مقالات

“الشياطين الـ”13″ والحلم العربي” بقلم: حمدي صلاح الدين

بقلم: حمدي صلاح الدين -السودان -

“الشياطين الـ”13″ والحلم العربي”
بقلم: حمدي صلاح الدين
#آراء_حرة
• يروى أن المهلب بن أبي صفرة، فاتح مدن ما وراء النهر وهو والي من ولاة الأمويين على خراسان، لما أشرف على الوفاة استدعى أبناءه السبعة ثم أمرهم بإحضار رماحهم مجتمعة، وطلب منهم أن يكسروها، فلم يتمكن أي منهم على كسرها مجتمعة، فقال لهم: فرقوها، وليتناول كل واحد رمحه ويكسره، فكسروها دون عناء كبير، فعند ذلك قال لهم: أعلموا أن مثلكم مثل هذه الرماح، فما دمتم مجتمعين ومؤتلفين يعضد بعضكم بعضا، لاينال منكم أعداؤكم غرضا، أما إذا اختلفتم وتفرقتم، فإنه يضعف أمركم، ويتمكن منكم أعداؤكم، و يصيبكم ما أصاب الرماح ثم أنشد :
كونوا جميعا يا بني إذا اعترى خطب ولا تتفرقوا آحادا..
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت أفرادا.
• في ثمانينيات القرن الماضي، استطاع كاتب سلسلة مغامرات “الشياطين ال” 13″”، الكاتب المصري محمود سالم، استطاع أن يخلق وحدة عربية في أذهان القراء من المحيط إلى الخليج عبر سلسلة روايات بوليسية تتحدث عن فريق عربي موحد يخوض المغامرات ويحقق الانتصارات المتوالية .
• دغدغ سالم مشاعر جيل الثمانينيات بهذا الفريق لترسيخ مفاهيم الوحدة العربية وأهميتها لكل العرب، ذلك قبل أن تشتعل بالحروب سوريا واليمن وليبيا والسودان عطفا على فلسطين المحتلة.
• الفريق الذي أطلق عليه سالم اسم “الشياطين ال” 13″ كان يتكون من “شاب أو شابة” من كل “دولة عربية” فكان عثمان “السودان” ، أحمد “مصر” ، إلهام “لبنان”، هدي “المغرب” وبوعمير “الجزائر” وآخرين يقودهم “الزعيم رقم صفر” وقد قدم محمود سالم أكثر من “250” رواية أسهمت في تشكيل ورسم صورة ذهنية عن وحدة العرب في أذهان جيل الثمانينيات.
• ثم جاء أوبريت “الحلم العربي” الذي شاركت فيه الفنانة السودانية سمية حسن، جاء ليجمع “فرقاء السياسة العربية” على “مسرح الفنون” الحالم ب”وحدة العرب” .
• جاء أوبريت الحلم العربي لينادي بوحدة عربية عبر فن “الأوبريت” بأن:
ده حلمنا ..
طول عمرنا..
حضن يضمنا..
يضمنا كلنا..
كلنا كلنا..
• فدغدغ مدحت العدل، كاتب أوبريت “الحلم العربي” مشاعر جيل التسعينيات بأحلام الوحدة العربية تماما كما فعل محمود سالم في سلسلة “الشياطين ال”13″”.
• هنا تبرز أسئلة كثيرة هل لا يتفق العرب إلا في خيال الأدباء والشعراء وفي مسارح الأوبرا وعلى صفحات الروايات البوليسية؟ أم أن العرب سيفيقون من حالات الفرقة والشتات ليجعلوا من اتحادهم “فرض عين” تسعي إليه كل دولة عربية في ظل المهددات التي تحيط بهم من كل جانب.
• بعد زوال الاتحاد السوفيتي رسمت أمريكا صورة ذهنية في أذهان العرب والعالم أجمع صعب عليهم جميعا تجاوزها، صورة القطب الواحد الذي يتحكم في كل العالم ويسير العالم وحيدا منفردا.
• لم يفكر العرب في الخروج من تلك الصورة الذهنية المدعمة بقوة اقتصادية وعسكرية تسلط سيفها على رقاب العرب والمستضعفين من أهل القرى والمدن.
• إنحصر تفكير العرب حول كيفية إرضاء جبروت القطب الواحد.
• لم تذهب خيالات العرب بساستها وجهابزتها وعرابيها الي التفكير خارج صندوق القيد المحكم علي الأعناق.
• لم تفكر العرب بثرواتها وبترولها ونفطها وقوتها العسكرية وكادرها البشري وحيلتها ومكرها، لم تفكر في خلق قطب آخر يعمل على حفظ التوازن العالمي وقلب معادلة السيطرة على العالم.
• لم تفكر العرب في صنع تحالف سياسى اقتصادي عسكري يزلزل عرش القطب الواحد ويخلق توازن عالمي مع أن إمكانية ذلك كانت متوفرة.
• العرب تجهل إمكانياتها وتجهل ثرواتها وتعيش حبيسة صورة ذهنية إطارية وضعها لها القطب الواحد.
• تقدر المساحة الإجمالية للوطن العربي بحوالي “14” مليون كيلومتر مربع، وهي تمثل حوالي “10.2%” من مساحة العالم. وإذا قارنا “المساحة” ب “الموارد” سنخلص إلى القوة غير المستغلة بسبب الفرقة والشتات.
• مثلا، في مجال النفط تسيطر الدول العربية على “55%”من احتياطي النفط في العالم وبالنسبة للإنتاج فهو لا يقل عن ذلك بل يزيد.
• وتمتلك الدول العربية احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي يفوق ربع الاحتياطي العالمي.
• وتبلغ مساحة المراعي في المنطقة العربية حوالي “425” مليون هكتار (الهكتار الواحد يعادل “10” آلاف متر مربع)، أي حوالي “32%” من المساحة الإجمالية للدول العربية.
• ويمتلك السودان “170” مليون فدان صالحة للزراعة المستخدم منها “40” مليون فدان فقط، ويوجد “130” مليون فدان صالحة للزراعة ولا تستثمر تلك المساحة بسبب الحرب وتحديات نقص البنى التحتية.
• أما في مضمار ” احتياطي النقد الأجنبي” الذي يشير إلى الودائع والسندات من العملة الأجنبية فقط التي تحتفظ بها المصارف المركزية والسلطات النقدية، تعد السعودية من بين أكبر الدول امتلاكاً لاحتياطي من النقد الأجنبي في مصرفها المركزي، إذ تتجاوز “400” مليار دولار، وتحتل المرتبة التاسعة عالمياً، بينما تأتي الولايات المتحدة خارج العشرة الكبار رغم أن كون الدولار هو العملة المعتمدة لقياس الاحتياطي النقدي حيث تحتل المركز الثالث عشر في القائمة باحتياطي نقد أجنبي يبلغ “242” مليار دولار بينما تحتل الصين المركز الأول “2023م”.
• على العرب أن تستفيق من حالات الفرقة والشتات التي تعصف بها وعليها أن تعي الدروس والعبر الماثلة كشواهد قبل فوات الأوان.
• على العرب أن تستحدث آليات جديدة ومسارات جديدة في صراع استباقي حول “كنه البقاء”.
• على العرب أن تستحدث تحالفات وواجهات جديدة غير الجامعة العربية مسلوبة القرار والإرادة.
• إن الوقت يمر والمخاطر والمهددات تتمدد فهل يفيق العرب من الغفلة؟ ولو إفاقة متأخرة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب