رئيسيتحقيقات وتقارير

نتنياهو الليلة في الكونغرس للمرة الرابعة: خطابه بالإنكليزية.. لكنه موجّه لآذان الإسرائيليين- (فيديوهات)

نتنياهو الليلة في الكونغرس للمرة الرابعة: خطابه بالإنكليزية.. لكنه موجّه لآذان الإسرائيليين- (فيديوهات)

الناصره / وديع عواودة

توجّه أوساطٌ سياسية وإعلامية في إسرائيل انتقادات حادة لرئيس حكومتها وزوجته على حياة البذخ والترف، و”الانفصام” عن الواقع الإسرائيلي الصعب، كما يتجلى في تفاصيل زيارتهما للولايات المتحدة، وسط تقليل من أهمية الزيارة، واعتبارها “مظاهرة سياسية شخصية، وألعاباً نارية احتفالية”.

وكانت الحملة قد بدأت أمس الأول، بعد قيام سارة نتنياهو بنشر صورة لها من داخل مقصورة “طائرة سلاح الجو الأولى”، الطائرة المسماة “جناحا صهيون”، التي تعتبر فندقاً محلقاً، وكلّفت عملية تهيئتها وملائمتها لسفرات رئيس حكومة الاحتلال خزينة الدولة 800 مليون دولار. في واحدة من الصور بدت سارة نتنياهو بصورة استعراضية وهي ترتدي ثياب نوم فاخرة بلون كحلي، “بيجاما” محاكة من الحرير، وتتحدث بهاتف فضائي تابع للطائرة، ولاحقاً نشرتْها في حسابها في أنستغرام، وأخطأت في كتابة أسماء نساء إسرائيليات محتجزات في غزة، وبادرت للتصحيح، بعدما سخر إسرائيليون منها في منتديات التواصل الاجتماعي، معتبرين الخطأ دليلاً على انقطاعها عن همومهم ومشاكلهم.

نتنياهو، ورغم واقع الحرب، والأوضاع البائسة داخل إسرائيل، يمدّد سفرته ويطير لفلوريدا للاحتفال بعيد ميلاد ولده

 كما نشر نتنياهو صورة له وهو يعمل في مكتبه داخل الطائرة، ومن أمامه قبعة كتب عليها بالإنكليزية: “انتصار مطلق”. بيد أن الضجة تفاقمت بالأمس، وتواصلت اليوم الأربعاء، بعدما فضح دونالد ترامب كذبة الزوجين نتنياهو، فقد كان مقرّراً أن يتم اللقاء بين نتنياهو وترامب يوم الخميس، بعد اللقاء مع جو بايدن، ولكن تسريبات وتصريحات صادرة عن مكتب نتنياهو بدأت تتحدث، منذ يومين، عن احتمال إرجاء اللقاء مع ترامب ليوم الجمعة بسبب زحمة جدول أعمال ولقاءات ترامب. لكن ترامب أعلن من طرفه أن اللقاء مع نتنياهو كان مقرراً للخميس وتمّ نقله للجمعة بناء على طلب نتنياهو نفسه، ولاحقاً تبيّن أن التأجيل جاء كي يشارك الزوجان نتنياهو في عيد ميلاد ولدهما يائير الثالث والثلاثين، وهو مقيم، منذ شهور، في ميامي، حيث واحدة من مزارع ومنتجعات ترامب. وهذا يعني أن نتنياهو، ورغم واقع الحرب، والأوضاع البائسة داخل إسرائيل، يمدّد سفرته ويطير لفلوريدا ما يعني أنه سيعود الأحد بدلاً من الجمعة، وكل ذلك للاحتفال بعيد ميلاد ولده، الذي لم يخدم في الجيش، ويعيش حياة بذخ، ومنغمس في الملذات في أمريكا منذ شهور.

بلادة إحساس

وسخرت أوساطٌ إسرائيلية واسعة من هذه “الصدفة”، بأن عيد ميلاد ولدهما يصادف ذات يوم الجمعة المحدد لقاء ترامب، في ذات المكان والزمان.

نتنياهو، ورغم واقع الحرب، والأوضاع البائسة داخل إسرائيل، يمدّد سفرته ويطير لفلوريدا للاحتفال بعيد ميلاد ولده

 

وحَمَلَ رئيس المعارضة يائير لبيد، في حديث للإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم، على نتنياهو، وأشار للفجوة الكبيرة المريعة بين الواقع الصعب المرّ داخل إسرائيل، وانشغال نتنياهو بنفسه وبأسرته وباحتفالاتهم خلف المحيط بعيداً عن البلاد. واستذكر لبيد أن عشرات آلاف الإسرائيليين ما زالوا نازحين عن بيوتهم في الشمال والجنوب، دون أن تفتح المدارس لأولادهم في السنة الدراسية الوشيكة، وهناك آلاف القتلى والجرحى وعشرات المخطوفين، منذ نحو 300 يوم، داخل أنفاق غزة، فيما يستمر النزيف.

وطالب لبيد نتنياهو بإتمام صفقة مع “حماس” فوراً من أجل استعادة المخطوفين، لافتاً لموقف المؤسسة الأمنية التي تجمع على ضرورة وقف الحرب الآن، والذهاب لصفقة، لأن المخطوفين يموتون في غزة.

القافلة تسير

وهكذا في الصحف العبرية، أطلق عددٌ كبير من المعلقين الإسرائيليين سهام نقدهم نحو نتنياهو، فقال المعلق السياسي البارز في القناة العبرية 12 بن كاسبيت ساخراً: “هكذا تسافر عائلة نتنياهو كل الطريق حتى النصر المطلق. إسرائيل تكابد حرباً صعبة منذ عشرة شهور، وفي الأمس شاهدنا تقريراً صحفياً عن بداية انهيار جنود الاحتياط الذين لم يروا بيوتهم، وتركوا أماكن عملهم، وأولاد النازحين منهم لن يعودوا لمدارسهم في أول أيلول، وسكان مدينة “سديروت” في الجنوب يتردّدون بالعودة لمنازلهم، وسكان المستوطنات في “غلاف غزة” لا يجدون مكاناً يعودون إليه، وهناك 120 مخطوفاً في غزة”.

 

كما يشير بن كاسبيت لصورة نتنياهو ومن أمامه القبعة مع شعار “النصر المطلق”، وصورة زوجته بـ “بيجاما” فاخرة، ويمضي في وصفه الساخر: “في خلفية الطائرة عشرات الصحفيين لم يتحدث معهم نتنياهو كلمة واحدة، أما الحاشية في المقدمة فقد تناولت طعامها بصحون مصنوعة من رخام وخارصين وأجهزت على كمية كبيرة من الكحول”. وبعد استعراض المزيد من التفاصيل الصغيرة من هذا القبيل، دون الإشارة لجوهر الزيارة، والتساؤل عن تبعاتها المحتملة على الحرب وعلى الصفقة، يخلص بن كاسبيت للقول: “كل من يقرأ ويسمع ويشاهد يصاب بأوجاع بطن، أما نتنياهو وزوجته فلا يكترثان، فبالنسبة لهما الكلاب تنبح والقافلة تسير”!

عرض النرجسية

وخصّص محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل قسماً من تحليله اليوم لهذه التفاصيل، وحمل على نتنياهو تحت عنوان “عرض النرجسية”، فقال إن الأمريكيين منشغلون بقضاياهم الداخلية، وتأتي زيارة نتنياهو الهادفة لتلبية حاجات سياسية إسرائيلية شخصية، لافتاً للنرجسية المفرطة للزوجين نتنياهو.

وتبعهما المعلق السياسي يوفال كارني في “يديعوت أحرونوت”: “لدى نتنياهو وقت كاف من أجل قضاء نهاية أسبوع ممتعة في فلوريدا، ولا يملك وقتاً لمتابعة المخطوفين في غزة. بالصدفة فقط تزامن اللقاء مع ترامب مع عيد ميلاد ولده، وبالصدفة سيكون ذلك على حسابنا! فتمديد الزيارة سيكلف الخزينة العامة مبالغ كبيرة.

ويتساءل كارني في انتقاداته اللاذعة: أين قيمة الاقتداء؟ أين التكافل؟ وأين الحساسية ؟

يشار هنا، في سياق الحديث عن ترامب، أن الأخير، على ما يبدو، فضح مسألة تأجيل اللقاء بناءً على طلب نتنياهو على خلفية غضبه عليه منذ أن قدم التهاني لبايدن، بعد شهرين من فوزه في انتخابات 2020، علماً أنه رفض التسليم بالهزيمة، واتهم خصومه في تزوير الانتخابات. ولذا هناك مراقبون في إسرائيل يواصلون التحذير من مزاجية ترامب وتقلباته، ويشيرون لتصريحاته قبل شهر حول ضرورة إنهاء الحرب وإتمام صفقة واستعادة المحتجزين، وقد كشف، أمس، عن مراسلات داخلية بينه وبين الرئيس عباس، وتحدث مجدداً عن دولة فلسطينية ضمن تسوية.

الصفقة

في سياق الحديث عن الصفقة، يشار إلى أن نتنياهو كان قد قال لعائلات المحتجزين المرافقين له في سفره لواشنطن إن الصفقة تقترب بسبب فاعلية الضغط العسكري. وينقل عاموس هارئيل، في “هآرتس”، اليوم، عن مقربين منه قولهم إن نتنياهو سيتمم صفقة قريباً، وهو ينتظر انتهاء الدورة الصيفية، بعد أيام، حتى يضمن عدم سقوط الحكومة على يد بن غفير وسموتريتش. بيد أن هناك مؤشرات كثيرة تدلل على أن رئيس حكومة الاحتلال ما زال يراوغ ويكذب، فهو حتى الآن يضع العراقيل بـ “مسامير جحا”، خاصة بطرحه شروطاً جديدة تتنافى مع نص الصفقة المقترح من قبله، والذي أعلنه بايدن في 27 أيار الماضي: السيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريم.

المؤسسة الأمنية راغبة بإنهاء الحرب بسبب إرهاق الجيش، والحاجة لاستعادة المخطوفين لاعتبارات ذات معنى إستراتيجي مستقبلاً

وهذا بخلاف موقف المؤسسة الأمنية الراغبة بإنهاء الحرب بسبب إرهاق الجيش والحاجة لاستعادة المخطوفين لاعتبارات إنسانية وأخلاقية ذات معنى إستراتيجي مستقبلاً، وهذا ما عبّر عنه وزير الأمن غالانت في تصريحات جديدة، أمس، قال فيها إنه بمقدور إسرائيل القيام بصفقة واستعادة المخطوفين ووقف معاناتهم واحتواء إنهاء الحرب لفترة. وفي هذا المضمار، دحضت “هآرتس”، في افتتاحيتها، مزاعم نتنياهو، وقالت إن المخطوفين لا يعانون فحسب، بل يموتون.

صورة

 

في المقابل؛ نتنياهو حتى الآن لم يرسل الوفد المفاوض، والوسطاء ينتظرون، وهو ما زال يطمع بإبعاد نهاية الحرب طمعاً بنسيان الإسرائيليين السابع من أكتوبر، وبصورة انتصار ربما تبقيه في سدة الحكم، وتبقيه في التاريخ، وهو ابن مؤرخ ومسكون بهاجس المؤرخين، وصاحب أنا متضخمة، كما يتجلى في أقوال أبواقه في السياسة والإعلام عن خطابه الرابع اليوم في الكونغرس، وبذلك يكون أكثر زعيم من خارج أمريكا يخطب في الكونغرس، منوهين أن تشرتشل، بعظمته، خطب ثلاث مرات فقط.

وطبقاً لتسريبات إسرائيلية سيتركّز نتنياهو في خطابه أمام الكونغرس على “طريق إسرائيل العادل”، المساعي لاستعادة كل المخطوفين، وعلى إيران”، كما فعل في خطابه عام 2015، لكنه سيكون أكثر حذراً في حديثه كي يبدو متوازناً، وعلى مسافة واحدة من الحزبين الجمهوري والديموقراطي المتنافسين على البيت الأبيض في انتخابات مثيرة بعد ثلاثة شهور.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب