ثقافة وفنون

تائهٌ في الصّحراء. (قصّة راعٍ)

تائهٌ في الصّحراء.
(قصّة راعٍ)

بقلم علي أو عمو.

خرج الرجل من بيته يهش على غنمه، ويبحث عن الكلأ لماشيته، اتجه إلى مكان بعيد عن مأواه يظن أنّ
به مرعًى لماشيته، وصل إلى ذلك المكان، مكثَ به قليلاً، ثمّ سار قليلاً، وهو يهشّ على غنمه، وينفخ في
النّاي تارةً ويغنّي تارةً أخرى.
نسي الرجل نفسه، وإذا به قد توغّل في صحراء مقفرة لا حدَّ لها، كثبان من الرمال المتراكمة تمتد على
طول بصره، فكّر في العودة من حيث أتى، قصد العودة إلى بيته، يبحث الرَّجل عن النجاةِ من الكارثة التي

وضع فيها نفسَه، و خشي أن يُلاقيه وحش مفترس يمزِّق جسده، انتابَهُ الرعب طويلاً، وهو بين الخوف
والرجاء، الخوف من مَصيره المَجهول، و الرجاء في إيجاد مَن يُنقِذُه و يَهديه السبيل.
يرى الثعابين تزحف بالقرب من أقدامه؛ فيهوي عليها بعصاه الطويلة، ثم يرى العقارب المختلفة الألوان
والأشكال تصول وتجول، ظنّ أنَّ هذا اليوم هو آخر يوم من حياته، ولكن أمله في النجاة كبير لا يزال
يحدوه، ويقينه في العودة إلى بيته سالماً يظل هدفَه الوحيد. وبغتة لاحت له من بعيد قافلة من الإبل تسير
في اتجاهه رويداً رويداً. فرح الراعي، وسُرَّ قلبه، وانفتح أسارير وجهِه، وأدرك أن نجدته بين يدي تلك
القافلة، وقف ينتظر وُصول القافلة بِشَغَف كبير، تسمَّر في مكانه إلى أن وصل الرِّجال، قصَّ عليهم واقعتَه
بكل تفاصيلها، نزل رجل من فوق جمَله وأمره بالركوب، وتكفّل آخَر بالقطيع إلى أن خرجوا من تلك تلك
الصحراء المُترامية الأطراف، آنذاك عرف الراعي طريقه، واهتدى إلى سبيله. شكر رجال القافلة، وأخذ
سبيلَه نحو بيته فحمد الله على نجاته.
وصل إلى بيته ليلًا، فأخذ يحكي لأبنائه ما وقع له، لم يُكمل قصته الطويلة العريضة حتى نام الأطفال على
إثر هذه الحكاية العجيبة الغريبة، أما زوجته فأخذتْ تذرف دموعها من هوْل الفاجعة، قامت إلى المطبخ
لتُعدَّ له طعاماً يسدُّ به رمقه، مشى الرجل خلفها يمسح دموعها ويُهدّئ من خوفها وروعها.

كاتب من المملكه المغربيه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب