لماذا يخافون من انتصار المقاومة؟!

لماذا يخافون من انتصار المقاومة؟!
سليم عزوز
لا نعرف حدود «التكليف الرسمي»، لتبدو بعض الأذرع الإعلامية للسلطة، هي نفسها «الأبواق الإعلامية» لنتنياهو؟!
وقد قدر لي أن أشاهد «فيديو» يجمع بين مقولات لعدد من هؤلاء الإعلاميين، فقد رأيت من «يحذقون» غلاً، للتطورات الحاصلة على الأرض، وهذا النصر الذي تعترف به أصوات في القنوات التلفزيونية الإسرائيلية، كما يعترف به الإعلام الدولي، وأداء مقدمي البرامج والضيوف على شاشات تبث من تل أبيب، أكثر هدوء من حالة السعار التي عليها هؤلاء. وبينما نشاهد أصواتاً في إعلام «أهل الميت» معارضة لنتنياهو، فان أبواق القاهرة تستبعد الرأي الآخر، ويوشكوا أن يصابوا بالجنون، فلا تعرف من هم أهل المتوفى على وجه التحديد، وكيف تفوقت النائحة المستأجرة على النائحة الثكلى؟!
وفي الحقيقة، أن هذه الأبواق ليست مستأجرة، لكن تلاقت المصالح فوقفوا في جبهة نتنياهو، الذي لا يحوز على الاجماع الإسرائيلي داخل الكيان، وفي قنواتهم نشاهد أصواتاً معارضة، لكن وبعيداً عن استضافة قناة «صدى البلد» لخالد مشعل، فلا تجد في هذه البرامج أصواتا لقادة المقاومة أو لمن لهم رأي مختلف، ولا يقال لنا، وهل شاهدت الطرف الآخر، فات هؤلاء أن هذا الطرف ممثل بالمذيع، فلا حاجة لمداخلة لنتنياهو مع حضور إبراهيم عيسى وتمدده في برنامجه!
«التكليف الرسمي» ليس مقطوعاً بصدوره، ومثل هذه المواقف لا نشاهدها في قنوات محسوبة على الشركة المتحدة، وفي قناة مثلا مثل «القاهرة الإخبارية»، وقد كتبنا عن تعدد الانتماءات للمذيع الواحد، فسلطة الحكم في مصر ليست «الكفيل» الوحيد لهؤلاء، والمقطوع به أن لديهم هامشاً استغلوه، فهناك تكليف قديم بالهجوم على حماس، يبدو أنه لم يلغ بأمر جديد، ومنذ الثورة وهناك محاولة مستميتة لتشويه الحركة، إلى درجة أن منهم من ذهب بعيداً بما يدفع للاعتقاد أنه لولا حماس ما كان الربيع العربي!
ولم يفطنوا أنهم هنا يدعمون الحركة ولا يسيئون إليها، لأن الربيع العربي أسقط أنظمة فاسدة وفاشلة، ولم يأخذ بأولياء الله الصالحين، بعيداً عن «سجادة الصلاة»!
من مخلفات العهد البائد
معظم هؤلاء ممن جمع بينهم فيديو واحد، هم في حالة حنق على المقاومة كما لو كانت في حرب مع الجيش المصري، ويلاحظ أنهم جميعا من مخلفات العهد البائد، الى جانب من انضم إليهم ممن كان يحسب ظلماً وزوراً على معارضة نظام مبارك، والآن وقد التحقوا بقطار النظام الجديد، يعتقدون أن خطاب السلطة البائدة لا بد من اعتماده لإثبات هذا الانتقال للسلطة الجديدة، وفي الواقع أنهم لم ينتقلوا إلا بمقدار أن يغير جالس على المقهى مكانه، مع اصطحابه مشروباته، وفي ذات المقهى!
و»التوجيه» القديم ينص على أنه عندما يحدث عدوان على غزة، يلزم الإمساك في المقاومة واثبات أنها هزمت في المعركة، وكانت التقارير الإسرائيلية تؤكد فشلاً إسرائيلياً تسبب في محاكمة أولمرت، بينما الإعلام المصري الرسمي في حالة إنكار وغضب. وكل يغني على ليلاه، فقد كان لدى نظام مبارك حساسية من انتصار يحسب للإسلام السياسي، وفي الهجوم عليها ما يبرر تقاعسه عن نصرة القضية الفلسطينية!
التشويه هذه المرة في حدوده الدنيا، وليس خطاباً عاماً في القنوات التلفزيونية إلا من خلال هذه الأبواق، وإن كان أحدهم (يرمي بياضه) ويتقرب بالنوافل، ليتم اعتماده غربياً، ولكي تستمر الحفاوة به في قناة «الحرة»، وإذ ذكرت بأصوله الناصرية، فقال إنه لم يعد ناصرياً، وهاجم عبد الناصر، فاته أنه يستطيع أن يمارس الجمع دون هذا التحول، وقد كان حافظ أبو سعدة متهماً في قضية التنظيم الناصري المسلح، ثم انعطف يتعامل مع الغرب وواشنطن، وتأسست حركة حقوق الإنسان وقبول التمويل الغربي في مصر، بواسطة ناصريين ويساريين، لم يتخلوا عن ناصريتهم أو يتنكروا ليساريتهم!
وفي غرفة نوم أحد الزعماء تجاور المال الأمريكي مع المال البعثي على وسادة واحدة، وفي حملة الإبادة على الإخوان كان يمكن أن يستخدموا هذا الملف، ليلزم كل فرد حدوده، لكنهم لم يفعلوا، ليس نبلاً، لكن من أداروا المشهد الإخواني بعد الثورة كانوا في معظمهم قادمين من الخارج، بعد سنوات طويلة قضوها مهاجرين في أرض الله الواسعة، فلما عادوا بدوا أمامنا كمستشرقين، لا يعرفون تفاصيل الحياة السياسية في مصر!
عندما تجرأ عليهم سمير غطاس
ما علينا، فخشيت أن «يطق عرق» لكل مذيع وهم في قمة الانفعال ضد المقاومة، بدلاً من أن يكونوا ضد إسرائيل، وهذا ما يبرر كيف لف سمير غطاس عليهم في مواقع التصوير، ليردد الكلام نفسه، ضد حماس، لكن عندما قال إن النظام المصري يأخذ موافقة السلطات الإسرائيلية في أمر المصريين العالقين في غزة، لم يستضفه سوى عمرو أديب، وقد صبوا هم جام غضبهم عليه، والغريب أنهم لم يذكروا الضيف غطاس، ولو بشطر كلمة، وإزاء هذه الحملة استضاف أديب غطاس مرة أخرى، وقد هاجم هؤلاء الإعلاميين، وقال إنه يحمل وثائق ضدهم، ولم يسأله عمرو أديب عنها، لأن المقرر ردعهم فقط، والمدهش فعلاً أن أياً من هؤلاء لم ينتصر لنفسه من هذا الذي يهددهم ويتجرأ عليهم!
وقد اعتبروا أن الانتخابات الرئاسية فرصة لتجاوز ما جرى، ليبق السؤال لماذا لم يردوا على غطاس في إساءته للنظام المصري، ولم يردوا عليه وهو يهاجمهم بشكل شخصي، ولماذا لم تتحرك أي جهة ببلاغ للنائب العام ضده بتهمة نشر أخبار كاذبة؟ وهناك من دخلوا السجن بهذا الاتهام، مع أنهم لم ينشروا أخباراً من الأساس ولا توجد لهم صفحات على منصات التواصل!
وجهوا الاتهام للزميل هشام عبد العزيز في قناة «الجزيرة»، بنشر أخبار كاذبة، ولم تكن له صفحة ينشر فيها أخباراً صحيحة أو كاذبة، ووجهوا الاتهام كذلك للزميل ربيع الشيخ، والخبر الوحيد المنشور على صفحته أنه بين الحين والآخر تلتقط له صورة وهو ينظر في الفضاء اللامتناهي، كالأخ العقيد معمر القذافي، ويكتب: «أحلمُ بغد مشرق»، وهو حلم يزعج السلطات، وتقريبا فإن رأس السلطة ونتيجة اتصالاته الإلهية وأنه قال لله.. وأن الله قال له، يعلم أنه لا غد مشرق، وبالتالي تم تصنيف هذا الحلم على أنه خبر كاذب!
قبلة حياة للإخوان
إذا استبعدنا الناصري «التارك لناصريته»، فإن سبب الهجوم الإعلامي على حماس، ربما لا يكون لحسابات إسرائيلية، ولكن لأن هناك مشتركا بينهم وبين إسرائيل، فـ»المصائب يجمعن المصابينا»، وانتهاء العدوان الآن يعني أن المقاومة انتصرت، وبها ستكون نهاية نتنياهو، لكن الأهم من ذلك، أن هذا النصر سيمثل إشكالية للأنظمة العربية!
فمن وجهة نظرهم أن هذا النصر سيعطي قبلة حياة للإخوان، وكان من الأفضل لهم اللعب على أن حماس خرجت من التنظيم، كما أن حماس ليست وحدها المقاومة، وإن كانت الفصيل الأقوى والأبرز. ومرشد إخوان اليمن تقدم بالتهنئة للجنرال على تجديد الشعب المصري ثقته فيه!
المشكلة الأهم أن التصوير السابق لقوة إسرائيل لتبرير هزيمة 1967، قد سقط وسقطت معه أوهام كثيرة، مثل الجيش الذي لا يقهر، والتأثير الدولي في الإعلام العابر للحدود، فضلا عن الادعاء بأنهم لا ينافسون في مجال الإعلام، فالمقاومة هزمتهم إعلامياً!
كما أن جزءا من قوة الأنظمة العربية قائم على رضا إسرائيل عنها، فمن يمكنه الحصول على الترخيص بالحكم من إسرائيل، جهة اصدار التراخيص؟ ثم يكون النصر التاريخي بأسلحة بدائية، ومن مقاومة لا من جيش، وممن ظهروا حفاة وهم يصطادون عدوهم وآلياته المتطورة فيوقعون به خسائر كبيرة، يعترف ببعضها الجيش الإسرائيلي نفسه.
هم يدركون قسوة الآتي، فاعذروهم!
أرض – جو:
مضى أكثر من أسبوعين على إعلان نقيب الإعلاميين المصريين أنه يدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضد عمرو أديب لتجاوزاته المهنية، وذلك بسبب ما قاله سمير غطاس، وإلى الآن لم يحطنا النقيب علماً أنه انتهى من الدراسة، يبدو أنه يعتقد أن الامتحان في نهاية «التيرم»!
من قبل وجد المعين نقيباً مولداً ضد المذيع شريف عامر، فأعلن احالته للتحقيق، ثم لا حس ولا خبر بعد هذا الإعلان!
إنه مسير لا مخير!
صحافي من مصر