دراسات
حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية (الجزء السادس ) بقلم يحيى محمد سيف – اليمن
بقلم يحيى محمد سيف - اليمن

حرب المصطلحات التفتيتية
للهوية العربية والقضية الفلسطينية
(الجزء السادس )
مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
يحيى محمد سيف – اليمن

المنطقة هو أحد المصطلحات العائمة والمعومة والمشوشة والملتبسة المعنى التي ابتكرتها مراكز الدراسات الصهuيونية والأمريكية الغربية، في سياق حربهم التفتيتية على هويتنا العربية، فماذا يعني هذا المصطلح الذي يتم الترويج له في وسائل الإعلام الغربية والإقليمية وحتى العربية ?!
هل يعني اختصار لمصطلح منطقة الشرق الأوسط كما قد يعتقد البعض ؟ ام يعني اختصار لاسم الوطن العربي الذي يشمل كل الأقطار الأعضاء في جامعة الدول العربية؟ أم أنه يعني منطقة عربية محددة بعينها ؟ ويرى البعض أن المقصود بهذا المصطلح هو السعودية واليمن أي (شمال وجنوب الجزيرة العربية ) . إن المقصود من ابتكار هذا المصطلح والترويج الموجه له هو أولاً إبعاد كلمة الوطن العربي عن تناول الشباب وبالتالي إضعاف الروح العروبية القومية بينهم ، وإضعاف إيمانهم بهوية أمتهم العربية وبحتمية وحدتها. كما يهدف إلى إيهام المتلقي بأن المنطقة العربية تتمثل فقط في شبه الجزيرة العربية، ومن هنا تكمن خطورة هذا المصطلح ولذلك يتوجب على الصحفيين والإعلاميين في كافة الوسائل الإعلامية التنبه لهذا الأمر وعدم الترويج لهذا المصطلح بتاتاً.

بعد أن عجز الاستعمار القديم بكل وسائله الخبيثة بمافيها فرض الفرنسة، أن يطمس الهوية الثقافية العربية في أقطار مغربنا العربي، عمد دهاقنة الاستعمار الجديد في هذه الآونة على ابتكار مصطلح /شمال إفريقيا / بدلاً عن مصطلح المغرب العربي، مشيرين فيه إلى الأقطار العربية الإفريقية التي لاتقع في إطار النطاق الجغرافي لمنطقة /الشرق الأوسط / ، والعمل على الترويج الاستهلاكي المخطط له في سياق حربهم التفتيتية للهوية القومية العربية بهدف فصل المغرب العربي عن مشرقه وجعله كيانا منفصلاً عن وطنه العربي الأم، فيعرف بهذا الاسم أي شمال إفريقيا . ومن هنا تكمن خطورة الترويج والتسويق الإعلامي لهذا المصطلح وأهمية كشف مضمونه الخبيث

يتبادر إلينا عندما نسمع بمصطلح (إسرائيل وجيرانها العرب ؟) أو (الجار الإسرائيلي) أو (إسرائيل وجيرانها الفلسطينيين) أو عند الإشارة إلى دول الجوار العربي الأسئلة التالية:
هل (إسرائيل) دولة جارة ؟ وهل يمكن تعريفها وفق هذا الاعتبار أم لا ؟
ويمكن اختصار الإجابة بالآتي: أننا نعتقد أن “إسرائيل” جسم غريب ودخيل ضمن الوطن العربي، وهي بذلك ليست دولة جوار يمتلك العمق والجذر التاريخي المشروع لتصنيفها وفق هذا الاعتبار (30).

ماذا يعني مصطلح الشعب الي-هودي ؟ كيف تستخدمه الصه uيونية وتوصفه ؟
فالي-هودية كما نعلم هي دين اعتنقه أفراد ينتمون إلى أقوام مختلفة فضلاً عن بني “إسرائيل” . والمثل الشهير على ذلك كما أشار إليه المفكر العربي أحمد صدقي الدجاني هو تهود إحدى قبائل بحر الخزر والتي كتب عنها ارثركو ستلر في كتابه القبيلة الثالثة عشرة . وقد انتهى معتنقوا الي-هودية إلى أوطان كثيرة فكان منهم، ولا يزال، اليه-ودي البريطاني والبولندي والروسي وغيرهم . وكان منهم اليه-ودي العربي يمنياً وعراقياً ومغربياً إلى آخر الأقطار العربية، وغدى منهم الي¯هودي الأرجنتيني والبرازيلي إلى أقطار أمريكا الجنوبية وهكذا.
لقد حرصت الحركة الصهuيونية العنص-رية بعد قيامها على اصطناع قومية للمنتمين إلى الدين الي-هودي أينما كانوا فطرحت (مصطلح الشعب اليهودي) بهذا المعنى وقرنت ذلك بمصطلح (أرض إسرائيل) على فلسطين . وتبنت قوى الهيمنة الاستعمارية البريطانية هذا المفهوم الصهuيوني بعد أن أسهمت في صياغته. وعمدت إلى توظيفه في إيجاد قاعدة استعمارية استيطانية في فلسطين في قلب الوطن العربي ودائرة الحضارة الإسلامية، وحذت حذوها
قوى الهيمنة الاستعمارية الأمريكية، حين صارت لها القيادة الاستعمارية بعد الحرب العالمية الثانية.
إن اعتماد الحركة الصهuيونية (مصطلح الشعب الي-هودي) مكنها من التحكيم في مصير كل يهودي أيا كانت قوميته واضعة نصب عينها تهجيره من وطنه إلى فلسطين حيث القاعدة الاستعمارية الاستيطانية ، فارضة عليه قبل نجاحها في ذلك ازدواجية الولاء، ولاؤه كمواطن في بلده، وولاؤه لها، وقصة جوناثان الأمريكي اليهودي الذي تجسس( لإسرائيل) في الموضوع النووي ضد المصالح الأمريكية معروفة، وهو لا يزال حتى اليوم في السجن الأمريكي، وهكذا نجد الص-هانية مصرين على اعتبار اليه-ودية قومية وليست مجرد دين (31).

وعند تأملنا في مقولة (إسرائيل) مهد الشعب اليه-ودي نجد أن الحركة الص-هيونية طرحتها للدلالة على الكيان الاستعماري الاستيطاني الذي توافق مع قوى الهيمنة الاستعمارية البريطانية على إقامته في فلسطين ، فكان أن أصدرت بريطانيا تصريح بلفور في 1917/11/2م بإقامة وطن قومي للي-هود في فلسطين، وهكذا كرست مصطلح وطن قومي.
وحين نجحت قوى الهيمنة الاستعمارية في استصدار قرار تقسيم فلسطين يوم 1948/5/15م أطلقت عليها اسم (إسرائيل) ، واصطنعت لها تاريخاً أخضع كتب الدين اليه-ودي لقراءة صه-يونية عنص-رية تجلت في قول شارون : (إسرائيل مهد الشعب اليهودي) ، وهو قول يضرب عرض الحائط بحقائق تاريخ فلسطين الموغل في القدم الذي أسهب المؤرخون في تناوله والحديث عن حضارات العموريين والكنعانيين والفينيقيين الأراميين وكل الحضارات التي وجدت وازدهرت في فلسطين العزيزة (32).

انطلاقاً من الشعور بهشاشة مصطلحي الشعب اليه-ودي و (إسرائيل) عمد الص-هانية إلى طرح مقولة حق (إسرائيل)في الوجود كدولة يه-ودية.
وتجدر الإشارة إلى أن تكريس هذه المقولة يتضمن أيضاً إطلاق أيدي الص-هاينة لتهجير الي-هود من أوطانهم إلى فلسطين كما فعلوا منذ عام 1948م ونقول تهجير وليس هجرة لأن الأمر تم قسراً بمؤامرات صهuيونية مدبرة حفظها التاريخ وعانى بسببها الكثير من اليه-ود (33).

إن مقولة عذابات اليه-ودي على مر التاريخ هي إحدى المقولات الصهuيونية التي يكذبها التاريخ والتي لم يكن للعرب والمسلمين دور فيها ولكن عمل الص-هانية على الترويج لها ليصوروا للي-هودي أن الحل الصه_يوني بإقامة دولة يه-ودية للشعب اليه-ودي هو السبيل الوحيد لإنهاء هذه العذابات. ويكفي لتفنيد هذه المقولة أن نذكر أن اليه-ود الذين عاشوا في ظل الدولة العربية الإسلامية على مدى قرون لم يعرفوا عذابات بل كانوا مثل أتباع الأديان والملل الأخرى أهل ذمة معززين مكرمين، لهم حقوق وعليهم واجبات. أما عذابات بعضهم في دول معينة من خارج الوطن العربي والعالم الإسلامي وخلال فترات قصيرة فكانت استثناء وقد شملت أتباع أديان أخرى. فمحاكم التفتيش في اسبانيا إثر نكبة الأندلس أستهدفت المسلمين قبل اليهود – وأصحاب الأخدود من النصارى المؤمنين عذبهم حاكم يه-ودي طاغية وهكذا. لذا فإن هذه المصطلحات باطلة وينبغي الحذر منها ومما يترتب عليها من شرور لأمتنا(34).
الهوامش والمراجع
1-يحيى محمد سيف -الفضائيات العربية وحرب المصطلحات المضللة صحيفة ( الإحياء العربي ) الأسبوعية لسان حال حزب البعث العربي الاشتراكي القومي قطر اليمن العدد(138) تاريخ 11سبتمبر / ايلول 2000م صفحة (

2-د/غازي حسين -الشرق الأوسط الكبير بين الصهuيونية العالمية والإمبريالية الأمريكية
3-الموسوعة السياسية -عبد الوهاب الكيالي وآخرون – المؤسسة العربية للدراسات والنشر -بيروت الجزء الثالث -الطبعة الاولى 1983م صفحة (457)
4-د/غازي حسين -المصدر السابق
5-المصدرالسابق
6-الموسعة السياسية المصدر السابق
7-يحيى محمد سيف – الفضائيات العربية وحرب المصطلحات المظللة -الجزء الثاني – الاحياء العربي العدد (139)
8-م/فتحي شهاب الدين -كتيب المشروع الشرق اوسطي – دار البشير للثقافة – مصر – الطبعة الأولى 1418 هجرية الموافق 1998 م صفحة (4)
9-لمي قنوت – عضو المكتب السياسي لحركة الاشتراكيين العرب -سوريا – احتلال العراق ومشروع الشرق الأوسط الأكبر – صحيفة ( الإحياء العربي ) صفحة ( 4) العدد(303) نيسان /ابريل 2004م
10-م/ فتحي شهاب الدين المصدر السابق ص (4-5)
11-لمي قنوت المصد السابق
12-م/ فتحي شهاب الدين مصدر سابق صفحات (5-6)
13-لمي قنوت -مصدر سابق
14-فنحي شهاب الدين المصدر السابق صفحات (6-7)
15-المصدر السابق
16-لمي قنوت المصدر السابق
17-فتحي شهاب الدين المصدر السابق صفحة (18_19)
18- فتحي شهاب المصدر السابق ص (8-9)
19-لمي قنوت المصدر السابق
20-مروان حبش – الشرق الأوسط الأكبر – صحيفة ( الإحياء العربي ) السنة الثامنة ابريل 2004م العدد(303)صفحة (5)
21-الواقع والبديل في قضية فلسطين -مجلة فلسطين المسلمة العدد(12) كانون الأول / ديسمبر 2000م صفحة (42)
22-مجلة متابعات فلسطينية -العدد(58) الصادر بتاريخ 2000/8/28م صفحة (26)
23-د/ شفيق السامرائي
– الأبعاد القومية والدولية للعدوان على العراق -وزارة الثقافة والإعلام – دار الشؤون الثقافية العامة – بغداد – 1993م- إعداد حمزة مصطفى –
24- حسن طوالبه – الأبعاد القومية والدولية للعدوان على العراق المصدر السابق صفحة (349)
25-واثق الداني – الابعاد القومية والدولية المصدر السابق ص ( 362-363)
26-د/ ص م /مجلة آفاق عربية – صفحة 17-1993م
27-د/ سوزان كوريز – النظام العالمي الجديد : هل هو جديد حقا؟ -مجلة الفرسان العدد( 693) الاثنين 20 أيار / مايو 1991م صفحة (53)
28-جورجي قدروف – اعداء السلام والتقدم – صادر عن دار الفارابي بيروت – وكالة أنباء نوفسني – موسكو – صفحة (29)
29-مفهوم الأمن الصهu يوني والعسكري في ظل التسوية – مجلة البراق – العدد(5) سبتمبر 2001 م ص(11)
30-د/ قيس محمد نوري – الابعاد القومية والدولية للعدوان على العراق مصدر سابق صفحة (317)
31-أحمد صدقي الدجاني – مرحلة جديدة من حرب العولمة – ومصطلحات صهuيونية ..-مجلة السياسية الصادرة عن وكالة سبأ للأنباء الرسمية -صنعاء- العدد( 18627) 24يونيو 2000م -صفحة (10)
32-أحمد صدقي الدجاني المصدر السابق-
33-أحمد صدقي الدجاني المصدر السابق
34-يحيى محمد سيف – الاستشهاديون ليسوا انتحاريين ولاقتلة كمايزعم الأمريكان –
صحيفة ( الإحياء العربي ) 18- أبريل 2002م
35- صحيفة الثورة العراقية -بغداد 16 – 4-2002م (أ،ق،ب)
35-يحيى محمد سيف /الإحياء العربي / المصدر السابق