مقالات

عُلماؤنا بين السياسة و الدين؟؟…

عُلماؤنا بين السياسة و الدين؟؟…

بقلم: علي او عمو.

"حيّا أحد المفتيين العرب "لا مَجالَ لذكر اسمِه"، حَيّا إحدى الجامعات على قرارِها القاضي بالفصل بين الجنسيْن في
الدّراسة ومنْع الاختلاط".
وأوضح أن هذا القرار "يُراعي الفطرة، وتربية للنشء على الحياء والعفة والطهارة"، داعياً جميع الجامعات في البلاد
الإسلامية إلى أن تحذو حذو هذه الجامعة."

• من خلال هذا الخطاب، نُلاحظ أنَّ مُعظم "عُلماء المُسلمين" يخوضون في أشياء تافِهةٍ، و لم يَجرُؤوا يوْماً في الدُّخول
في صميم الموضوع و لُبِّه لإظهار الأسباب الرّئيسيّة وراء تفشّي جميع الانحلالات الخلقية المُستشرية في بُلدانهم،. لقد
عمِلت "السياسات المخزنيَّة" في وضع شروخ عميقة في المُجتمعات بطُرقٍ عديدة و مُتنوِّعة، حتَّى تُكبِّل هذه الشعوب
بإلْهائها عمّا يدور في كواليس سياستِهم التي ترمي و تهدف إلى الإبقاء على الأوضاع "السياسويّة" القائمة على ما هي
عليه: طبقات و عائلات تتحكَّم في جميع أمور هذه البلدان، لا ديمقراطية ولا حرية و لا عدالة و لا توزيع عادل للثروات

الهائلة…. و من أجل ضمان استمرارية هذه الأوضاع، عمِدت إلى نشر الرذيلة في أوساط مجتمعاتها بذريعة الحداثة و
العصرنة و ما إلى ذلك من المفاهيم الفارغة. لقد انتشرت في هذه البلدان حانات للخمور و ملاهي ليلية للغناء و الرقص و
شرب الخمر… بالإضافة إلى استيرادها للأفلام الخليعة و بتِّها في قنواتها التلفازيّة… فلماذا لم يقُم هؤلاء "العلماء
الدّينيّون" من تطبيق ما جاء في ديننا الحنيف و عبر دستور المسلمين ،القرآن الكريم، في مجال الأمر بالمعروف و النهي
عن المُنكر، قال تعالى: "كُنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهوْن عن المُنكر و تؤمنون بالله".. فلماذا لا
يقوم هؤلاء "العلماء" بِنهْي "السُلُطات المخزنيّة" الحاكِمة بالكفّ عن هذه الفواحش و المُنكرات التي تُساهم في تدمير
أخلاق شبابنا المُسلم الذي نُريدُه أن يتربّى في كَنَف أسَر عفيفة مُحتشِمة ،كما كان عليه الحال في ماضينا المَجيد، حيث
يعيش النشء في أوساط الفضيلة و حسن الخُلُق، حين كان أولياء الأمور في مُستوى المسؤولية، يحمون شعوبهم و
مجتمعاتهم من كلّ اسباب الانحراف و الابتعاد عن شرع الله تعالى، و أعني بذلك، أمراء المُسلمين من الخلفاء الراشدين و
التّابعين الصالحين الذين جاءوا من بعدهم، الذين ساروا على المحجّة البيضاء ليلُها كنهارها.
• هناك في "العالم الإسلامي" عُلماء أفداد، متضلعون في مُختلَف صُنوف العلم الحديث، في العلوم الطبيعيّة و في الفيزياء
و الكمياء و الرياضيات و غيرها، و استطاعوا أنْ يجمعوا بين هذه العلوم و بين علوم الدّين، و لذلك فهم وَحدَهم المُؤَهَّلون
للخوض في أمور ديننا الحنيف، بالشرح والتفسير العلمي الصحيح للنصوص القُرآنيّة، لكونهم مَنطقيِّين في تَناوُلهم
للمواضيع الخاصة بالتعاليم الإسلاميّة من الزاويّة العلميّة بعيداً عمّا جاء في كُتُب "العُلماء الأقدمين" الذين خاضوا في
المسائل الدينيّة، حسب الظروف و الأحوال التي كانوا يعيشون في كَنَفِها، و وِفْق طبيعة أفكار مُجتمعاتهم آنذاك، التي هي
مُجتمعات مُعظمُها من بُسطاء العقول، هؤلاء العُلماء يلجأون في غالب الأحيان إلى التفسير السطحي للأمور الدينيّة في
غياب عِلْمِهم لا لعلوم الفيزياء و الكيمياء و الرياضيات و علوم الفضاء، التي تُعتَبر من أهمّ المفاتيح الأساسية لإدراك
أسرار الكوْن و ما يُخفيه من الضوابط العِلميّة التي يسير وفق قواعدها.
• لقد حصلوا على شواهدَ عُلْيا في المدارسَ "العتيقة" التي تعتمِدُ في أسلوب تدريسها على مناهجَ دراسيَّةٍ قديمة، ترجع
إلى قرونٍ من الزّمان، مناهج أسَّسَ لها "العُلماء الأقدمون" الذين يتّخِذون من المراجع القديمة مَنبَعاً و ملجأً لهم في
تدريس العلوم الدينيّة، فهؤلاء "العُلماء" هم الذين وضعتهم "الدول الإسلاميّة" في مناصب عُلياء، في وزارة الشؤون
الإسلاميّة و أساتذة العلوم الإسلامية في مدارسها و جامعاتها، و جعَلت منهم مُفسِّرين و مُفتين و وُعّاظاً و مُرشدين و
رؤساء البَعثات الإسلاميّة إلى البلدان الأجنبية التي تتواجد فيها الجاليات المُسلمة قصد الوعظ و الإرشاد، غاضَّةً الطرف
عن العُلماء الحقيقيّين الذين اكتسبوا رصيداً مُهمّاً من العلوم الحديثة بالإضافة إلى تضلُّعهم في العلوم الإسلاميّة من خلال
بُحوثهم و دِراساتهم في مجال التفسير و الفقه الإسلامي بطرقٍ علميّة حديثة و مُعاصِرة تستنِدُ إلى استخدام العقل و
المنطق العلمي في تناوُل النصوص القرآنية و شرحها و تفسير ما جاء فيها..
• على ما يبْدو، أنّ "وُلاة أمور" هذه الدول قد استَبعَدوا هؤلاء "العلماء العصريّين" و أقْصوْهُم و همَّشوهُم قَصداً لأنّهم لا
يخدُمون أجُندَتهُم السياسيّة التي يريدون أن تسير عليها المُجتمعات الإسلاميّة، حتى تبقى الأوضاع السياسية على ما هي
عليه، و تسير الأمور كما يُريدون و يشتهون، فهذه المُجتمعات تجهل تعاليم دينها الحنيف و لا تعرفه حقَّ المعرفة، فهي
تعبُد الله تعالى عن جَهالَة لا عن عِلم، يفِد الناس على المَساجد لتأدية صلواتهم الخمس فينصرفون إلى حالِ سبيلِهم ظانّين
أنّ ذلك وحده هو عبادة الله تعالى ، يَحضرون صلاة الجمعة، يستمعون إلى الخطبة التي يُلقيها إمام شِبهَ أمّيٍّ لا يفهم من
الدين إلّا الشيء اليسير، فيخوض في الحلال و الحرام و المُباح، و غالبية الأئمة من حَمَلة كتاب الله حِفظاً لا تفسيراً و لا
معرفةً لِمَدلول ما جاءَ فيه من تعاليم و أساليب تخُصّ كيفية سير حياة الإنسان، بشكل عام، في مختلف مجالات الحياة، من
قيَم حميدة و أخلاق حسنة و سلوكيات سويّة و التعاوُن بين الأفراد و الجمعات و نبذ النزاعات و الخلافات في المُجتمعات و
الأمر بالمعروف و النهي عن المُنكر و جمع الكلمة و لمّ شمل الأمّة و العمل على توحيد كلمتها من أجل خلق مُجتمعات
مُتَّحِدة على درب الحقّ سائرة، لا تَخاف في ذلك لومةَ لائم من أجل إرساء دعائم التقدم والرقي والازدهار داخل هذه
المُجتمعات الإسلاميّة..
• قال الله سبحانه وتعالى: في كتابه العزيز: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِم" (سورة المائدة) "الآية
54".

• من مثل هذه الآية الكريمة يخاف "أولياء الأمور" في حالة تفسيرها تفسيراً صحيحاً من قِبَل خُطباء عصريّين على منابر
المَساجد أثناء صلوات الجُمَع، و هناك الكثير من النصوص القُرآنية التي تُخيف مُعظم "وُلاة الأمور" في مُجتمعاتنا
الإسلاميّة، لكونها تمسّ في الصّميم تصرُّفاتِهم السياسيّة البعيدة كلّ البُعد عن التعاليم السمحاء لديننا الإسلامي الحنيف.

المملكة المغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب