مقالات

نكتب لنسطر لأجيال قادمة ما كان يحدث بالأمس بقلم خالد ضياء الدين

بقلم خالد ضياء الدين -السودان -

نكتب الآن ولو لم يقرأ لنا أحدا..
نكتب لنسطر لأجيال قادمة ما كان يحدث بالأمس
 بقلم خالد ضياء الدين
منو القادر يقرأ الآن مقال للنهاية؟
منو البتابع كتابة زول باهتمام أو بعلق على رسالة في الواتس اب؟
الكل واجم، متحسر، مقهور، زهجان، ما عندو نفِس ولا طول بال لمقال طويل أو قصير، حتى لو كان آية في الجمال ولو كتب بماء الذهب.
قليل جدا تلقى ليك زول بالو رايق ولو كمل المقال تلقاهو بقرأ بعيونو والعقل مشغول، لذلك سريع بيتجاوزو (سكتم بكتم) ما في تعليق، لا سلبي ولا إيجابي!!
طبعا الحالة دي نتيجة الظروف البتمر بيها البلد وحاصلة على الناس، فكل ما هو مسيطر الآن هي حالة من الرفض للحرب والموت والدمار (رفض ساكن غير متحرك)، رفض للنزوح والتهجير، رفض للظرف المعيشي الضاغط، “كمية رفض” للواقع المعاش لدرجة ان الرفض هذا شمل الكثير من مناحي الحياة لدرجة السلبية تجاه كل شي حتى الموت والجثث الملقاة على الطرقات ورائحتها أصبحت عادية!!!
بالنسبة لكبار السن ضاقت عليهم الأرض بما وسعت ولسان حالهم يقول اللهم أكفنا شر شقاوة الكُبُر، أما الشباب فديل حالة خاصة، هم من ضاع مستقبلهم وخُصمت سنين من أعمارهم… خسروا دراستهم وعلاقاتهم الاجتماعية وأماكن لمتهم وونستهم، خسروا الضحكة الصافية ووجدوا أنفسهم فجأة وبدون مقدمات، في وش المدفع، الدوشكات أمامهم وخلفهم.. البراميل المتفجرة تتساقط فوقهم، نزحوا للولايات فلحقتهم الحرب، هاجروا لدول الجوار فعانوا ماعانوا ولا مفر، لذلك أصبحت الوجوه عابسة والقلوب غير مطمئنة والجيوب فارغة، كذلك العقول التي تقيم الأشياء من حولهم.
تفرقت الأسر وتواعد الأحباب على الانتظار وهم يعلمون يقينا أن لا تلاقي قريب وان إنسان ما قبل الحرب ليس بالضرورة هو إنسان ما بعدها، فقد جرفت السيول أحلامهم وبعثرت الرياح وعودهم بقرب الوصال.
هم لا يقرأون لأن القلب هو الذي يقرأ وليس العين.. هم ينظرون فقط وقد تلتقط أعينهم بعض حروف لمقال ولكنهم حتما لا يتأثرون كما كانوا سابقا.
أخاف جدا أن نفقد قيمة التفاعل والانفعال بما حولنا، وأن تستمر حالة الصدمة تقيد وعينا وتفقدنا الاحساس حتى ساعة تقطيع أوصالنا أو قتلنا.
الصدمة هي التي تسيطر علينا الآن وهي التي نحتاج أن نركلها خلفنا مستعينين بقدرتنا الكامنة وبشحنة عواطفنا المكبوبة التي تحتاج أن تخرج للعلن، وهذا يأتي ساعة نقرر الخروج من دوامة التفكير السلبي إلى السباحة الحرة في مساحات واسعة من الإيمان بقدرتنا على تجاوز الواقع المرير نفسيا أولا ومن ثم نستطيع إيقاف هذا التدهور المريع على كل الأصعدة، مع ضرورة فتح نوافذ للأمل.
بقدرتنا وإرادتنا نقدر ونقدر ونقدر.. على طرد بواعث الاحباط حينها ح نقيف في وش الضلام نلعنه ساعة نشعل مصابيح الصباح ونقيف في وش الموت البطئ، ونرجع من تاني نتصالح مع القراية باعتبارها تيروميتر الوعي ونتفاعل مع بعضنا ونشيل بعض و(البقع بيناتنا بنسندو..)
قدرنا أن نعيش ونحمل الرسالة مبشرين مؤمنين صادقين.
8 يناير 2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب