مقالات

مؤشرات الفشل الإسرائيلي تتزايد

مؤشرات الفشل الإسرائيلي تتزايد

محمد عايش

كاتب فلسطيني

إسرائيل تحاول استثمار ما حدث يوم السابع من أكتوبر 2023 من أجل شن حرب شاملة، تؤدي إلى تغيير الوضع في غزة وربما المشهد في المنطقة بأكملها، لكن ما حدث على الأرض حتى الآن يؤكد أن إسرائيل فشلت في ذلك وفقدت البوصلة، وما تقوم به حالياً ما هو إلا عملية قتل عشوائي ناتج عن تخبط حكومة غارقة في التطرف واليمينية.
الإسرائيليون أنفسهم بدؤوا يدركون تدريجياً ويعترفون تباعاً بأن هذه الحرب فشلت في تحقيق أهدافها، وأن القضاء التام على حركة حماس بالقوة لا يبدو أمراً في متناول اليد، كما أن الاجتياح البري الكامل لم ينجح في استعادة أي من الأسرى الإسرائيليين، فضلاً عن أن هذه الحرب التي لم تستعد أياً من الأسرى، أدت إلى مقتل عدد منهم، ما يعني أن تسير في عكس الاتجاه المطلوب إسرائيلياً، وتتناقض مع الأهداف التي وضعتها حكومة نتنياهو.

الإسرائيليون بدؤوا يدركون تدريجياً ويعترفون تباعاً بأن هذه الحرب فشلت في تحقيق أهدافها، وأن القضاء التام على حركة حماس بالقوة لا يبدو أمراً في متناول اليد

قبل أيام قليلة كتب الجنرال الاحتياط في الجيش الإسرائيلي إسحاق باريك مقالاً نشرته صحيفة «معاريف» العبرية، قال فيه إن «القيادة الإسرائيلية التي فقدت اتجاهها تخشى من إنهاء الحرب، خشية أن تضر بحكم نتنياهو كرئيس للوزراء، والنتيجة لا نصر كامل على حماس، ولا إطلاق سراح لجميع المختطفين». ويرى باريك أن العملية العسكرية في رفح التي يُصر نتنياهو على تنفيذها ستكون «مقامرة خطيرة جدا وينبغي عدم الإقدام عليها، وقد تكون المسمار الأخير في نعش البقاء الإسرائيلي». وحسب باريك فإن الدخول إلى مخيمات رفح قد يؤدي إلى ثلاث نتائج كارثية، الأولى هي احتمالية اندلاع حرب إقليمية متعددة الجوانب، والثانية إن هذه العملية تهدد بفقدان السلام مع مصر في حال توسع القتال على الحدود المصرية، أما النتيجة الثالثة المحتملة فتتمثل في زيادة مخاطر مقتل جميع الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة. تحذيرات باريك من الاستمرار في الحرب الإسرائيلية والهروب إلى الأمام بعد الفشل المستمر منذ خمسة شهور ليست الوحيدة، فالصحافة العبرية تغرق يومياً بمثل هذه التحذيرات والتحليلات، بل إن الكثير من السياسيين في إسرائيل أصبحوا يدركون أن نتنياهو يستخدم دماء أطفال غزة لمحاولة إنقاذ مستقبله السياسي وتجنب الظهور بأنه مهزوم. والحقيقة الواضحة للعيان الآن هي أن إسرائيل فقدت البوصلة ولم تنجح في فرض أي مشروع على قطاع غزة، كما أنها لم تنجح في إلحاق الهزيمة بحركة حماس، وهذا على الأرجح ما فهمته الولايات المتحدة وخلصت اليه دوائر التحليل في واشنطن، ولذلك تغير الموقف الأمريكي نحو التركيز على المفاوضات من أجل التوصل إلى هدنة تتضمن صفقة تبادل للأسرى. ثمة مؤشر آخر مهم على فشل الاحتلال في غزة، ويتجلى هذا المؤشر في النتائج المفاجئة لاستطلاع الرأي الذي أجراه «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية» ومقره رام الله، والذي أظهر أن أكثر من 71% من الفلسطينيين في الضفة وغزة يعتقدون أن عملية «طوفان الأقصى» كانت قراراً صائباً من قبل حركة حماس، وأن 19% فقط من السكان في غزة يعتقدون أن إسرائيل ستنتصر في هذه الحرب، وأن 59% من الفلسطينيين ما زالوا يعتقدون بأن حركة حماس هي التي ستحكم غزة في اليوم التالي للحرب. وهذه النتائج المفاجئة للاستطلاع تأتي خلافاً لكل التوقعات، حيث إنها تعني أن هجوم السابع من أكتوبر والحرب الدموية المدمرة التي تلته لم تؤدِ إلى توجيه اللوم للفصائل الفلسطينية، كما أن السكان في غزة، على الرغم من كل الأهوال التي رأوها ما زالوا يعتقدون أن حماس هي التي ستحكم القطاع في اليوم التالي للحرب، وهو ما يعني أنهم ما زالوا مؤمنين بأنها هي القادرة على ضبط الشارع والسيطرة على السلطة السياسية في القطاع.
والخلاصة هي أن إسرائيل تشن حرباً في غزة ليس لها أهداف، ولا يبدو أنها ستحقق شيئاً، وأغلب الظن أن الهدف الحقيقي لهذه الحرب هو إنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من السقوط وربما من السجن، ولا يوجد أي مبرر آخر لها.
كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب