
محاكاة ايرانية للرد
بقلم الدكتور وليد عبد الحي
لا شك ان الهجوم الاسرائيلي على القنصلية الأيرانية في دمشق مؤخرا هو دليل اضافي على ان حسابات نيتنياهو هي حسابات “موهومة وقصيرة النظر”، فهو يسعى جاهدا لجر ايران نحو اعمال استفزازية تغوي الولايات المتحدة للمشاركة المباشرة في المواجهة لكي يتحرر من مركز محور المقاومة ، وبالتالي تجفيف موارد أذرع هذا المحور على غرار ما فعله الامريكيون في العراق، لكن ايران والولايات المتحدة معا_ في ظني _ يدركان تماما مخطط نيتنياهو ، ولكل منهما اسبابه لعدم الدخول في مواجهة مباشرة، ولعل الانباء المتواترة عن اتصالات عبر وسطاء بين واشنطن وطهران لضمان عدم دفع اي من الطرفين الى ما بعد “استراتيجية حافة الهاوية” يعزز هذا التحليل.
لذا ،كيف ستدور المواجهة في ظل الامتناع عن المواجهة المباشرة؟ هنا سنبني محاكاة (SIMULATION) متخيلة لما قد يجري التفكير فيه:
أ- قيام ايران باحتجاز السفينة الاسرائيلية اليوم هو تجسيد لفكرة الرد الأولي دون تحديد وزن هذا الرد في التصور الايراني، وابقاء الباب مشرعا للتسوية والمواجهة المحسوبة بدقة.
ب- ان تقوم ايران –عبر الوسطاء –(في سويسرا او عُمان أو قطر..الخ) بالتقدم باقتراح على النحو التالي:
1- ان تتعهد ايران- بشكل ضمني – بالاكتفاء باحتجاز السفينة الاسرائيلية كرد على هجوم القنصلية مقابل تعهد امريكي بالسعي لدى اسرائيل لوقف القتال في غزة وانسحابها من القطاع ، وربط ذلك باعتباره تنفيذا من اسرائيل لقرار مجلس الامن الدولي الاخير رقم 2728
2- تتواصل ايران مع اطراف محورها لاعلان وقف اطلاق النار بمجرد ان تعلن اسرائيل عن قبولها بالعرض الايراني عبر واشنطن والوسطاء.
3- سيجد هذا التصور الايراني مساندة من الاتحاد الاوروبي والصين وروسيا ونسبة عالية من دول العالم
4- ان تحقيق هذا التصور سيحرر كلا من ايران وامريكا من هواجس انفجار الوضع الاقاليم باتجاه الانجرار لمواجهة امريكية ايرانية.
في مثل هذا الوضع ، تكون ايران حققت ردا رمزيا يمكن تقديمه كمؤشر فيه قدر من مصداقية تهديداتها، ولكنها ستغوي الولايات المتحدة والكتلة الدولية على مساندة هذا التوجه بخاصة في ضوء الموقف الامريكي بالامتناع عن استخدام الفيتو في مجلس الامن.
في تقديري ان هذا التصور سيضع نيتنياهو في موقف في غاية الحرج، فان استجاب لذلك سيتفكك تحالفه السياسي، وان رفض سيزيد الازمة مع الولايات المتحدة، بينما ستشعر ايران انها وضعته في الزاوية..
أن هذا العرض يقدم ايران كما لو انها حريصة على خفض التصعيد دوليا، وانها تستجيب لنداءات اغلب قادة الاقليم، وستجد مباركة من محور المقاومة وبخاصة من المقاومة في غزة…
انها محاكاة افتراضية…ولكنها مشبعة ب”ربما”.