
العروبة القديمة،والعروبة الحديثة الحلقة الرابعة
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
إذا قبلنا الحديث عن عروبة قديمة،وعروبة حديثة،فإنّ مايميز هذه عن تلك،المضمون أو المحتوى بكل خصائصه، ووظائفه ومعانيه،لأنّ العروبة دائماً وأبداً بالنسبة للعرب،هي المواطنة،والهوية،والمهام التاريخية،والمستقبل.
وبما أنّ العروبة للعروبة،وظيفة الهوية،وما يصاحبها من انتماءات،وولاءات،وحب مجتمعي،فإنّها محملة بمهام تاريخية،مختلفة من مرحلة تأريخية لأخرى،زد على ذلك المهام المضافة،بقوة الأحداث والتحديات والتطلعات،التي تُوسم العروبة بميزات جديدة،لم يكن لها أي شأن معها في الماضي القريب والبعيد.
ويظل القاسم المشترك بين العروبة الأوسع واليوم،العروبة القديمة،والعروبة الحديثة،الطموح في بلوغ المستقبل العربي،
وأن يبقى في مستوى الأمة ورسالتها،ومكانها وإنسانيتها،والتحديات التي تتعرض لها في الداخل والخارج.
وهذه المستويات متواصلة متداخلة في الوظائف الوطنية والقومية،ومستحقاتها في التحرر والتقدم والوحدة،وتقرير المصير،واستيعاب التراث العربي ،بكل مافيه من إيجابيات،ودروس مستفادة.
والعروبة مهمومة ببعث أمتها ،حتى تزيح عن كاهلها،التخلف والتبعية والفرقة،والظفر بالوعي الثوري الذي ينتج النهضة
العربية،وعروبة هذه النهضة،لأنّ صورة مدرسة الأمة ومعاهدها وجامعاتها،في تنشئة الجيل العربي الجديد،تنشئة نضالية أخلاقية،تفجّر البطولة الكامنة في شخصيةالأمة العربية.
إنّ من يؤمن بحقائق الأمةً العربية،وتعيناتها موضوعياً على الأرض العربية،يؤمن بأنّ العروبة الحديثة،تحديد وإضافة للعروبة القديمة.ونقطة التلاقي بينهما،الثقة بالإنسان العربي،وطاقاته وطموحه الذي لاينضب،..والثقة بالإمة العربية،التي هي في الأساس،الثقة بالنفس،والإيمان بأنّ هذه الأمة قادرة أن تنهض،وقادرة أن تتجاوز العسر التاريخي الذي تعيشه الآن،والظفر برسالتها التاريخية والروحية،التي نمثل شامة حُسْنٍ ،في جبين الأمة العربيةً،وفلتةً حضارية تفَرّدت بها بين الأمم.
ويظل التلاقي رهن العلاقة بين العروبة القديمة،والعروبة الحديثة،بقوّة المشتركات بينهما،وما تقوم به هذّه المشتركات
بينهما،وما تقوم به هذه المشتركات من وظائف داخل البناء الاجتماعي.وكلاهما،العروبة القديمة، والعروبة الحديثة،لها ناسها وتأريخهاوأرضها،في ظلّ صيرورة التغيّر والتطوّر،والتجديد يظل حالة مستقبلية،تطال العقلية،وطريقة التفكير،والذهنية العربية،
ويتمثل الجديد،ويظهر في مصاحبة العصر مرّةً..والنهوض بحال الأمة إلى مستوى،رسالة العرب الإنسانية مرّة أخرى.
والعروبة الحديثة،في هذه المرات شئنا أم أبينا،تمثل مستقبل العروبة القديمة وحاضرها وماضيها،ومع ذلك فكلاهمايلتقي
بالآخر،على مساحة التاريخ العربي وتعييناته. وبين الثنائية القديمة والحديثة،تجد العروبة نفسها في كل حالتها ثورية،لأنّها بادئة من وحدة الأمة العربية،بكل ما ملّكت من خقائق تاريخية،ومن تدافع بين قديم العروبة وحديثها،التدافع الذي يحقق التواصل،على سنّة-قانون التجاوز نحو الأفضل،لأنّ في الأفضل يكمن المستقبل،وتتراءى ملامحه.*
وفعل العروبة في التاريخ وسط هذا الكم من التحديات الداخلية والخارجية،التي لم تعرفه أمة كما عرفته الأمة العربية
،أكسبها مزايا عِدّة،منها بحكم الولآدة والاختيار والقدر ،بأنّها تقع على رقعة جغرافية واسعة،وغنية بالثروات،وأهمّها الإنسان،
وتحتل موقعاً جغرافياً استراتيجياً،يُمَثل نقطة التلاقي بين ألأمم.
د-عزالدين حسن الدياب
يتبع-الحلقة الخامسة.