مقالات

(بلد العميان) بقلم د. منال حسن مختار

بقلم د. منال حسن مختار

(بلد العميان)
بقلم د. منال حسن مختار
هي قصة للكاتب الانجليزي هيربرت ويلز من نسج الخيال .
يتحدث فيها الكاتب عن مرض غريب، انتشر في قرية نائية تقع في جبال الأنديز، فأصاب هذا المرض سكان القرية بالعمى .. فعاشوا في عزلة وانقطعوا عن العالم، ولم يغادروا قريتهم بسبب عدم الشوف، ومع مرور الوقت تكيفوا مع العمى وأنجبوا أجيال من العُميان، حتى أصبح كل السكان من العميان، ولم يكن بينهم مبصر واحد ..
وذات يوم أتى للقرية متسلق جبال يدعى (نيونز) ليمارس هوايته، وأثناء تسلقه انزلقت قدمه، فسقط من أعلى القمة إلى القرية. ولحسن حظه لم يُصب بأذى، لأنه سقط على أشجار القرية الثلجية .. وبعد تجواله في القرية لاحظ أن جميع البيوت في القرية بدون نوافذ، وأن جدرانها مطلية بطريقة عشوائية ..
فحدث نفسه قائلاً :
لا بُد أن الذي بنى هذه البيوت شخص أعمى ..
وعندما توغل إلى وسط القرية ، بدأ ينادي الناس ، فلاحظ أنهم يمرون بالقرب منه ولا أحد يلتفت إليه ، هنا عرف نيونز أنه في (بلدالعُميان)
فذهب إلى جمع منهم وبدأ يعرفهم بنفسه وأوضح لهم كيف الناس في بلده (يبصرون) ..
وما إن نطق بهذه الكلمة حتى انهالت عليه الأسئلة عن كنه البصر والرؤية وبعد أن شرح لهم كان رد فعلهم أن سخر القوم منه، وبدأوا يتهامسون، ثم اتهموه بالجنون، وقرر بعضهم بعد التشاور إزالة عيون (نيونز)، لأنها السبب في هذيانه وجنونه ..
لم ينجح (نيونز) في شرح معنى البصر لهم وكيف يفهم من لا يبصر، معنى البصر ؟ فما كان منه إلا ان هرب قبل أن يقتلعوا عينيه ، وهو يسأل نفسه :
كيف يصبح العمى صحيحاً، بينما البصر مرضاً ؟! .
“بلد العميان” قصة أراد مؤلفها ان يصف بها كل مجتمع يسوده الجهل والفوضى والفساد والتخلف والفقر والعنف والتعصب ، بسبب أفكار غير صالحة ومُهيمنة عليه ، وأي دعوة تنويرية في هذا المجتمع حتما ستواجه برفض وعنف .. مثلها مثل كل مجتمع تسوده الطائفية ، وكره الآخر المختلف ، والتبرير بألحاق الأذى لكل من أختلف ..
بلد العميان هو ذلك المجتمع الذي أراد الكيزان أن يؤسسوا له في السودان، وجل همهم أن يأخذوا منه ، لا أن يقدموا له ..
فكان مشروعهم التدميري للمجتمع السوداني الذي استهدف قيم وأخلاق الشعب السوداني من خلال تدمير العملية التعليمية والمعرفة الثقافية وبذر بذور الشتات والتفرقة بنهج الجهوية والعنصرية، حتى كاد أن يكون الفساد نهج ينتهج في المجتمع إلا من رحم ربي .
ولكن الفرق في هذه المقارنة أن المستنيرين من أبناء الشعب السوداني لم ولن يهربوا مثلما هرب ( نيونز) …. لأن الثورة مستمرة .
#لا_للحرب
#الهدف_آراء_حرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب