مقالات

مقاربة ثقافية لظاهرة الانقسام في الشخصية الاجتماعية العربية-التيار القومي العربي أنموذجاً بقلم د-عزالدين حسن الدياب

بقلم د-عزالدين حسن الدياب

مقاربة ثقافية لظاهرة الانقسام في الشخصية الاجتماعية العربية-التيار القومي العربي أنموذجاً
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
سنفصل في التأثير المتبادل بين الثقافة والشخصية،وصولاً لظاهرة الانقسام التي تعيشها الشخصية الاجتماعية العربية.
إنطلاقاً من حقيقة التأثير المتبادل،بين الثقافة والشخصية الاجتماعية،والذي استدل عليه أستاذنا وجدنا العلامة ابن خلدون،وهو يجوب الوطن العربي،بحثاً وتحليلاً،ومن ثم تفسيرا لظاهرة الانقسام، التي كانت واحدة من الظواهر التي عرف فيها البناء الاجتماعي للقبيلة العربية،عندما عمل على متابعتها،من جذورها وأصولها في القبيلة اليمنية،وصولاً لفروعها في بلاد المغرب العربي ومصر.بدأ مشواره وانطلاقته من معرفته،كمؤرخ ومحلل اجتماعي ثقافي للبناء الاجتماعي العربي،على اختلاف مستوياته، بظاهرة قربى الدم التي كانت تشكّل الرابط بين أفراد القبيلة،بدءاً من الأسرة فالعائلة،ثم البطن والفخذ،،فالعشيرة والقبيلة.ودلته هذّه المتابعة لرابطة القربى داخل البناء الاجتماعي العربي،إن هذه القربى،متعددة المستويات،تبدأمن الأسرة،وصولاً،إلى الجد المؤسس لهذه القربى،ولاحظ من خلال متابعته للانقسام في البنى القرابية،وفقا لتسلسل مستويات القربى إلى تأسيس نظريته في العصبية،وانقسام العصبيات حسب تسلسل مستويات القربى،وقال قولته الشهيرة،التي كانت غائرة،في ثقافة القبيلة :أنا وأخي على ابن عمي،وأنا وابن عمي عالغريب.
وديمومة هذه الانقسامات،وفق مستويات القربى.واستمرارها،رغم تعدد الأجيال،جعلته،يتابع صراع العصبيات بين مستويات
القربى،وقال إنّ عصبية القربى،واحدة من عوامل انقسام البنى الاجتماعية الرئيسة.وهذا مادله على أن يخلص،من خلال متابعته،بحثا وتفسيراً،ووضع المعاني على الظواهر البنائية،إلى أن يقول قولته المشهورة،والمعروفة،والمؤسسة لعلم جديد،هو علم الاجتماع الثقافي،”الإنسان ابن عوائده.*ونحن إذاء قول المفصل في التأثير المتبادل بين الثقافة،
والشخصية،نصل إلى نتيجة،أنّ الثقافة،التي هي العادات والتقاليد والأعراف،والقيم الروحية والأخلاق والفكر ،وكل ماينتجه الإنسان في حياته اليومية،استجابة لحاجاته ودوافعه ‘ورغباته..إلخ. وعلى هذا الأساس،وبناء على مئات الدراسات عن التأثير المتبادل،بين الثقافة والشخصية،قال علماء الأنثروبولوجيا،وتأكيداً،لصحة مقولة ابن خلدون أنّ الثقافة المجتمعية،تطبع
الإنسان بطابعها،وتكونه وفق قيمها وأعرافها،ولذلك قالوا جميعاً:قل ماثقافتك نقول لك من أنت.
بناء على مقاربة مختصرة لإشكالية العلاقة بين الثقافة والشخصية،والتأثير المتبادل بينهما،وقضية تكوين الثقافة للشخصية،والكيفية التي تطبع الثقافة الإنسان بطابعها،إنطلاقاً من قاعدة منهجية قال بها ابن خلدون،وهو أنّ الإنسان،في نهاية الأمر أبن عوئده.نقول إذ يأخذجدل العلاقة بين الشخصية والثقافة هذا الحيز،فالمقاربة تريد من أن يكون مدخلها،لتسليط الأضواء على الانقسامات في بنى فصائل التيار القومي،وكيف انتهت إلى تقسيم المقسم.
إذا؛ هل يمكن للمقاربة،اعتمادا على ماقالته،أن تعمم هذه النتيجةفي تقسيم المقسم،بناء على معرفتها،وإتكاء منهجيا ؛على نظرية ابن خلدون في العصبية،في البنى التنظيمية لفصائل التيار القومي،والمقاربة في حالتها هذه،لم تقدم نماذج للدراسات الميدانية التي تمت في جامعاتنا العربية،ومراكز أبحاثها،وماناقشته من أطروحات،وحلقات بحث عن الانقسامات التي تمت في هذا الفصيل أو ذاك.
تخول المقاربة لنفسها صحة قولها في انقسامات البنى التنظيمية،واستمرارية الانقسام بفعل عمق عصبية القربى في
البناء الاجتماعي العربي،على اختلاف مستوياته البنائية،ووجود الروابط،والبنى القلية،واعتماد هذه البنى،على علاقة القربى،سواء كانت عصبية قربى الدم والجهة،وعصبية والمهنة والحرفة…إلخ وتعود المقاربة ،إلى نظرية العصبية عند ابن خلدون،لتقول إن القربى عند ابن خلدون،ليست فقط قربى الدم،وإنما هي قربى العقيدة والمحلة والمهنة والعصبة،والنادي والحزب،والجمعية وفي كل هذه المستويات من القربى لها عصبيتها،فكم من فصيل من فصائل التيار القومي،لعبت عصبية القربى دورها في انقساماته،وكم من عصبية المذهب والجهة والمدينة،مارست دورها التقسيمي،على أساس كل عصبية من تلك العصبيات.
والخلاصة فإنّ،ثقافتنا العربية ثقافة أهلية تقليدية،الانقسامات تتم بفعل،عصبية قربى الدم والعائلة المركبة، والجهة والعُصْبَة،لإن البنيّة القبلية موجودة في حياتنا العربية،ولاتزال عصبيتها تطبع شخصيتنا الاجتماعية-المجتمعية بطابعها.
*هذه المقاربة،إذ تاتي على موضوعات رئيسة،في وجه العلاقة بين الشخصية والثقافة،بمعناها الأنثروبولوجي ،على عجلة من أمرها،فهي تريد أن تكون محل نقاش في ندوات ودراسات،وأبحاث ميدانية حقلية،حتى نغني ظاهرة الانقسام في التيار القومي العربي،بحثا وتحليلا وتفسيراً،حتى نضع لها المعاني الصحيحة التي تسفعنا،في وضع خارطة ثقافية،تتخطىً
وتتجاوز ثقافتنا العربية التقليدية،وصولا لثقافة عربية حديثة وجديدة،لأيكون فيها موطىء قدم للانقسامات القبلية الأهلية.فهل تجد هذه الدعوة آذانا صاغية.
د-عزالدين حسن الدياب-29-4-2024-تونس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب