إيران.. (البُعبُع) الذي تُخيف به أمريكا الدول العربيّة..

إيران.. (البُعبُع) الذي تُخيف به أمريكا الدول العربيّة..
الأستاذ : علي او عمو.
المملكة المغربية.
عند تناوُل بعض الخبراء الشأن الإيرانيّ، فهُم يخوضون فيه دون دِرايَةٍ كافيَةٍ بِسياستِها في المِنطقة، و كذا بِدوْرها الفعّال في كبْح جِماح السيطرة الأمريكيّة على شؤون المنطقة و مُحاوَلَة إخضاع دولها لسياستها، عمِلت أمريكا كلّ ما في وُسعِها لإقناع “السلُطات العربيّة” بِكوْن إيران المُهدِّدَ الحقيقيّ لأمن و استقرار بلدانها، و قد نجَحت، إلى حدٍّ ما في ذلك.
إنّ تمركُز القواعد العسكريّة الأمريكيّة في بُلدان “الشرق الأوسط” لمْ يكُن وليد الصُّدفة و إنّما كان ضمن خُطّةٍ أمريكيّة مُمَنهجةٍ و دقيقة و خطيرة، لا يُدركُها الكثيرون، بالإضافة إلى تواجُد أسطولها الحربيّ الضّخم في مياه الخليج العربي، فهذا كلّه لا يَهدف إلى رَدْع إيران، كما يعتقِد البعض، و إنّما لِحماية “سلطات الحُكم” في المنطقة، فهذه “السلطات” التي سَمَحت لِأساطيلها الحريّة بالدُّخول إلى مياهها الإقليمية تَصول فيها و تَجول كما تشاء و كما يحلو لها، بِالإضافة إلى إِنْشائها لِقواعدَ عسكريّة في جميع دول المنطقة من أجل حماية مصالحها. و مَا إيران إلّا “بُعبُع” تَستخدمه أمريكا لإخافة بلدان المنطقة كي تضمَن استمرار تواجُدها هناك، فإيران لا تُشكِّل أيّ تهديد لدول الجوار أبداً، فهي ضدّ التواجُد الأمريكي في منطقة “الشرق الأوسط”، و ضدّ التفوُّق الإسرائيلي عليها، لذلك تعمل جاهِدةً لتطوير أسلحتها و تحديثها و إنشاء مُفاعلات نووية تُضاهي مثيلاتِها في إسرائيل التي تَمْتلك مِنها الكثير، و التي تعدّت ذلك إلى صناعتِها لِأسلحة و قنابلَ نووية هائلةً.. فإسرائيل و أمريكا هما اللتان تُمَثِّلان التَّهديد الحقيقيّ للبلدان العربية، إلّا أنّ هذه “السلطات” لا تعي ذلك و لا تفهم جيّداً السياسة الأمريكيّة في المنطقة، فأمريكا لا تسعى إلّا وراء مصالحها، كما ذُكِرَ سابِقاً و لا تَهمُّها مصالح دول المنطقة في شيء.. فقد قامت بِشنِّ حربٍ ضدّ أفغانستان و العراق و اليمن و غيرِها، و بذرائع مُختلفة، و هي تُريد مِنْ خلال ذلك تغيير أنظمة هذه الدول من أجل تنْصيب حكومات على مَقاسِها، تسيرُ وِفْق سياستِها من أجل الحِفاظ على مصالحا، قامت بِقتل الآلاف المؤَلَّفة من شُعوبِها و أعطَبت منهمُ الآلاف دون رحمة، في سبيل تحقيق أهدافها الرامية إلى بسط نُفوذها في المنطقة و نَهْبِ خيراتِها و ثرواتِها الهائلة.. و ها هي اليوْم تنتقِل إلى شنِّ حربٍ جديدة على الشعب الفلسطينيّ في غزة، فإسرائيل هي الشرطي الأمريكيّ في منطقة الشرق الأوسط، و لذلك فهي تُحارب الشعب الفلسطينيّ بالوَكالة. تقومُ بِقتْلِ و جَرْح الأطفال و النساء و العجزة و المرضى بالآلاف و تدمير غزة بأكْمَلِها و لا تُبالي، بِذريعة القضاء على “حركة حماس”، تعمَل أمريكا كلَّ ما في وسعِها لِجلْب الاستقرار و الأمن لِدوْلة إسرائيل و مُجتمَعِها، تمدُّها بأحدث الأسلحة و التكنولوجيات المُتقدِمة في المجال الاستخباراتي من أجل إبادة شعب بِكامِلِه و إزاحتِه من الوُجود من أجل ترسيخ الوُجود الإسرائيليّ في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلَّة، باعتبار إسرائيل شُرطيّاً و حارِساً أميناً لأمريكا في المنطقة..
كثيراً ما نسمَع بالتّحالُف الأمريكي العربي في المَجال العسكريّ، و القيام بمُناورات مُشتَرَكة. فهذه الدولة لا تُقيم وزناً لمصالح الشعوب، فهي تهدِف فقط إلى تحقيق مَصالِها، ولو كان ذلك على حساب دَمار ال
الدول وقتل الآلاف من شعوبِها، ولنا في ذلك أمثلة حية لما حصل في العراق وأفغانستان وتشيكوسلوفاكيا سابقاً والبوسنة والهرسك.
لمْ و لن تتحالَف أمريكا مع الدول العربيّة إلّا في حالَة تهديد مصالِها في المنطقة عن طريق إنشاء تَحالُفٍ تُواجهُ به هذا التهديد.. فالصّديق الوحيد لأمريكا في العالم هي إسرائيل التي تَسهَر على الحفاظ على مصالحِها، و لذلك تُخصِّص لها ميزانيّةً تُقدَّر بالملايير من الدولارات سنويّا سعْياً وراء إبْقائها أقوى و أعظم دوْلة في المنطقة تَقوم بِردْع كلّ دولةٍ تُسوِّل لها نفسُها المَساسَ بِمَصالحها في المنطقة، و الحرب على الحوثيّين في اليمن نموذَجاً..
أمّا الجمهوريّة الإيرانيّة فهي دوْلةٌ مٌستقِلّة عن السياسة الأمريكيّة، بلْ مُعارِضة لها، كما أنها تملِك قرارَها السياسي خارج الإملاءات الأمريكيّة، و على هذا الأساس اتخذتها عدوّاً لدوداً لها و تُحاوِل، و بِكلّ الوسائل إضعافها من خلال اتّهامها بالإرهاب و داعِمَتُه و بالتّطرُف و سعْيها لامتلاك قُنبلة نوويّةٍ تُهدِّد بها جيرانَها و غيرها من التُّهم الكاذِبة، و بِذَريعةِ هذه التُّهم المُلفّقة تَجِد أمريكا الطريق نحو فرْض عقوباتٍ عليها من خلال مُحاصرةِ اقتصادِها و إضعاف قُدراتها في التنميّة و الازدهار كي تبقى إسرائيل هي الأقوى في المنطقة.
لم يسبق للجمهوريّة الإيرانيّة أنْ شنَّت حرباً على أيّ بلَد و لم تَقُم بِانتهاك سيادة أية دولة مُستقِلّة و لم تُزعزِع الاستقرار في أيَة بُقعة من الأرض كما فعلت و لا تزال تفعَل الولاية المُتحدة الأمريكيّة، التي ما وطأَتْ قدَمُها أرضاً إلّا و عَبَثت بكلّ شيء فيها غير آبِهةٍ و لا مُعترِفةٍ بالقوانين الدوليّة التي تسير تحت مِظَلَّتها جميع دول العالم.