الصحافه

اليسار بلومه لليمين: لو كنا في الحكم لاستمر الاحتلال دون قرار “لاهاي اللاسامية”

اليسار بلومه لليمين: لو كنا في الحكم لاستمر الاحتلال دون قرار “لاهاي اللاسامية”

جدعون ليفي

قرار محكمة العدل الدولية بخصوص جرائم الاحتلال، أثار عدداً كبيراً من ردود الفعل المتوقعة والتي تثير السخرية في إسرائيل. لا جدوى من التطرق إلى ردود اليمين؛ فهو أصلاً لا يعترف بقانون دولي يسري على دولة الشعب المختار الذي يقف فوق القوانين كلها. أما ردود اليسار الصهيوني والوسط، على رأسها رد غانتس ورد لبيد، فكانت أيضاً متشابهة إلى درجة الألم، وتثبت للمرة المليون بأنه لا فرق بين اليسار واليمين باستثناء كلام معسول وقناع. كان يجب أن تقدم تلك الفتوى محكمة العدل العليا الإسرائيلية منذ زمن، لو كانت وبحق محكمة عدل، لكنها بسبب الجبن خانت وظيفتها خلال طوال هذه السنوات.

لكن رد المعارضة المحاربة من خارج البرلمان تفوق على جميع الردود، الأبهى في تاريخ إسرائيل: حركة الاحتجاج، و”أخوة السلاح”، والكابلانيون، والمحتجون في الشوارع الذين حاربوا الانقلاب النظامي وسياسة نتنياهو، والآن يحاربون من أجل تحرير المخطوفين وضد نتنياهو. لهذا الاحتجاج وجه، وهو وجه عاد مؤخراً بعد غياب. هذا ما كتبته شكما برسلر، في شبكة “اكس”: “في اختبار النتيجة، لم يكن هناك شيء في استيطان “يهودا والسامرة” أكثر من الوطنيين العنصريين. القرار الصادر عن “لاهاي” لم يأت من فراغ”. هي أصابت الهدف. يوجد معسكر متنور وعادل في إسرائيل، وبرسلر صوته.

كم من السهل على اليسار الصهيوني والوسط إلقاء كل شيء على “العنصريين المتطرفين قومياً. نحن لم نشارك في ذلك، بل هم. فقط هم. “شبيبة التلال” المتوحشون، الذين لا يأكلون بالشوكة والسكين، وليسوا جميلين مثلنا، أو على حق مثلنا. السموتريتشيون والبن غفيريون هم المذنبون في كل ذلك. لم يكن هذا ليحدث عندنا. لو كنا في الحكم لما كان هناك احتلال أو مستوطنات أو أبرتهايد، وبالطبع ولا حكم كهذا من لاهاي”، هذا ما قالته زعيمة الاحتجاج في إسرائيل، هذا هو بديل صهيون. هي بالطبع لا تندم على وجود “الاستيطان”، ومثلما تدعو للجريمة، تعرف من هو المتهم بالمس بها وتتأسف على ذلك جداً.

لم تهبط “لاهاي” في فراغ، هي تعرف. لولا أعمال الشغب في حوارة ومذابح “أفيتار” وسياسة الترانسفير الممنهج في مسافر يطا والتطهير العرقي الجاري في غور الأردن، لكان وضع “الاستيطان” أفضل، ومثله وضع الدولة أيضاً. هؤلاء هم المستوطنون العنيفون، يا غبي. هذا أمر يبعث على اليأس. برسلر المتنورة والمحقة، تعبر بصورة مدهشة عن موقف معسكرها. لو تصرف المستوطنون بصورة جميلة مثل اليسار الصهيوني، يحتلون البرك، ويجردون الناس من ملكيتهم بلطف، وينكلون بلطف، ويطلقون النار ويبكون، لما كانت الدولة تضيع منا بهذه السهولة، ولتمكنا من مواصلة أمسيات الغناء بجمهورنا الجميل وبدون إزعاج.

برسلر، برسلر. اليسار الصهيوني صادق على مشروع الاستيطان وموله وسلحه وشجعه قبل فترة طويلة من اليمين، وأعمال الشغب والمذابح ترافق الجيش الإسرائيلي. هذا الجيش الذي يسجد له الجميع هناك في الاحتجاج. القوميون المتطرفون والعنصريون هم أيضاً أنتم، اليسار الصهيوني والوسط، الذين سمحتم لهذا التضخم الوحشي أن ينمو. العنصريون والمتطرفون القوميون هم جميع الإسرائيليين الذين لم يعارضوا المستوطنات في يوم ما. الأحزاب الصهيونية كلها صوتت بالإجماع في الكنيست ضد إقامة الدولة الفلسطينية.

ماذا بشأن العنف؟ الجيش الإسرائيلي هو المذنب في ذلك. لو لم يكن الجيش معنياً بالمذابح لما جرت مذابح. هل شاهدت ذات مرة مذبحة كهذه، تحدث كل يوم تقريباً؟ يقف وراء كل مذبحة فصيل جنود لا يحرك ساكناً، بل ويشارك فيها أحياناً. من حائط المبكى وحتى مستوطنة النار المقدسة، كلها مناطق محتلة يحظر القانون الدولي الاستيطان فيها. محكمة العدل الدولية في لاهاي، المؤسسة ذات الصلاحية الأكبر في العالم، حتى أكثر من مجلس “يشع”، حكمت بذلك مرة أخرى أول أمس. كان يجب على برسلر وأصدقائها أن يفرحوا بذلك، وأن يناضلوا ضد الجريمة. لقد أضحكتم الاحتلال، حتى بالنسبة له، لاهاي لاسامية.
هآرتس 21/7/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب