي يرجع إلى سببين، أحدهما يختص بمنظومية المقاومة الفلسطينية، بينما يتعلق الآخر بمتغيرات في التحدي الذي يواجه الشعب الفلسطيني. عن السبب الأول، يمكن القول بأن انتفاضة الحجارة (1987) كانت تمثل البداية لمسار جديد في منظومة المقاومة، وأن حالة راقية من الوجود الثوري الفلسطيني بدت لنا وقتها تلوح في الأفق. طبقا لهذا الطرح، والمستند إلى المعرفة العلمية المتعلقة بالنمو الذاتى للمنظومات، دشّنت انتفاضة الحجارة بدء الحركية «الذاتية» لجماعة المقاومة الفلسطينية، التي جرت الإشارة إلى أنها تكتمل نضجا عبر مراحل خمس، حيث وُصفت المرحلة الخامسة باعتبارها مرحلة إنجاز «التكامل الارتقائي بين إمكانات الجماعة ككل». وعليه، جاء «7 أكتوبر» كعلامة على اقتراب منظومة الثورة الفلسطينية من (أو دخولها إلى) المرحلة الارتقائية الأعلى (أي «المرحلة الخامسة»)، التي بها، ومنها، يتنامى حاليا إدراك الرأي العام العالمي لوجودية المقاومة الفلسطينية كحركة تحررية. أما عن السبب الآخر، والمتعلق بالمتغيرات في التحدي، فيتمثل في تحول السياقات الدولية المؤثرة في القضية الفلسطينية، من الارتهان بتوازنات بين العملاقين السابقين (الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة) في ما قبل العولمة، إلى تحيزات وتحكمات مطلقة، من جانب القطب الدولي الأوحد.

تبدد الزيف

التفت محمد رؤوف حامد لتلك المعضلة التي كانت تواجه المقاومة: في ظل تحدٍ صار مصير النضال الفلسطيني مرتهنا، ليس فقط بمقاومة المغتصب الإسرائيلي، ولكن أيضا بمجابهة انحرافية النظام الدولي. من 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى النظام الدولي من هنا، صار 7 أكتوبر بمثابة «الجرس» التنبيهي لعوار النظام الدولي. لذا، نجد حركيات وسياقات «غزة ــ 7 أكتوبر» تتماس مع ما هو وطني (والمتمثل في مواجهة المغتصب الصهيوني)، ومع ما هو عولمي (والمتجسد في تغييب تطبيق القانون الدولي على إسرائيل). وعليه، من منصة 7 أكتوبر، يبزغ التساؤل المصيري: هل سيكون النظام الدولي (العولمي) السائد هو قدرُ غزة 7 أكتوبر وقدرُ المنطقة؟ أم ستكون غزة (وتحديدا المقاومة الفلسطينية) هي قدرهُ؟ التعامل مع هذا التساؤل يتطلب الانتباه لملامح عوار النظام الدولي قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، ثم التعرف على ما قد طرأ من انكشافات وتداعيات فيما بعده. على مدى عقود عانت المقاومة الفلسطينية قدرا محكوما (ومهيمنا عليه) بواسطة ممارسات دولية مرَضِية مقصودة، استهدفت منع تطبيق القانون الدولي على إسرائيل، وغض البصر عن الخروقات في ممارساتها، إضافة إلى نعت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب. من بين الممارسات الدولية المرَضِيَة يمكن الإشارة إلى، الترويج بأحقية إسرائيل في ممارسة الحرب ضد الشعب الفلسطيني دفاعا عن نفسها. رغم أنه طبقا للقانون الدولي، لا يحق لإسرائيل (كممارس للاحتلال) أن تشن حربا على الأراضي المحتلة، بينما، في المقابل، يقر القانون الدولي بمشروعية حق المقاومة من جانب الذين يقع عليهم الاحتلال، أي الشعب الفلسطيني. لقد بزغ 7 أكتوبر من خارج أي خيال، سواء كإنجاز راقٍ للمقاومة الفلسطينية، أو ككشف لمواطن ضعف إسرائيل، أو كبوابة لطوفان من الانكشافات والتداعيات، المحلية والدولية. وقد تضخمت «الانكشافات» إلى حد أن ساهمت بقوة في تصحيح «إدراكات» شعوب العالم بخصوص الحق الفلسطيني.

عشم إبليس في الجنة

طالبت القيادات العسكرية الإسرائيلية حماس بالاستسلام، لكي توقف القوات الإسرائيلية إطلاق النار، وتنهي تلك الحرب الوحشية، وفورا كما قال عبد القادر شهيب في “فيتو” جاء إسرائيل الرد من مقاتلي حماس في حي الشجاعية في مدينة غزة بالإيقاع بقوة عسكرية من قوات النخبة في كمين، أسفر عن قتل وجرح عدد كبير من الجنود والضباط الإسرائيليين.. وهو الأمر الذي وصفه القادة الإسرائيليون بالكارثة.. غير أن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط، وإنما يعد بمثابة تأكيد جديد على عدم جدوى انتظار الإسرائيليين استسلام حماس والمنظمات المسلحة الأخرى في قطاع غزة، مما يزيد الضغوط عليهم لإيقاف هذه الحرب التي تلحق بهم يوميا الآن خسائر بشرية فادحة. وحتى لو أنهكت حماس والتنظيمات المسلحة الأخرى، وهذا أمر ليس مستبعدا في ظل ضراوة القصف الإسرائيلي بالطائرات والدبابات، والحصار الجائر الذي تفرضه إسرائيل على أهالي القطاع وعدم وجود إمدادات عسكرية، كما هو حال إسرائيل التي تحظى بدعم عسكري كبير من أمريكا، فإن هذا لا يعني توقف عمليات المقاومة المسلحة للقوات الإسرائيلية في أراضي القطاع، طالما بقيت تحتل مواقع في هذه الأراضي. صحيح أن قيادي حركة حماس موسى أبو مرزوق، تحدث عن موافقة الحركة للانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية، وقبولها بحل الدولتين، إلا أن ذلك لا يعني أنها مستعدة لأن تستسلم هي وبقية المنظمات الفلسطينية الأخرى المسلحة.. ولعل إسرائيل خبرت ذلك في حروبها السابقة ضد أهالي القطاع.. فإن الاحتلال يستدعي المقاومة المسلحة له، وهذا ما عرفته كل الشعوب التي تعرضت لاحتلال عسكري.. فما بالنا باحتلال بشع، يدمر ويقتل ويخرب ويحاصر ويصادر مقومات الحياة، كما هو الاحتلال الإسرائيلي. باختصار حتى لو استسلمت حماس، سوف تظهر حماس أخرى.

باسم الإنجيل

نتحول نحو صورة رائعة من صور التكاتف الوطني ودعم الشعب الفلسطيني متجسدة في جمال أسعد عبد الملاك في “المشهد”، الذي بدأ متسائلا: ما هي حكاية هذا العنوان “التفسير الإسلامى للإنجيل”؟ الحكاية أن أحد رجال الأعمال المسيحيين عن أحداث غزة قال: (نحن كمسيحيين يجب أن نقف مع المظلومين). فكان رد أحد المتأمركين الذين كانوا مصريين اسما، أن هذا الكلام هو تفسير إسلامي للإنجيل، وأضاف هذا المدعي الذي يتاجر بما يسمى باضطهاد الأقباط في مصر، لصالح منظمات دولية أمريكية صهيونية قائلا: إن المسيحيين مع إسرائيل في كل ما تفعل ومع احتلالها لفلسطين لأنها هي أرض الميعاد التي وعدها بها الله. وأضاف أن الفلسطينيين هم إرهاب إسلامي يعتدي على الشعب الإسرائيلي، وأن اليهود هم أقرب لنا من المسلمين. بداية، فتعبير تفسير إسلامي للإنجيل هي حالة إرهاب وترهيب للمسيحي المتعاطف إنسانيا (حتى بعيدا عن السياسة) مع الشعب الفلسطيني، الذي يمارس عليه وضده كل أنواع الاضطهاد الحقيقي، والاستبداد المقيت والمذابح الإنسانية التي تجاوزت كل الحدود فهل، أيها المتاجر بكل القيم، أن التفسير المسيحي للإنجيل، يؤيد ويقر بهذه المذابح غير الإنسانية؟ في الوقت الذي يقول فيه السيد المسيح (أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم إلخ)؟ أم أن كلامك التافه هو التفسير اليهودي والصهيوني للإنجيل؟ حيث أن توراتهم تقول لهم وتدفعهم وتأمرهم بأن يكونوا إرهابيين، باسم إلههم وتوراتهم. يقول أشعيا ما معناه (يقول الرب إذا دخلتم قرية اقتلوا الرجال والنساء والأطفال وأحرقوا وأبيدوا كل شيء) فهل هذه النصوص التوراتية المقدسة بالنسبة لليهود تتوافق مع القيم والمبادئ والأخلاق المسيحية؟ أم تتوافق مع من؟ فهل تعلم أن داوود ملك إسرائيل بعد انتصاره على جليات الفلسطيني لم يكتف بذلك بل قام بقطع رقبته عن جسده؟ (قمة الإرهاب).

فكر خاطئ

هل المسيحية تعلمنا ألا نقف مع المظلومين فمع من نقف؟ يمضي جمال أسعد في أسئلته المهمة: مع الظالمين وقتلة الأنبياء والمرسلين إليها، كما قال السيد المسيح؟ وهل عندما قال المسيح (كنت جوعان فاطعمتموني كنت عريان فكسوتموني كنت عطشان فسقيتموني، إلخ. فقالوا له متى رأيناك حتى فعلنا معك كل هذا؟ فقال كل ما تفعلوه مع الفقير والمحتاج والمظلوم قد فعلتموه معي). إذا كان الأمر كذلك، فلا تقحمون المسيحية والأديان في تبرير مخططاتكم الحقيرة وأغراضكم الدنيئة. فهذه مصالح سياسية استعمارية تبررونها بفكر ديني خاطئ. فهذا المسيحي الصهيوني لا علاقة له بصحيح المسيحية، ولكنه يؤدي دوره المرسوم له حتى يحقق ذاته المريضة، ويرضي تخيلاته المزعومة. أما هذا الفكر الديني الخاطئ الذي تم بعد اختراق اليهودية الصهيونية للمسيحية، بحجة أن العهد الجديد هو تكملة للعهد القديم، أي أنه يجب أن يؤمن المسيحي بكل ما جاء في العهد القديم حرفيا، وهذا لا علاقة له بالمسيحية. فالعلاقة ليست حرفية (الحرف يقتل أما الروح فتحيي) ولكن هي علاقة بالنبوءات التي تنبأت بمجيء السيد المسيح. فإذا جاء المتنبأ به بطلت النبوة. أما أن اليهود أقرب للمسيحي، فبأي أمارة يكون هذا أيها اليهودي الصهيوني؟ فاليهود لم يؤمنوا بالمسيح وما زالوا ينتظرون مجيئه في شكل حاكم عسكري جبار قاهر في الحروب. فمسيحهم غير المسيح المحب الذي مملكته ليست من هذا العالم. المسيح الذي تكلم عنه القرآن أنه روح الله، وأضفى عليه كل الألقاب التي تناسب قدره وقيمته. اليهود هم من يسبون السيدة مريم العذراء، التي كرمها القرآن كسيدة لنساء العالمين، إلخ. فكيف يكون اليهودي أقرب للمسيحي وهو رافض للمسيح والمسيحية، بل هم الذين صلبوه وقالوا (دمه علينا وعلى أولادنا). إنه الفكر الديني الخاطئ الذي يستغل الديني لصالح السياسي. إنه الفكر الديني الذي يبرر ويؤكد صراع الحضارات والديانات والثقافات لصالح الاستعمار والصهيونية. مع العلم أن الصراع الديني هو أسوأ أنواع الصراعات فالجميع يخسر.

صحوة الأحزاب

فى الانتخابات الرئاسية الحالية، التي ستعلن نتيجتها النهائية يوم الاثنين المقبل، والتب بدأت بوادر إرهاصاتها تتدحرج شيئا فشيئا، كما أوضح عمرو هاشم ربيع في “الشروق”، ظهر للجميع أن هناك جهدا كبيرا للغاية بذلته الأحزاب السياسية لحشد وحث المواطنين على الاقتراع. هذا الجهد لم يقتصر على أيام الاقتراع الثلاثة في الداخل، بل سبقه قيام بعض الأحزاب ببدء تدشين حملات منظمة لتعبئة المؤهلين للاقتراع في هذا الاستحقاق الدستوري المهم. اللافت للنظر في تلك الحملات أنها حتى الآن ووفقا للنتائج التي تتسرب من هنا وهناك، أن تلك الأحزاب قد نجحت في هذا الحشد، حتى إن المتحدث باسم الهيئة الوطنية المستقلة للانتخاب، أعلن بعد منتصف اليوم الثاني للاقتراع، أن نسبة الاقتراع في الداخل وصلت لحد 45٪، وهي بالطبع نسبة مرتفعة، وتشير إلى أن النتيجة العامة ربما تفوق الـ 50٪. الأحزاب السياسية المصرية معروف عنها مع الخلاف في الدرجة أنها ضعيفة، ووضعها كما يصفها قيادات ونخب الأحزاب ذاتهم، تحتاج إلى وقفة، بسبب أوضاعها البعيدة كل البعد عن التفاعل مع الشارع، ما جعلها تفتقد للعضوية، وهو ما يلاحظ في طغيان وميل الشعب المصري الجارف لظاهرة الاستقلال عن العمل الحزبي خاصة، والسياسي والعام، عامة. وكل ذلك يمكن ملاحظته منذ التعددية الحزبية الثالثة في مصر المعلنة بقرار فوقي من رئيس الدولة أنور السادات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 1976. على أن الناظر إلى العديد من الأحزاب، حتى تلك التي لم تشارك بالدفع بمرشحين في انتخابات الرئاسة، يجدها قد نشطت بشكل فوري ومفاجئ، وبأداء منظم بغض النظر عن تقييمه القانوني من وجه نظر قانون انتخابات الرئاسة، أو قانون مباشرة الحقوق السياسية أو الهيئة الوطنية للانتخابات.

فعلت ما يلي

تلك الأحزاب، كما أخبرنا عمرو هاشم ربيع، سارعت في الحشد والتعبئة وعقد المؤتمرات، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، لحث المواطنين على الاقتراع في أيام الانتخاب الثلاثة، وأوكل بعضها شأن تلك التعبئة، وهذا الحشد لحملات من قبيل «حملة مشارك» أو «كلنا هنشارك» وغيرها من أسماء الحملات، حتى إن المرء بدأ يتعرف بالفعل على أسماء أحزاب لم يكن يعلم بوجودها أصلا على الساحة الحزبية، من خلال نشاطها في الحشد في انتخابات الرئاسة الحالية. كل تلك الأمور أدهشت المراقبين، لاسيما أنها مع أعمال أخرى قامت بها أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، ترجمت على الأرض بحشد كبير قلما سمعنا عنه في أي انتخابات سابقة. من هنا ونحن قريبا، ومع جري الأيام وتدحرج الزمن، سوف نشهد عام 2030 انتخابات رئاسية أخرى، سوف تصبح معها مصداقية تلك الأحزاب على المحك. عندئذ يكون السؤال الذي يجب أن يطرح من الآن: طالما أن تلك الأحزاب فعلت ما فعلته، أليس من الأجدر لها أن تنشط في الشارع، وتحقق طفرة إيجابية في التفاعل السياسي، فتقوم بجذب العضوية لها، وتجعل لها امتدادات في الشارع تعبر عنها؟ أليس لها من باب أولى استعدادا لهذا الموقف، أن تنظم ذاتها، وتعقد مؤتمراتها لهياكلها التنظيمية دوريا، فتختار نخبها وكوادرها، وتتخذ قراراتها بالأغلبية وليس عبر ديكتاتورية القيادة، وتتفاعل مع احتياجات المواطنين، خاصة الخدمية، وتعقد المؤتمرات الجماهيرية التي تنغمس عبرها في قضايا المجتمع، فتطرح خلالها البدائل الممكنة لانتشال المواطن من براثن الفقر والفاقة. كل ذلك وغيره من أمور من المهم أن تقوم به الأحزاب من اليوم، بدلا من أن تجلس تنتظر أي حوافز أو فرص.

ليس ساويرس

وصل سباق الرئاسة إلى غايته، ولا شيء علينا أن نفعله في مرحلة ما بعد السباق، إلا أن نتطلع إلى المستقبل بكل ما فيه، وإلا أن نتوقف عن النظر إلى ما مضى وانقضى. وربما كما أشار سليمان جودة في “المصري اليوم”، يبدأ التطلع إلى المستقبل من عند الصخب الذي دار حول رجل الأعمال ناصف ساويرس، وكيف أنه قد نقل مكتب أعماله من القاهرة إلى أبوظبي.. قيل هذا وثار حوله جدل كبير.. ثم تبين أن المعلومة خاطئة، وأن الانتقال كان من لندن إلى أبوظبي وليس من القاهرة. وربما يكون قد أقدم على هذه الخطوة لارتفاع الضرائب في العاصمة البريطانية، فالضرائب هناك في السماء عند المقارنة مع أي عاصمة أخرى، وهذه قضية معروفة لشتى الناس، وليست سرا من الأسرار. وقد وجد الرجل أنه في مرمى نيران كثيرة، لمجرد أنه مارس حقه في نقل مكتبه من مكان إلى مكان، ومن عاصمة إلى عاصمة، مع أن هذا حق أصيل له لا شك فيه. فالمستثمر كالطائر في سماء الكون يحط دائما على الشجرة التي تعجبه، ويتعلق بالغصن الذي يراه، ويطير بين الأشجار خفيفا، كما يحب وكما يشاء. وقد تمنيت لو أن الذين انشغلوا بمهاجمته في البداية على أنه انتقل من القاهرة إلى أبوظبي، ثم هاجموه أيضا لما عرفوا أن الانتقال كان من لندن لا من القاهرة.. تمنيت لو سألوا أنفسهم لماذا لم يكن الانتقال من عاصمة الضباب إلى قاهرة المعز؟

لهذا اختارها

هذا السؤال الذي طرحه سليمان جودة كان لا بد من طرحه بصراحة، بمجرد السماع بخبر انتقال المكتب إلى العاصمة الإماراتية.. وهذا هو السؤال الذي لا مفر من أن ننشغل به في بدء مرحلة ما بعد السباق الرئاسي، لأنه سؤال في القلب من موضوعنا، ولأن إجابته في القلب من مستقبلنا.. فليس عيبا أن تكون عندنا عوائق وعراقيل، فالعراقيل والعوائق في الدنيا كلها ولكن بدرجات. إن المستثمر باحث على الدوام عن فرصة مواتية، وعن مناخ جاذب، وعن أجواء مغرية، وعن.. وعن.. فإذا ما وجد ذلك كله في أي أرض ذهب إليه من أقصر طريق. وإذا كنا قد أحدثنا تطورا إيجابيا كبيرا في البنية التحتية خلال الفترة السابقة على هذا الاستحقاق الرئاسي، وإذا كنا قد نقلنا الطرق والكباري والطاقة، من مربع متأخر إلى مربع متقدم، فهذا يحتاج إلى خطوة أخرى موازية له على مستوى ما يجعل ناصف ساويرس يغير وجهته في المرة المقبلة إلى القاهرة، وهذا ما سوف يجعل سواه من أصحاب الأعمال يغيرون وجهتهم إلينا بالضرورة. المسألة ليست مسألة ساويرس في حد ذاته، ولكنها مسألة أصحاب الأعمال في العموم، وجميعهم لن يجدوا أرضا أفضل من أرضنا، ولا سوقا أوسع من سوقنا، ولا بلدا فيه من الأمن ما عندنا. إنني أتطلع إلى يوم أسمع فيه عن نقل مكتب الرجل إلى القاهرة، وأتطلع إلى نقل مكاتب أصحاب أعمال آخرين وكثيرين معه، وهذا أمر يظل في يد حكومة ما بعد السباق الرئاسي.

وأخيرا وصلت

المعني المباشر لقرارات الحكومة بتحديد أسعار مجموعة سلع أساسية -الأرز والزيت والمكرونة والدقيق والسكر والشاي وعدد من منتجات الألبان – مع وضع آلية في مجلس الوزراء للرقابة الدورية على الأسعار مع تغليظ عقوبات الاحتكار، وإخفاء السلع، اعتبره أحمد رفعت في “فيتو” اعترافا أخيرا بعدم جاهزية الأسواق المصرية لنظام السوق الحر، الذي يتطلب وعيا لدى المستهلكين ونزاهة والتزام المنتجين والتجار، وقدرة الأجهزة على ضبط إيقاع حركة البيع والشراء بكاملها. ما قررته الحكومة أمس واليوم عودة إلى الحق.. واستجابة لمطالب شعبنا في إنقاذه من الجشع والتلاعب بقوت الناس ومصالحهم وما يمس حياتهم.. قرارات الحكومة تقلب الدنيا على عقب ضد لصوص الشعب.. وهؤلاء ـ اللصوص – لن يعجبهم ما فعلته الحكومة، وسيسعون لتشويهها وتغيير قراراتها ذات الصلة وإثبات فشلها.. وهنا على الجانب الآخر، المستفيد من هذه القرارات وهذا التحول هو الشعب.. وعليه إدراك ما جرى وما يجري وفهم أصول اللعبة وعدم التساهل مع من يخالف القرارات المذكورة والإبلاغ عنهم للجهات المختصة وأرقام شكاوى مجلس الوزراء.. فليدافع الشعب عن حقوقه ومصالحه. إن تأخرت الحكومة بعض الشيء، أو حتى كثيرا – كتبنا عديدا من المقالات عن ضرورة تدخل الدولة في الأسواق وتغليب مصالح المصريين على المعاهدات التي وقعتها الدولة والتزامها بالسوق الحر.. حتى الدستور ينص على سوق حر منضبط – لكنها وصلت أخيرا ولنكن جميعا ضد لصوص الشعب.

في انتظار الأهم

في انتخابات الرئاسة أدى الشعب المصري دوره كأفضل ما يكون الأداء، فحضر بأعداد هائلة أمام اللجان الانتخابية، وسجل نسبة مشاركة كبيرة ربما لم يكن أكثر المتفائلين يتوقعها. وبانتهاء الانتخابات نكون قد انتهينا من الجهاد الأصغر، وبقي الجهاد الأكبر، والجهاد الأكبر في رأي مجدي سلامة في “الوفد” يتمثل في تحقيق تنمية شاملة في مصر، والبداية بتحقيق أربعة أشياء في أسرع وقت ممكن، وهي مواجهة التضخم، ونزع فتيل انفلات الأسعار، والقضاء على السوق السوداء والمحتكرين، وضبط سعر الصرف.. وهذه الأمور الأربعة هي مسؤولية الحكومة وحدها، وعليها مواجهتها بسرعة كبيرة، لأنها حولت حياة أغلب المصريين إلى جحيم. وسأكتفي بدليل واحد يلمسه كل المصريين، وهو الأسعار، فالسلع في مصر من الحديد وحتى السكر والأرز تباع بأعلى من سعرها العالمي مثلا: السعر العالمي لطن الحديد 570 دولارا، وهو ما يعادل حوالي 17 ألفا و600 جنيه بالسعر الرسمى للدولار في مصر، و28 ألفا و500 جنيه بسعر الدولار في السوق السوداء، ومع ذلك يباع سعر طن الحديد في مصر بحوالي 40 ألف جنيه. الحال نفسه مع الأرز، فالسعر العالمي لطن الأرز الباكستاني يبلغ 590 دولارا، أي ما يعادل 17 ألفا و700 جنيه بالسعر الرسمي للدولار و29 ألفا و500 جنيه بسعر الدولار في السوق السوداء، وهو ما يعنى أن سعر الكيلوغرام الواحد عالميا يتراوح بين 17 و29 جنيها، ولكن الكيلو في مصر يباع بـ40 جنيها.. رغم أن مصر تحقق الاكتفاء الذاتي من الأرز وتصدر كميات كبيرة منه للخارج. والسكر يشهد المأساة نفسها، فسعر كيلو السكر عالميا يعادل 19 جنيها بالسعر الرسمي للدولار، و32 جنيها بسعر الدولار في السوق السوداء، ومع ذلك يباع في مصر بـ50 جنيها، على الرغم من أن 90٪ من السكر الذي يستهلكه المصريون هو إنتاج محلي. وفي البصل كانت المأساة أكبر، فمصر رابع دولة في العالم إنتاجا للبصل وسادس دولة في تصديره، وإنتاجنا المحلي منه يتجاوز 3.5 مليون طن واستهلاكنا السنوي حوالي 2 مليون طن فقط، ومع ذلك وصل سعر الكيلو 40 جنيها، وحل هذه الأزمات ليس مستحيلا، لكنه فقط يحتاج إلى عقول مبدعة وأفكار جديدة ومسؤولين صريحين مع أنفسهم ومع الشعب.. والكرة الآن في ملعب الحكومة فعليها أن تتحمل مسؤولياتها.

هناك أمل

من المتفائلين بمستقبل المصريين يوسف القعيد في “الأخبار”: اختتم ملايين المصريين التصويت في انتخابات رئيس مصر الجديد، وذلك كما يتضح من الأرقام المُعلنة أعلى نسبة مُشاركة في تاريخها، وشكَّلت مفاجأة للعالم وللوطن العربي وللمصريين. النتيجة الرسمية ستظهر الاثنين المُقبل، حسبما أعلنت اللجنة المُشرفة على الانتخابات، التي أدت دورها بنزاهة وموضوعية وتجرد. وقد لاحظ المصريون جميعا الإقبال الجماهيري على لجان الانتخابات الذي لم يحدُث من قبل والطوابير الطويلة. وأغلب من يقفون في الطوابير من الشباب ومن النساء المصريات. وهذا يعني أن تأثير الانتخابات هذه المرة وصل إلى الإنسان العادي، سواء في القرية أو المدينة، وصولا إلى القاهرة والإسكندرية وأسيوط. وهذا جعلني أعترف بأنني اكتشفت كِنزا جديدا اسمه المصريون، عندما يتجلوَّن ويُعيدون بناء أوطانهم على الرغم من كل الصِعاب. وحسب متابعتي فقد اكتشفتُ وجود مسيرات في بعض الشوارع لحشد الناخبين. وأنه كانت هُناك حالة من الإقبال الجماهيري غير العادي على التصويت. وهذا الإقبال من جميع الأعمار والفئات، وكان موزعا على جغرافيا الوطن من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. لدرجة أنني تمنيتُ عندما ذهبت إلى لجنتي أن يكون المُراسلون الغربيون في كل لجنة من اللجان لكي يأخذوا بالصوت والصورة رسومات للشعب المصري العريق، ورغبته القوية في مُمارسة حقوقه السياسية، والمُشاركة بإيجابية في صُنع المستقبل ورسمه. مستقبل أكثر من 106 ملايين مصري. وكانت المُقدمة التي تابعتها بفرحٍ حقيقي أداء المصريين في الخارج الذين سافروا من المُدن التي يعيشون فيها إلى حيث مراكز الاقتراع، وأدلوا بأصواتهم بِحُريَّة تامة ومُطلقة، واختاروا من يشاؤون. اليوم الذي ذهبت فيه إلى لجنتي الانتخابية في مدرسة الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي في مدينة نصر، ورأيت الطوابير والإقبال غير العادي والأعلام، التي تُوزَّع أمام اللجنة أكدت لي النتيجة مُسبقا، خاصة أنني شاهدت كثيرا من العُمَّال والفُقراء – الذين يعملون في حراسة العِمارات – يحرصون على الإدلاء بأصواتهم. وهذا معناه أن كل المصريين يُدركون التحديات التي تواجه مصر حاليا، ولذلك تحوَّلت مُشاركتهم في هذه الانتخابات لمشاركة تاريخية في الإقبال على التصويت والحرص عليه، والتصميم على حضوره. أيضا فإن إجراء الانتخابات الذي رأيته بنفسي في لجنتي يؤكد أعلى معايير النزاهة والشفافية والموضوعية. هذا جرى في كل مكانٍ من بر مصر.

 ـ «القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب