نتنياهو المأزوم يتحدى المؤسسة العسكرية… ويستفز الحليف بايدن!

نتنياهو المأزوم يتحدى المؤسسة العسكرية… ويستفز الحليف بايدن!
د. عبد الله خليفة الشايجي
يستمر نتنياهو بخوض حرب عبثية بلا أفق، برغم تصاعد الاتهامات من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية باتهام القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية مع منظمات حقوق الإنسان لجيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية واستخدام التجويع كأداة في الحرب وخاصة في شمال غزة لمنع إدخال المساعدات الغذائية للقطاع المحاصر والذي بات معظمه محتلا من جيش الاحتلال الغازي، وتعمق معضلة الانقسامات الداخلية والانشقاقات داخل تحالفه وتصلب الجناح المتطرف ممثلا ببن غفير وسموترتش بالإصرار على الحرب العبثية برغم انسداد أفقها وفشلها بتحقيق أهدافها، واستقالة الوزيرين غانتس وايزنكوت اللذين كانا الأقل تطرفا من مجلس الحرب، وإلغاء نتنياهو مجلس الحرب لرفضه ضم بن غفير لعضويته.
بدأت المؤسسة العسكرية بالضغط للتوصل لصفقة مع حماس تجنبها الاستنزاف على جبهتين. وبالتالي أصبحت المؤسسة العسكرية للمرة الأولى، أكثر واقعية من تهور نتنياهو! وهذا يفضح نتنياهو وحكومته المتطرفة وحرب إبادته الوحشية!!
وتصاعد سجال واشتباك نتنياهو شخصيا مع مؤسسة الجيش بطريقة غير مسبوقة ـ في الأسبوع الماضي، تعبر عن عقدة النقص التي يعاني منها لكونه من زعماء إسرائيل القلائل الذين يفتقرون لخلفية عسكرية وخبرة قتالية لأهم وأقدس مؤسسة في نظام الاحتلال الإسرائيلي.
وبدأ التباين والخلافات بين نتنياهو وحكومته ـ بعد إعلان الجيش عن هدنة يومية الأسبوع الماضي في رفح ـ ورد نتنياهو بنكران علمه بالهدنة بعد انتقاد اليمين المتطرف هجوما رافضاً للهدنة. ليصعّد نتنياهو بتأكيده حسب تسريبات في اجتماع وزاري مهاجمته للجيش واصفاً «إسرائيل دولة لديها جيش ولسنا جيشاً لديه دولة «!!
وصدم دانيال هاغري الناطق باسم الجيش الإسرائيلي نتنياهو والمؤسسة السياسية باعترافه في مقابلة مع قناة إسرائيلية على الهواء مباشرة الأسبوع الماضي: «الاعتقاد أن بالإمكان تدمير حركة حماس وإخفاءها هو ذر للرماد في عيون الإسرائيليين».وأن حماس فكرة وحزب، وأنها مغروسة في قلوب الناس، ومن يعتقد أن بإمكاننا إخفاءها فهو مخطئ…و هي فكرة لا يمكن القضاء عليها، فالإخوان المسلمون موجودون في المنطقة»!! ما ينسف سردية نتنياهو وزمرته المتطرفة!
بإنهاك جيش الاحتلال بحرب استنزاف وبلا أفق في غزة، وعدم قدرة الجيش القتال على جبهتي غزة وضد حزب الله، بدأت المؤسسة العسكرية بالضغط للتوصل لصفقة مع حماس تجنبه الاستنزاف على جبهتين
واضح احتدام الخلافات بين الطرفين وذلك بعد وصول الجيش لقناعة أنه ليس بمقدوره تحقيق مزيد من الإنجازات في غزة بهزيمة حماس وإطلاق سراح الرهائن ـ ما يناقض ادعاءات وأهداف نتنياهو غير الواقعية يكررها بلا ممل على غزة.
كما يطالب الجيش بصفقة مع حماس لتخفيف المواجهة مع حزب الله في الشمال أو لتكون حلاً لتجنب حرب في الجبهة الشمالية مع حزب الله، خاصة مع كشف أن عشرات آلاف الجنود يطلبون ويخضعون لعلاج نفسي لمعاناتهم من متلازمة ما بعد الصدمة لهول ما عاشوه في حرب غزة، واستمرار الحرب المفتوحة الوحشية على غزة يعقد ويصعب من فرص التوصل إلى صفقة مع حماس ووقف الحرب وتخفيض التصعيد مع حزب الله.
لكن بإنهاك جيش الاحتلال بحرب استنزاف وبلا أفق في غزة-وعدم قدرة الجيش القتال على جبهتي غزة وضد حزب الله، بدأت المؤسسة العسكرية بالضغط للتوصل لصفقة مع حماس تجنبه الاستنزاف على جبهتين. وبالتالي أصبحت المؤسسة العسكرية للمرة الأولى، أكثر واقعية من تهور نتنياهو!
خاصة أن الحرب تحولت لحرب استنزاف بتكبيد جيش الاحتلال الغازي خسائر مكلفة بالجنود والعتاد بعمليات عسكرية جريئة باستهداف وتدمير دبابات ميركافا وعربات وجرافات وحاملات الجنود فخر الصناعة الإسرائيلية في مناطق ومخيمات سيطر عليها جيش الاحتلال الغازي منذ أشهر في شمال ووسط القطاع وفي رفح!!
وكأن افتعال نتنياهو المأزوم مواجهة واشتباكا مع المؤسسة العسكرية وتوسع الانشقاقات والاستقالات في ائتلافه لم يكن كافيا، عمد لفتح جبهة مواجهة واستفزاز مع الرئيس بايدن وإدارته وصلت لدرجة توجيه إهانات وتدخل بالشأن الأمريكي، بتصعيد مستفز مع الحليف!! وذلك برغم الدعم العسكري والمالي والسياسي، وصل لاستخدام الفيتو أربع مرات في مجلس الأمن لحماية إسرائيل ومنع إدانتها ورفض وقف الحرب ومنع حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. يعول نتنياهو على حلفائه الجمهوريين في الكونغرس والرهان على إطالة الحرب إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر القادم على أمل فوز ترامب بالرئاسة والإفلات من القيود المحدودة التي يفرضها بايدن بتجميد شحنة قنابل حتى لا تستخدم في الحرب على رفح التي عارضتها إدارة الرئيس بايدن لفظاعة تدميرها وقتلها المدنيين.
ليهين نتنياهو بايدن بنشره فيديو يتحدث باللغة الإنكليزية موجهاً للكونغرس والناخب الأمريكي يلوم وينتقد «من غير المعقول حجب إدارة بايدن في الأشهر الماضية الأسلحة (شحنة أسلحة قنابل ثقيلة)عن إسرائيل.. وشبّه نفسه بتشرشل في الحرب العالمية الثانية-أعطونا السلاح لننهي حماس ونحارب إيران!! ليحمّل فشله في الحرب على تأخر بايدن بتسليم الذخيرة!!
ما فجّر توترا وعتابا غاضبا من إدارة بايدن بوصفها «مثيرة للقلق ومخيبة للآمال..». فُسّر نشر نتنياهو للفيديو تدخلا في انتخابات الرئاسة لمصلحة ترامب. بايدن في ورطة مع اقتراب موعد الانتخابات، ويضغط لإنهاء الحرب لإرضاء الجناح التقدمي الديمقراطي والناخبين العرب والمسلمين وشباب الجامعات والناشطين الغاضبين والمنتفضين ضد حرب الإبادة في غزة.
مأزق نتنياهو يتعمق في مستنقع غزة واستفزازه للجيش وبايدن يسرّع بسقوطه وهزيمته وفريقه المتطرف لفشله بتحقيق أهدافه، لينهي حياته كأسوأ رئيس وزراء ومجرم حرب وسجين.
أستاذ في قسم العلوم السياسية ـ جامعة الكويت