مقالات

أنثروبولوجيا ثقافة الحقد والكراهية في المجتمع العربي بقلم د-عزالدين حسن الدياب

بقلم د-عزالدين حسن الدياب

أنثروبولوجيا ثقافة الحقد والكراهية في المجتمع العربي
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
إذا أردت أن تجدد في الحياة العربية،أقصد بنيانها الاجتماعي في كل مستوياته الجهوية والوطنية والعربية،فعليك أن تصوِّب نظرك نحو الثقافة العربية،على اختلاف أبنيتها الثقافية.
تبدأ هذه المقاربة من أطروحة تقول:قل لي ماثقافتك أقول لك من أنت،فالثقافة بناء على علماء الثقافة هي التي تكوننا،وتحدد معالم شخصيتنا الاجتماعية،بل قل هي التي تضع بصماتها الرئيسة على سلوكنا الاجتماعي.
وعن سؤال ماهي الثقافة،قل هي عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا وأعرافنا وأمثالنا الشعبية وحكمنا ومعتقداتنا في كل تنوعاتها ومرجعياتها السماوية والأرضية،وهي أيضا تراثنا الروحي والمادي والاجتماعي والفكري،وما نراه من حدائق وشوارع ومساكن وصناعات يدوية ومعامل .
وعن اختلاف وجهات نظر علماء الأنثروبولوجيا الثقافية والنفسية والاجتماعية والطبية حول تاثير الثقافة في سلوك الأفراد والجماعات،وما يتأتى منها وعنها من مواقف وآراء وقناعات وسلوك يومي،فردي وجماعي،اختلفت الآراء وتباينت،وتعددت مرجعياتها العلمية والفكرية،فمنهم من قال إنها وراثية،ومنهم من قال إنها مكتسبة،وفي مقدمتهم،وأكثرهم عمقاً وقدَماً،العلامة العربي أبن خلدون،وآخر قال بالتنشئة،وتفاعل الإنسان اليومي مع أقرانه وبيته،ومدرسته وحيه،وحتى حزبه وناديه الاجتماعي،وتترك الأنثروبولوجيا في تعدد مدارسها مساحة للفرد في تكوينه البيولوجي والاجتماعي والثقافي فرصة للأفراد في التميز في هذا الموقف أو ذاك،وفي هذه القناعة وتلك وما تفرزه من سلوك اجتماعي يومي.
وخلال استطلاعاتي الحقلية/الميدانية لظاهرة الحقد والكراهية،وتتبعها في الشارع والأحزاب والجامعات،وحتى الحي ومافي حكمه من مؤسسات ونواد وجمعيات،تبين أن للحقد ،على مستوى الفرد والجماعة مجموعة من المحدِّدات الثقافية الاجتماعية والفكرية والعقديّة،وفي حالة خاصة فردية،ومنها الحقد الذي يأخذه الفرد من أسرته بفعل الحرمان والفاقة والاضطهاد والقهر والتفرقة.
وفي هذه الحالة الفردية الأخيرة،يمكن للفرد أن يأخذ الحقد والكراهية بالتعلم والاكتساب مرة،وبالتقاليد والتعبئة مرة أخرى.
ومجتمعنا العربي الذي ابتلى بوازع العصبية القبلية،وما تنتجه من سلوك يومي مبني على نزعة الانقسام والضغينة، والتفرقة بين الأولاد ،وبين الذكور والإناث،وعلى الانتقام والثأر،والمباهاة بالانتقام وأخذ الثأر.نعم! في هذا المجتمع تقوى وتتكاثر محددات الحقد والكراهية،ويتكاثر معها السلوك الاجتماعي الذي يتعين داخل البناء الاجتماعي العربي على اختلاف مستوياته البنائية،على شكلٍ ظواهر،وسلوك اجتماعي.
وعندما نضع ثقافة الحقد والكراهية أمام نظرنا لاستشراف تجلياتها وتعيناتها، في حياتنا الاجتماعية اليومية،من خلال ما نراه من عنف مجتمعي في أكثر من قطر عربي،فإننا نريد من جراء ذلك أن لانرى هذا العنف رؤية سطحية بما يُعٌلي من محددات ثقافية ظاهرة للعيان،وإنما أن نراه من خلال النمط الثقافي العربي بما حمل من موروث ثقافي وتعيناته التاريخية،إذا جاز هذا التعبير،وبما نرثه من ابائنا،ونتعلمه من أقراننا في حياتنا اليومية.
وللحقد/والكراهية،وما يجمعهما من محددات ثقافية،نعثر عليه في النمط الثقافي العربي الرئيس،وما يتفرع عنه من أنماط ثقافية جهوية ووطنية،وما يسكنه من سلوك موروث ومكتسب. أقول لابد ونحن نتخذ مواقفنا في أحزابنا ومدارسنا وعائلاتنا أن نبحر في المحددات الثقافية للواقعة الاجتماعية التي سببها الحقد والكراهية،والظاهر والباطن في تلك المحددات،حتى نحرر تلك المواقف من كل ماهو باطن وموروث في تلك المحددات.وهذا لاينسينا أن الثقافة العربية غنية بالحب،والمحبة،والألفة،والتراحم،والتضامن…إلخ.
سأل صديقي رفيقه وقريبه لماذا أنت تحقد على فلان وتكرهه،فأجاب: هيك ..لست ادري.
فعلقت:هيك ولست أدري واحد،وما فيهما عناصر ثقافية تغزي الكراهية..هُوَ..هُوَ الجواب واحد من الناس.
د-عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب