مقالات

غزة :نيتنياهو و التفاوض بالقوة بقلم الدكتور وليد عبد الحي

بقلم الدكتور وليد عبد الحي

غزة :نيتنياهو و التفاوض بالقوة
بقلم الدكتور وليد عبد الحي
لعل احتلال الجيش الاسرائيلي لمعبر رفح يعني وبوضوح لا لُبس فيه أن هذا هو الرد الاسرائيلي على قبول المقاومة الفلسطينية للمشروع القطري المصري ، فالطرف الاسرائيلي لا يفاوض إلا على اساس وضع الخصم في أسوأ الظروف ثم التفاوض معه من خلال هذا الواقع المرير، فالتفاوض ليس فن الجدل، بل فن توظيف متغيرات القوة التي لديك.
أن السيطرة على معبر رفح يعني التحكم التام في فتحتي التنفس لغزة، فنيتنياهو يسيطر اصلا على معبر كرم ابو سالم ،وهاهو يسيطر على معبر رفح، وبهذا يريد خنق غزة تماما، وهو يعتمد في ذلك على عوامل اضافية تزيد من طموحه التفاوضي:
أ‌- زيادة الضغط على الوضع الاجتماعي والاقتصادي البائس في القطاع ،لوضع المقاومة في مواجهة احتياجات متراكمة لشعبها.
ب‌- قناعة نيتنياهو ان الولايات المتحدة لن تتجاوز “دبلوماسية العتب” معه، لا سيما وأن فريق السياسة الخارجية الامريكية الأهم (بلينكن وكيربي وسوليفان وبيرنز) لا يختلفوا كثيرا عن فهم نيتنياهو للتفاوض بانها إدارة متغيرات القوة لتحقيق افضل المكاسب أو أقل الخسائر، ومن الواضح ان موقف الرئيس بايدن ليس معاكسا للهدف الاسرائيلي بل هو يرى امكانية تحقيق نفس الهدف بطريقة اخرى، فهو مع التخلص من حماس واستعادة الرهائن وإيجاد سلطة بديلة للمقاومة في غزة ولكن عبر “توظيف الدول العربية لانجاز هذه المهمة من خلال توزيع الادوار على هذه الدور لتقوم كل منها بدورها” وبالكيفية التي ترضاها اسرائيل.
ت‌- يبدو ان نيتنياهو مقتنع بأن محور المقاومة لن يتجاوز الافق الحالي لعملياته، لذا فان نيتنياهو اقرب للقبول باعباء الوضع الحالي الناجم عن هجمات المحور في لبنان واليمن والعراق ، وهو لن يتراجع عن موقفه إلا في حالة واحدة هي “إذا اتسع الفتق على الراتق”، اي وقوع عمليات توحي بانتقال الصراع من مستواه الحالي الى مستواه الاقليمي بالقدر الذي يقتنع فيه نيتنياهو بأن التفاوض بالقوة لا يتم من طرفه هو فقط بل من محور المقاومة ، فعلى سبيل المثال ماذا لو (أؤكد وأعيد التوكيد على لو):
1- محاولة المقاومة في لبنان استعادة مواقع في مزارع شبعا او غيرها من الأراضي اللبنانية المحتلة وغير المعترف بشرعية احتلالها من المجتمع الدولي .
2- الاغلاق التام لباب المندب او مضيق هرمز وتوسيع الضربات في المحيط الهندي
3- اتساع نطاق الهجمات العراقية
ث‌- ما يشجع نيتنياهو قناعة اخرى مستقرة في فكره السياسي وهي أن دول التطبيع العربية لن تغادر منصة الخطابة الى اجراءات عملية ، لان نيتنياهو على قناعة تامة ان هذه الدول لا تقل لهفة منه للتخلص من ملف المقاومة، وهو ما يجعله مطمئنا لعدم وقوع اي ضرر من هذه الدول على اسرائيل ، فالتجارة مع اسرائيل تتزايد في اتجاهها العام، والاعلام الاسرائيلية ترفرف على سفاراته في عواصم التطبيع كما هو الحال في معبر رفح حاليا (كما ادعى الجيش الاسرائيلي).
ج‌- يعتقد نيتنياهو ان الرأي العام العالمي يمكن اصلاح العطب الذي اصابه بعد تحقيق الأهداف المسطرة لعملية غزة، وحتى لو لم يتم اصلاحه فسيبقى منه القليل على المدى البعيد.
بناء على ذلك ، فان جولة جديدة من الصراع ستدور ، وقد تزداد الصورة ضبابة أكثر ، وسيعمل نيتنياهو على إعادة صياغة البنود التي وافقت عليها المقاومة، وعليه فمن المرجح أن تتجه الاحداث على النحو التالي:
هدف المقاومة الاول هو خروج القوات الاسرائيلية من القطاع ووقف العلميات العسكرية، يقابله هدف نيتنياهو الاول وهو استعادة الرهائن ، وهنا تصبح المعادلة هي كيف نجعل خروج القوات الاسرائيلية ووقف العمليات تسير بالموازاة مع اطلاق الرهائن ؟ فالطرف الاسرائيلي يعلي من اولوية هدفه (الرهائن لانه يحرره من نقطة ضعفه)، والمقاومة تريد وقف القتال ومغادرة القوات الاسرائيلية لان الرهائن هم وسيلة الضغط المركزية بيد المقاومة.
لذا، إذا لم تتسع الجبهة في مواجهة الجيش الاسرائيلي من محور المقاومة لتكن اوسع من الميدان الحالي ، وإذا لم تغادر دول التطبيع مايكروفاناتها ، فان نيتنياهو لن يتراجع وسيكون القادم أسوأ، وهو مستعد لتحمل خسائر هذا التوجه داخليا ودوليا ، اما اقليميا فالامر مرتبط فقط بمحور المقاومة..فهل يجبروه على “التواضع”؟ ربما.
ولكن ماذا لو(نؤكد مرة اخرى على لو) فشل نيتنياهو في الوصول للرهائن ؟او تفاعلت الاوضاع الى حد قتل الرهائن جميعا؟ او ازداد الاضطراب في الشارع الاسرائيلي؟ او تم طرح الامر على مجلس الامن واتخذ المجلس قرارا بوضع اسرائيلي تحت الفصل السابع من الميثاق وبموافقة امريكية؟ او ان نتفاجأ جميعا “ببجعة سوداء”؟ او صمدت المقاومة في رفح وغيرها واصبحت الخسائر الاسرائيلية متجاوزة لما ظن نيتنياهو ؟ هل وضع نيتنياهو كل ذلك في حسابه؟ اشك في ذلك ، لكني على يقين بأنه ” ليس بالذكاء الذي يتوهمه”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب