المؤامرة باتت أكثر وضوحا بتنسيق صهيوني وتمويل أمريكي… وفضائح لاعبي مصر في أولمبياد باريس

المؤامرة باتت أكثر وضوحا بتنسيق صهيوني وتمويل أمريكي… وفضائح لاعبي مصر في أولمبياد باريس
حسام عبد البصير
القاهرة ـ: لا يمر حديث عن مفاوضات جديدة بشأن وقف الحرب على الفلسطينيين إلا ويسبقة كما يعقبه مزيد من المذابح لأهالي قطاع غزة، بدعم أمريكي كامل للكيان.. تستدرج واشنطن العالم عبر مسلسل من الأكاذيب منذ اندلاع الحرب، مروجة أكذوبة كبرى مفادها حرصها على التوصل لوقف كامل لإطلاق النار، وحقن دماء المدنيين، بينما لا تكف عن إرسال الأسلحة والقنابل العملاقة لسفك مزيد من الدماء، ويبدو الموقف العالمي شديد الإذعان للقتلة وعدم الإنصات لمعاناة ما يزيد على مليوني مدني يواجهون القتل على مدار الساعة.
كشف بشير جبر، مراسل قناة “القاهرة الإخبارية”، عن أن قوات الاحتلال الإسرائيلي وجهت تحذيرا لسكان بعض المناطق، التي تقع غرب منطقة صلاح الدين بضرورة إخلائها ونزوح الفلسطينيين منها باتجاه المناطق الغربية في مدينة خان يونس، ما يعد تقليصا للمساحة الآمنة، على حساب توسيع للمنطقة العسكرية الإسرائيلية.. وأفاد الجهاز المركزي للإحصاء، بأن 24٪ من شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة هم من الشباب (26٪ من الذكور و22٪ من الإناث). وكشف الإحصاء في بيان بمناسبة اليوم العالمي للشباب، الذي يصادف 12 أغسطس/آب من كل عام، أن 75٪ من شهداء الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشريت الأول دون سن 30 عاما. وأضاف التقرير أن عدد الذين استشهدوا نتيجة المجاعة بلغ 34، وهناك حوالي 3.500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، في حين بلغ عدد الجرحى أكثر من 95 ألفا، 70٪ منهم من النساء والأطفال، إضافة إلى نحو 10 آلاف مفقود. وتوقع التقرير انخفاض معدلات المواليد والإنجاب بصورة كبيرة جدا، نتيجة لتوجه الأزواج لعدم الإنجاب نظرا للأوضاع السائدة، وخوفا على صحة الأمهات والأطفال، وانخفاض عدد حالات الزواج الجديدة خلال عدوان الاحتلال، إلى مستويات متدنية للغاية.
استقبل الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، الدكتور أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية، يرافقه بلقاسم حفتر، مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، وأكد مدبولي، حرص مصر على دعم وتعزيز سبل التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة، منوها بالدور الكبير الذي تقوم به الشركات المصرية في أعمال إعادة إعمار ليبيا. ومن مشروعات الحكومة: عقد الدكتور مصطفى مدبولي، اجتماعا لمناقشة ملف توطين صناعة الهواتف المحمولة للتصدير من مصر، بحضور الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وأحمد كجوك وزير المالية، والمستشار عدنان فنجري وزير العدل، والعديد من الشخصيات المختصة. ومن أوجه التعاون مع الأشقاء: اختتمت فعاليات ورشة عمل “تبادل الخبرات وتعزيز التعاون الفعال بين وحدة الأوزون المصرية والمركز الوطني للأوزون في العراق، في مجال اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال”، التي نظمتها وزارة البيئة. يأتي ذلك في إطار توطيد أواصر التعاون بين الجانبين المصري والعراقي، بحضور قيادات وعدد من المتخصصين والخبراء من وزارة البيئة.
إرهاب أمريكي
منذ زمن بعيد والإدارة الأمريكية تعطى اهتماما خاصا بقضية الإسلام السياسي، وكانت دائما تشجع ما يدور حول هذه القضية في مراكز الدراسات والأبحاث، ثم اتسعت دائرة الاهتمام وتحولت القضية إلى الإرهاب الديني، الذي وصل إلى الحرب في أفغانستان، ثم أحداث 11 سبتمبر/أيلول، ثم احتلال العراق، وما تلا ذلك من الكوارث والأزمات وكانت هناك مؤشرات كثيرة انتبه لها فاروق جويدة في “الأهرام”، تحمل أمريكا مسؤولية تشجيع العنف واستخدام الإسلام السياسي وسيلة لانتشار العنف باسم الدين.. في هذا الوقت صدر كتاب الرئيس الأمريكي نيكسون “انتهزوا الفرصة”، يمهد فيه للبديل المقبل للفكر الشيوعى وهو الإسلام، وكان قد سبقه كتاب “محمد مؤسس الإمبراطورية الإسلامية” لبوش الجد ينفي عن الرسول، عليه الصلاة والسلام، صفة النبوة، وأن يكون قد أسس إمبراطورية كبرى.. كل هذه الأشياء تؤكد أن أمريكا كانت وراء ظاهرة الإرهاب، منذ شجعت أطرافا عربية على الدخول في الحرب في أفغانستان وقصة بن لادن وما تبعها من تطورات.. آخر تصريحات الرئيس ترامب في حملته الانتخابية دعوة لإسقاط الأديان في منظومة العلاقات الدولية، وأن هناك جوانب أخرى سوف تحكم هذه العلاقات، تتجسد في لغة المصالح التي تقوم على المال والإعلام، وهي القوى التي تتحكم الآن في مستقبل البشر، وأن أمريكا تسعى إلى تأكيد هذه الرؤى في نظرتها للعالم. أمريكا تريد أن تسقط الأديان عن عرشها، رغم أن الأديان هي التي حافظت على الجوانب المضيئة في حياة البشر.. قلت للأستاذ هيكل يوما إذا كان العالم قد عاش كل هذه المحن والأزمات في ظل الأديان، فما بالك إذا كانت البشرية بلا دين.
مذبحة تلو أخرى
مرة أخرى يؤكد نتنياهو أنه لن يوقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وأنه مصمم على إفساد كل محاولة لوقف إطلاق النار في غزة، والوقوف في وجه الجهود الدولية التي تبذل لمنع جر المنطقة والعالم إلى حرب شاملة لا يريدها إلا طرف واحد هو نتنياهو وحلفاؤه من زعماء عصابات الإرهاب الصهيوني، الذين يدركون جيدا، كما يؤكد جلال عارف في “الأخبار” أن نهاية الحرب لا تعني بالنسبة لهم، إلا السقوط المؤكد والحساب العسير على جرائم حرب تجاوزوا فيها أسوأ الممارسات الفاشية والجرائم النازية. كل دول العالم رأت في مبادرة الرئيسين بايدن والسيسي مع أمير قطر لاستئناف سريع للتفاوض من أجل إقرار اتفاق وقف الحرب الذي لا ينقصه إلا التوافق على بعض التفاصيل.. فرصة قد تكون الأخيرة لإنهاء الإبادة الجماعية التي تتم بحق الشعب الفلسطيني، ولمنع التصعيد نحو حرب شاملة، حيث يدرك الجميع أن كل الجبهات ستهدأ في اليوم نفسه الذي تتوقف فيه الحرب في غزة.. ومع ذلك لم يغير نتنياهو نهجه المعتاد في تخريب أي جهد دولي للتهدئة، وأقدم «بعد أقل من 24 ساعة فقط» على مذبحة جديدة باستهداف مدرسة «التابعين» في مدينة غزة، التي يحتمى فيها ألفان من النازحين، ليسقط أكثر من مئة شهيد مع صلاة الفجر بقنابل أمريكية محرم استخدامها داخل المدن أو ضد المدنيين.
مذبحة كل يوم
الرسالة الإسرائيلية واضحة مفادها من وجهة نظر جلال عارف هي.. لن نتوقف عن ارتكاب المجازر ضد شعب فلسطين ما دمنا نجد من يدعمنا بالمال والسلاح و«الفيتو» الجاهز لمنع معاقبتنا.. والباقي كله تفاصيل. واشنطن «حتى وهي غاضبة من نتنياهو» لم تتوقف عن حشد كل إمكانياتها للدفاع عن إرهاب إسرائيل الذي يتمدد في المنطقة. قبل ساعات من المجزرة الأخيرة كان الإعلان عن اعتماد 3.5 مليار دولار من الأموال المخصصة لدعم إسرائيل، من أجل صفقات جديدة لسلاح متقدم، وكان أيضا الإعلان عن حشد أسلحة أمريكية متطورة لمواجهة ما تقول أمريكا إنه تهديدات لإسرائيل. وكان الرد هو المجزرة الجديدة التي تقول بوضوح أن نتنياهو لن يغير مواقفه إلا إذا أجبره العالم على ذلك، لن تستطيع أمريكا «للأسف الشديد» إلا إبداء بعض الغضب وكل الدعم لإسرائيل، لكن خطر التصعيد نحو حرب شاملة يفرض على الجميع «بمن فيهم أمريكا» أن يرفعوا الغمامة عن عيونهم حتى «ترى» ما لا تريد أمريكا أن تراه حتى الآن من إبادة جماعية إسرائيلية للفلسطينيين، وحتى يتوقف الضغط على المحكمة الجنائية الدولية ليصدر قرار اعتقال نتنياهو كمجرم حرب، وحتى تنطلق الإرادة الدولية لتطبق قرار مجلس الأمن بوقف الحرب، الذي ناضلت أمريكا نفسها لكي يصدر، ثم تركته بين أيدى نتنياهو لكي يتلاعب به، وهو ينتقل من مجزرة إلى أخرى، بينما واشنطن تكتفي بالقلق الذي لا يمنع إرهاب إسرائيل من أن يواصل جرائمه.
بعلم إيران
سواء صح أن إيران اعترضت على اختيار خالد مشعل رئيسا للمكتب السياسي لحركة “حماس” خلفا لإسماعيل هنية، أو أن ذلك كان جزءا من الدعاية الإسرائيلية التي بات من المعتاد أن تروج لها وسائل الإعلام الأمريكية والغربية الموالية لإسرائيل، فمن المؤكد وفقا لأمينة النقاش في “الوفد”، أن تولي يحيى السنوار رئاسة الحركة، ليس بعيدا عن المساندة الإيرانية، لاسيما بعد أن اتجهت الأنظار نحو خالد مشعل، فور حادث الاغتيال، متنبئة بتوليه رئاستها. فالكرامة المجروحة في إيران بعد اغتيال هنية فوق أراضيها، وفي مناسبة يفترض أن تكون القوى الأمنية فيها في أعلى درجات استعداداتها، هي حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، سوف يملي على الإدارة الإيرانية مواقفها. وكما هي العادة، فإن تلك المواقف تتشكل أولا من الخارج، بتحريك أذرعها الإقليمية في حزب الله في لبنان وحركة أنصار الله الحوثية في اليمن، وحركة “حماس” في غزة، فضلا عن الميليشيات الشيعية التابعة لها فوق الأراضي السورية والعراقية. لم يكن خاليا من الصدفة، أن يأتي في مقدمة التصريحات الأولى الخارجة من غزة، إعلان “حماس” بعد تقلد يحيى السنوار زعامتها، أن الحركة جاهزة لمواصلة المفاوضات. وعلى عكس كثير من التوقعات، فإن حركة “حماس” بعد أن وحدت المستويين السياسي والعسكري في شخص السنوار، أضحت أكثر قدرة على اختصار كثير من الوقت المشتت بين الداخل والخارج، وأكثر بعدا عن الضغوط الأمريكية التي مورست على ممثليها في قطر، وربما أكثر قربا من موازنة قرارها في التفاوض، وفي قلب الميدان، بما يجنبها مزيدا من الخسائر، هي والأثنى عشر فصيلا من فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، التي شاركت معها في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ولا تزال تعمل معها جنبا إلى جنب داخل معارك الميدان.
في حضرة السنوار
الاستنتاجات التي خلصت باستعجال إلى القول، بأن الحرب في غزة قد دخلت طريقا مسدودا بتولي السنوار زعامة حركة “حماس”، تتجاهل كما أشارت أمينة النقاش، أن السنوار وافق على مفاوضات تفضي لوقف الحرب وإبرام صفقة لتبادل الأسرى والرهائن، وأن الأمور ما تكاد تقترب من توقيع صفقة بذلك، حتى يفشلها نتنياهو لكي يبقى في السلطة، ولا يضطر للاستجابة لضغوط الجيش، بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، بديلا للانتظار حتى يحين موعدها الرسمى خريف عام 2026. أمام “حماس” ورفاقها من فصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى، فرصة الآن للالتفاف على النفق المظلم الذي تريد إسرائيل فرضه على الشعب الفلسطيني الصامد في وجه نازيتها الجديدة. وليس أقل من الاتفاق الآن وليس غدا، على موقف موحد، تعلن فيه “حماس” إنهاء انقسامها عن منظمة التحرير الفلسطينية، والاعتراف بها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. والعمل على تقديم تصور مشترك لما بعد انتهاء حرب غزة، قبل أن تبدأ إجراءات التصويت في الانتخابات الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. اتفاق ينطوي على المبادئ التي وافقوا عليها في مفاوضات الوحدة، التي جرت بينها الشهر الماضي، في العاصمة الصينية بكين، والتزمت خلاله الفصائل بتوحيد المؤسسات الفلسطينية، وإنهاء كل أشكال الانقسام، والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة لإدارة غزة، لحين إجراء الانتخابات العامة. ذلك إذا أردنا تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني وتلمس طريق المستقبل، وتحرير القرار الفلسطيني من براثن المصالح الإقليمية المتضاربة.
نقترب منها
نوع جديد من الذعر بات شائعا في الشرق الأوسط، وفي العالم نتيجة لذلك؛ أن الحرب القائمة في غزة الفلسطينية سوف تتحول نحو الاتساع، فتصير حربا إقليمية تشمل أطرافا مثل إيران؛ وحتى تركيا عبرت على لسان رئيسها طيب أردوغان أن بلاده التي تدخلت عسكريّا في سوريا واليمن، ومؤخرا في العراق، يمكنها التدخل أيضا في حرب غزة. والحقيقة التي توصل إليها الدكتور عبد المنعم سعيد في “المصري اليوم”، هي أن إقليمية الحرب قائمة منذ بدايتها، فالأطراف التي وفرت نيرانها للحرب تدخلت منذ البداية، مثل حزب الله اللبناني، وباقي التوابع الإيرانية في اليمن والعراق وسوريا. ومن ناحيتها اعتبرت إسرائيل أن الحرب إقليمية منذ وقت طويل؛ فقد تدخلت بعمليات حربية في سوريا والعراق، ولم تتوانَ عن القيام بحروب «الظل» داخل إيران نفسها. ولم تتأخر أطراف دولية مثل الولايات المتحدة ودول أوروبية عن إرسال أساطيلها لدعم إسرائيل، في البحرين المتوسط والأحمر، بينما أقمارها الصناعية تجوب المنطقة كلها على مدار الساعة. الحرب الإقليمية هكذا قائمة وذائعة، وأحيانا تجري فيها فصول للتوافق، كذلك الذي جرى في أبريل/نيسان الماضي عندما خرقت إسرائيل قواعد الضبط والربط في القتال بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، فتقصف معها جنرالا إيرانيّا وصحبه معه. كان ذلك في نظر المرشد الإيراني على خامنئي اعتداء على أرض إيرانية بحكم الشرائع الدولية؛ فكان الترتيب لكي تهاجم إيران إسرائيل بما قدره 300 صاروخ ومسيرة؛ وكان الترتيب أن ترد إسرائيل، بحيث تعلن إيران بعدها أن المواجهة هكذا وصلت إلى نهايتها. ما تعلمناه من ذلك أنه من الممكن أن تكون الحرب منضبطة؛ ولكن ما لم نتعلمه هو أن الانضباط ليس من خصائص الحرب الأصيلة، خاصة عندما تكون الأعصاب فائرة، والغرائز مشدودة، والكراهية وصلت إلى أقصى المدى متشبعة بآيات دينية. وتجلى ذلك عندما انطلق صاروخ من حزب الله إلى مرتفعات الجولان، فاستقر الانفجار في ملعب كرة قدم، فأودى بحياة وأجساد اثني عشر طفلا من القرية الدرزية، التي لا تعرف ما إذا كان ولاؤها ساريا لسوريا أو للجماعة الدرزية الإسرائيلية.
فخ إيراني
الحرب القائمة لا تعرف الاعوجاج، فإذا ما خرج طرف عن التوازن، فلا بد للطرف الآخر، كما يرى الدكتور عبد المنعم سعيد أن يصحح ما اختل. الأصل هنا أن تكون هناك ضربة أو قصف مقابل، وهذا هو ما يجري على الجبهة الإسرائيلية اللبنانية منذ بداية الحرب، وما كان على إسرائيل إلا أن تفعل ذلك، كما فعلت مرات من قبل. ولكن هذه المرة فإن إسرائيل عولت المراهنة على الأعصاب الإيرانية وتوابعها في دول الميليشيات العربية، التي تقوم بأمر قرارات الحرب والسلام. وما كان من تجربة 7 أكتوبر/ تشرين الأول في العام الماضي ووقعت إسرائيل ألعوبة في الفخ الإيراني لنسف محاولات السلام والاستقرار في المنطقة، فقامت بمجازر غزة وتدميرها والدفع في اتجاه «يوم تالٍ جديد» من تصميمها. الآن فإن القرار الإسرائيلي باغتيال رئيس “حماس” إسماعيل هنية، وفي طهران، ويوم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد؛ وكذلك القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر، في ضربة مهينة، واحدة في قلب طهران والثانية في معقل ضاحية بيروت، المستعمرة الأثيرة لحزب الله. كان دور رد الفعل قد جاء إلى إيران وحزب الله؛ وهو ما لم يتعدَّ تصريحات التأكيد على الرد القاسي والموجع؛ والتهكم على المحاولات الكثيرة المقبلة من أطراف عدة تطالب بضبط النفس والرد «المعقول». ما تتمناه إسرائيل أن يكون رد الفعل غير معقول إلى الدرجة التي تنتهز فيها إسرائيل الفرصة، لكي تضرب كلا الطرفين الإيراني واللبناني بما هو غير متوقع، وفي قلبه تدمير المنشآت النووية الإيرانية؛ وفي لبنان يكون لها مذاق غزة. السؤال الملح من جميع الأطراف الدولية هو ما الذي سوف تفعله إيران، غير مألوف وغير منضبط؟ الخيار الكبير، والمستبعد، أن تفتح إيران وأنصارها وتوابعها كل النيران على إسرائيل ومن جميع الجبهات، فاتحة حربا شاملة إقليمية. الخيار المقابل، والمنضبط، أن تكون الضربة اغتيالا مضادّا، أو ما يكفي لنزوح مزيد من الإسرائيليين عن مواقعهم. الخيار الثالث أن يكون القرار الإيراني وقرارات تابعيه بعيدة عن الانتقام وحده، وإنما التركيز على المستوطنات الواقعة في الضفة الغربية المحتلة، والتى يستنكرها العالم. الخيار الأفضل من كل ذلك هو البحث عن السلام.
قطعة منا
حين تستمر الحرب طويلا مثل تلك التي نشهدها في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتوطد علاقتنا بمراسلي الفضائيات الذين يطلون علينا عبر الشاشة. يرتعش صوتهم أحيانا كما طالعتهم داليا شمس في “الشروق” من هول ما يرون، لكن يحاولون التحدث بهدوء.. يستجمعون شجاعتهم ويتقدمون لأداء مهام صعبة. يشعرون بالطبع بأن «الوقت راح يخلص» وأن الحرب لا تنتهي، بل تتكرر مشاهد العنف الضاري أمامهم ويتملكهم الإحساس بالعجز. نفتقدهم إذا غابوا، ونتألم حين نعلم أنهم قضوا ضمن آخرين يموتون كل يوم، فالصحافيون بصفة خاصة مستهدفون منذ بداية القتال، وقد تم حتى الآن اغتيال 166 صحافيا فلسطينيا. شاهدنا إسماعيل الغول على قناة «الجزيرة» قبل دقائق من اغتياله هو ورفيقه المصور رامى الريفي، ولاحظنا تغير ملامح البعض بعد أشهر من المتابعة، فقد ربطت بيننا العِشرة. البعض ينتظر ملخص عدنان جان للأحداث من القدس قبل أن ينام كل ليلة، وآخرون يتعرفون فورا على صوت أحمد البطة مراسل «العربي» في غزة بعدما فقد الكثير من وزنه لحزنه على إبادة العديد من أفراد عائلته، ويستغربون ما يتمتع به من رباطة الجأش مثلما هو الحال بالنسبة لوائل الدحدوح، الذي اضطرته الظروف اضطرارا إلى مغادرة الميدان. نبتهج قليلا حين نسمع خبر ترشح صانعة المحتوى العنيدة بيسان عودة إلى جائزة إيمى لأفضل القصص الإخبارية، ونتذكر على الفور جملتها الشهيرة: «مرحبا يا رفاق. أنا بيسان من غزة وما زلت على قيد الحياة». قد ننسى تفاصيل الحرب بعد سنوات من الآن لكنهم قطعا لن ينسوا، وقد اختاروا مهنة البحث عن الحقيقة، وغالبا ما تكون هذه الأخيرة أولى ضحايا الحرب في ظل حيل التلاعب والدعايات المضللة والأكاذيب، التي هي جزء من اللعبة منذ القدم، وحتى قبل ظهور مهنة المراسل الحربي التي تطورت كثيرا مع تطور وسائل القتال والتقدم التقني خلال القرن التاسع عشر.
نصوص حربية
كانت حرب القرم (1853-1856)، بين الإمبراطورية الروسية من ناحية والدولة العثمانية وبريطانيا وفرنسا ومملكة سردينيا من ناحية أخرى، فرصة لظهور المصور الصحافي الموجود على الجبهة، الذي نُشرت أعماله جنبا إلى جنب مع نصوص تغطية الصراع، كما ازدهر خلالها أيضا حسب داليا شمس قالب “الريبورتاج” القادر على وصف الأحداث الجسام ونقلها ومشاركة القارئ إياها لحظة بلحظة. لمعت أسماء بعينها أثناء تلك الفترة مثل المصورين البريطانيين جيمس روبرتسون وروجر فينتون، رافقت فوتوغرافيا هذا الأخير تقارير واحد من أوائل مراسلي الحرب في العالم وهو وليام هورد راسيل في جريدة “التايمز” اللندنية، لتخفف من حدة لهجتها ونظرتها النقدية، خاصة في ما يتعلق بظروف معيشة الجنود الإنكليز. كانت الصور المنشورة ذات طابع استشراقي إلى حد ما، ولم تركز على مناظر الجثث والضحايا، لكن أصبح وقتها من حق الجمهور العادي أن يطلع على ما يجري في ساحة القتال. ساهم راسيل ورفاق آخرون في إرساء دعائم هذه المهنة، وكان يفضل تسمية «صحافي ميداني» على وصف «مراسل حربي»، وساعدهم في أداء دورهم حجم التقدم مع انتشار التلغراف والسكك الحديدية والمراكب البخارية. هذا التقدم كان معناه أيضا أسلحة أكثر ضراوة وفتكا، وبالتالي مشاهد أكثر وحشية حركت مشاعر العديد من الكتاب مثل الأديب الروسي تولستوي (1828-1910) الذي شارك في حرب القرم كضابط وليس مراسلا صحافيا، وكان لها تأثير كبير على مسيرته في ما بعد. ذهب تولستوي إلى الحرب في شبه جزيرة القرم، شمال البحر الأسود، وهو في السادسة والعشرين من عمره، وشارك في حصار مدينة سيفاستوبول، الذي دام أحد عشر شهرا من أكتوبر/تشرين الأول 1854 إلى سبتمبر/أيلول 1855، وترك لنا ثلاث قصص تركز على تفاصيل ما جرى جمعه في كتاب بعنوان “حصار سيفاستوبول”، بعدما نشرها تباعا في جريدة “المعاصر” تحت مسمى “نصوص حربية للكونت ل.ن. تولستوي”.
الشجرة المثمرة
“هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟” المساعدة والإحسان نابعان من الضمير، لذا يرى بلال الدوي في “الوطن” أن مصر لها نهج محدد وثوابت نابعة من تاريخها، تفعل كل الخير للأشقاء العرب، تساندهم في قضاياهم، تؤازرهم في محنتهم، تشاركهم في السراء والضراء، تتعاون معهم لتحقيق مصالحهم، ترفض أي تدخل في شؤونهم الداخلية، لا تقبل أي تهديد يتعرض له الأشقاء العرب وتقدم لهم يد العون. مواقف مصر تجاه الأشقاء العرب مواقف شريفة، سياستها الخارجية موزونة وعاقلة، وتخاف على أشقائها.. لكن – للأسف الشديد- تتعرض مصر لحملات مشبوهة، تدرك مصر جيدا، أن الشجرة المثمرة تقذَف بالحجارة، لهذا لا تتوقف أمام أفعال هؤلاء (الصغار) المراهقين المأجورين، الذين لا يحفظون الجميل، ولا يفهمون في الأصول. ما يحزننا أن مصر تحمل هم القضايا العربية وفي القلب منها القضية الفلسطينية – وهي قضية العرب المركزية الأولى – وتعمل على مساندة كل القضايا العربية، إقليميا ودوليا ودبلوماسيا وفي المنظمات الدولية، وتقف في وجه القوى الكبرى وتقول كلمة الحق في صالح القضايا العربية، وتتصدى لكل التجاوزات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وتقف صلبة في وجه المحتل.. وفي النهاية يأتي صغار ينهشون في لحم مصر ويسيئون لها ويهاجمونها وللأسف الشديد لا يذكرون كل ما فعلته من جهود جبارة لنصرة القضايا العربية. ورغم أننا نعلم أن مَن يهاجمون مصر في الخارج صغار، لكننا نقول لهم: لا تطعنوا مصر من الخلف، لا تسيئوا لها ولمواقفها ولتاريخها ولمكانتها وقيمتها، لا تحصلوا على أموال من أعداء مصر لكي تسبوها، هل لم تشاهدوا المساعدات الإنسانية التي دخلت قطاع غزة التي أرسلتها مصر، والتي تقدر بـ(80%) من جملة ما دخل من مساعدات لغزة؟ هل لم تشاهدوا «مصر» الرسمية التي قالت – بعلو الصوت- نصا وأمام شاشات الفضائيات العالمية على الهواء مباشرة، نرفض تهجير الأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم ونرفض تصفية القضية الفلسطينية؟ مصر لن تترك الأشقاء الفلسطينيين وحدهم ولن تتخلى عن دورها المحوري – والرئيسي والمهم – رغم محاولات هؤلاء «الصغار» للتشكيك في دورها، «مصر» لن تتأثر بكلام هؤلاء «الصغار» لأنها دولة كبيرة وتعلم أنهم صغار وسيظلون صغارا مهما علا صوتهم ومهما رددوا شائعات كل يوم فلن ينالوا منها أبدا.
الدين المعاملة
يجب ألا يقف التعليم الديني عند حشو الأدمغة بالمعلومات التاريخية والمرويات والمأثورات والمقولات والأحكام، كما نرى الآن في الغالب الأعم، بل من الضروري أن يسوق كل هذا وفق ما يرى الدكتور عمار علي حسن في “الوطن” لخدمة التربية الأخلاقية، كي تظفر مجتمعاتنا بأفراد تأدبوا وتهذبوا وحازوا الفضائل والقيم الإيجابية، التي تسهم في صناعة التقدم، وتحسين أحوالنا وظروف عيشنا التي تردت إلى مستوى مفزع ومخز في آن. فالسلوك هو الذي يحدد شخصية الإنسان أمام من يتعاملون معه، وليس فقط أفكاره المضمرة، ولا ما يتفوه به عما يستقر داخله من تصورات وقيم أخلاقية واتجاهات متعددة، فالحكم على شخص أو الوصول إلى وصف عام لشخصيته، قويا أم ضعيفا، مندفعا أم رزينا، شجاعا أم جبانا، متزنا أم مضطربا، يعتمد على تقديرنا لسلوكه، وفهم ما فيه من جوانب دينية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية ونفسية، ثم إدراك علاقة التوازن بين الفرد والمجتمع، والمصلحة الخاصة والعامة، على اعتبار أن غاية تربية الفرد، هي بناء المجتمع السليم. ولذا فإن إنتاج السلوك الإيجابي هو غاية الأديان وكثير من الفلسفات والنظريات والأفكار البناءة، ولذا ظلت مسألة تشغل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها، فأدخلوا تصرفات البشر إلى المعامل والمختبرات، بغية التحكم فيها، وضبط ردود الفعل عليها، والتنبؤ بها، بما يواكب حركة تقدم المجتمع البشري وتطوره الذي يمضي بلا هوادة، وكذلك بما يصنع صورة عامة لأي أمة تجعل من الممكن اكتشاف القيمة الأكثر تمثيلا لها، مثلما فعل أندريه سيغفريد في كتابه «سيكولوجية الشعوب» الذي انتهى فيه إلى وصف الألمان بـ«النظام» والإنكليز بـ«العناد» والفرنسيين بـ«البراعة» و«الأمريكيين بـ«الديناميكية» والروس بـ«التصوف».
الإنسان المطلوب
طرح الدكتور عمار علي حسن الأفكار المدنية حول التربية الأخلاقية بشقيها القائمين على القيم الأخلاقية والالتزام الأخلاقي، التى تنبنى على منظومة قيم أساسية مثل الاستحقاق والجدارة، والإنجاز والاحترام والتعاون أو التبادل والعمل الجماعي والحرية والعدل والمساواة والتسامح، لكن من نخاطبهم، وهم المختصون بالعلوم الدينية والوعاظ والدعاة، سيتعاملون بحذر، إن لم يكن برفض، مع هذا المسلك، وسيحيلون دوما إلى ما لديهم، على اعتبار أنه يكفيهم. ولذا فإني أحاججهم هنا بما يألفونه، ويتحمسون له، لكنهم يهملونه إهمالا جارحا وبارحا، فربما تكون هذه طريقة أجدى في الإقناع المبدئي، الذي يجب أن يتبعه نقاش حول ما تتطلبه قضية الأخلاق من توسيع دائرة فهمها، وربطها بمقتضيات عصرنا، والانفتاح على أي عطاءات أو إسهامات عنها وحولها. من باب أولى أن يهتم القائمون على التعليم الديني الإسلامي في توظيف ما أتاحه لهم الدين من تعاليم في التربية الإيمانية والعقلية والجسدية للإنسان لصقل سلوكه ليكون حسنا، ممتثلين للأقوال المنسوبة إلى الرسول (عليه الصلاة والسلام)، والمتوافقة مع القرآن الكريم: «أكمل المؤمنين أحسنهم خلقا». «إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحسنكم أخلاقا». «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم». «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء». وحين سُئل (عليه الصلاة والسلام) في أكثر ما يدخل الناس الجنة، قال: «تقوى الله وحسن الخلق». ويجب أيضا الامتثال لكل عطاء القرآن الكريم الذي يصف الرسول قائلا: «وإنك لعلى خلق عظيم» (القلم: 4)، في تهذيب جوانب السلوك الإنساني كافة، بدءا بعلاقته الخاصة مع ربه حتى اتساقه مع نفسه، مرورا بعلاقته مع والديه وزوجته وأبنائه وأقربائه وذوي رحمه وجيرانه وأصدقائه ومجتمعه، بما يسهم في تكوين «الإنسان الأصلح»، الذي يرتقي في إنسانيته حتى يصير، في رأى أبوبكر الجزائري في كتابه «منهاج المسلم» شخصا «كثير الحياء، قليل الأذى، كثير الصلاح، صدوق اللسان، قليل الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، قليل الفضول، برا، وصولا، وقورا، صبورا، شكورا، رضيا، حليما، وفيا، عفيفا، لا لعانا، ولا سبابا، ولا نماما، ولا مغتابا، ولا عجولا، ولا حقودا، ولا بخيلا، ولا حسودا، بشاشا هشاشا، يحب في الله، ويبغض في الله».
لا يدعو للفرح
بمناسبة دورة الألعاب الأولمبية في باريس ظل الدكتور هاني هلال يأمل في أن يجد تفسيرا لأسباب الفرحة العربية بفوز إسبانيا على فرنسا، البلد الذي ينظم الأولمبياد.. وهل لذلك من ارتباط بين المواقف السياسية للبلدين من قضية فلسطين وقضية الشواذ وغيرهما.. وفي رسالة الدكتور هاني هلال حنا على هامش الأولمبياد، لمحمد أمين في “المصري اليوم” يوصينا بهذا: أنصح مخلصا أن يعلم لاعبونا في كل الألعاب أن مناقشة حَكَم أي مباراة أو التجمع حوله والصراخ في وجهه لن يفيد بأي شيء، بل هو ضار جدّا.. فاللاعب الوحيد المسموح له بالتكلم مع حَكَم المباراة هو كابتن الفريق فقط، ويجب أن يخاطبه بطريقة مهذبة واحترافية. ومن المؤكد أن اللاعبين يعرفون ذلك جيدا. الاعتراض هو عادة دأب عليها لاعبونا محليّا بالاعتراض الفردى والجماعي على قرارات حكام المباريات، ولأنها صارت عادة، فإن لاعبينا يقومون بالاعتراض أيضا على الحكام دوليّا. الاعتراضات تتسبب في الضرر الشديد للفريق، وفي سير المباراة بعد ذلك. ودرس «لاعبنا» في مباراة فرنسا قبل يومين دليل واضح على ذلك، لاعبنا احتد على الحَكَم الهندوراسي، فنال بطاقة صفراء، ثم في لعبة خشنة تالية أخذ البطاقة الصفراء الثانية، ومعها كارت الطرد الأحمر ليلعب الفريق ناقصا، وهو متعادل، وعنده وقت إضافي مرهق وحاسم سيقرر مصير الفريق كله. ذلك أدى إلى الخسارة وضياع فرصة تأهل تاريخية ونادرة للوصول إلى نهائي الأولمبياد، بعد أداء ومستوى رائعين لفريقنا الوطني. الغريب أن الجميع رأى هذا الحَكَم قبل ذلك يعطي كروتا صفراء كثيرة وكارتا أحمر في مباراتين سابقتين في البطولة، ومع ذلك لم يلتزم أحد الحذر عند التعامل معه. الحَكَم لن يغير قراره أبدا، إلا إذا رأى لقطات الفار، لكن أبدا لن يغير قراره لأن اللاعبين أقنعوه أو أرهبوه أو أجبروه، فذلك ما لم ولن يحدث أبدا. وللأسف، النصيحة متأخرة، فقد انتهى الدرس يا دكتور هاني، ونحن الآن في حاجة إلى مَن يحاسب فرق مصر كلها والاتحاد الدولي على اختيار اللاعبين في كل الألعاب.. كيف ذهبنا إلى الأولمبياد دون تدريب ودون استعداد، وكيف نصرف كل هذه الأموال، والعائد لا شيء، في ظروف بلدنا الاقتصادية؟ أتصور أن يعود المسؤولون من الأولمبياد إلى النيابة.
الهزيمة التاريخية
نعود لخيبة باريس التي تجللت بها، حسب سعيد الخولي في “المصري اليوم” مسيرة أكبر بعثة رياضية أولمبية في تاريخ مصر، وبقية البعثات، وتعددت صور الفشل؛ ليس فقط في عدد الميداليات التي تحققت، بل أيضا في ما صاحب هذا الفشل من فضائح رياضية أقساها هزيمة تاريخية أمام المغرب الشقيق في كرة القدم بسداسية مخجلة وهزيمة أبطال اللعبات الفردية في المصارعة وغيرها، بعدم التكافؤ، ناهيك عن نكتة وزن بطلة رفع الأثقال الفسيولوجية وبطلة السلاح الحامل، حتى زادت عليها فضيحة أخلاقية لبطل المصارعة الذي لم يجد لهزيمته وخروجه صفر اليدين من بطولة حاز عنها ميدالية منذ ثلاث سنوات، لم يجد حلا لنسيانها سوى الوجود في مكان مشبوه بين المخمورين والسكارى ليتم القبض عليه واتهامه بالتحرش، ليلوث سمعة مصر بعد خيبة الأمل فيه. كل هذه الخيبة في باريس لا بد أن تهز الوزارة المسؤولة عن تلك الاتحادات وعن اللجنة الأولمبية؛ وأظن أن وزارة الشباب والرياضة واحدة من أكثر الوزارات عبئا على ميزانية الدولة دون نتائج توازي ميزانيات الإنفاق على الشباب والرياضة، والأوفق أن نسميها وزارة الإنفاق والسياحة، فلعلها من أكثر الوزارات تدليلا لكبارها ومنتسبيها ولاعبي اللعبات والأنشطة التي تنفق عليها، فالكبار وكثير من المنتسبين وعشرات من اللاعبين فاقوا رحلات ابن بطوطة بما قاموا به من سفريات وفسح وتجوال في بلاد الله، التي ما كان لأحدهم أن يصلها ولو رأى «حلمة ودنه» طبقا للمثل العامي الذي بالطبع يستبعد أن يرى بسلامته حلمة ودنه من خلال مرآة.
“خيبة بالويبة”
أربع سنوات عجاف كما صورها سعيد الخولي ليس فيها إلا الإنفاق من لحم الحي يوفرون النفقات من احتياجات البطون الجائعة للطعام، لتنفق على مزاج أنفس جائعة للتصفيق والتهليل والسياحة والمهيصة، بدعوى المنافسات ورفع راية مصر في المحافل الدولية، وعلى هوامش هؤلاء الجائعين أقلام وألسنة وكلمات أكثر جوعا للحاق بمواكب السفريات أو على الأقل لعق بعض كعكة السفريات والفسح والاستمتاع بالقدود الساحرة والوجوه الفاتنة هناك في بلاد الغرب والشرق، وكل أركان المعمورة. ولا جديد مع كل دورة من دورات الأولمبياد؛ فكل أربعة أعوام تدور الأسطوانة نفسها التي لا يعطلها شروخ ولا يوقفها عطب في زمن تطور الأسطوانات وأشرطة الكاسيت، إلى حالة رقمية لا تحتاج لتشغيلها سوى عدة أزرار على الشبكة العنكبوتية، أسطوانة إلغاء التمثيل المشرف والذهاب فقط للحصول على ميداليات بشتى صورها الذهبية والفضية البرونزية، وأننا سوف نحقق عددا من الميداليات يبهر المصريين ويحلق برؤوسهم في أعلى قمم الفخار والمجد.. أسطوانة للضحك على الذقون وتخدير المضحوك عليهم بانتظار وقوف أبطالنا على منصات التتويج وعزف السلام الوطني ورفرفة علم مصر خفاقا مع كل تكريم أو ميدالية يعشمون بها الناس، وكأن بعثتنا في كل مرة ستعود بكمية من الميداليات الذهبية، تكفي لتشغيل حي الصاغة، وكمية من الميداليات الفضية تكفي لمعامل تشكيل المسبوكات الفضية في بر مصر، وكذا البرونز. ويستعد حي الصاغة لشراء الميداليات، وليتمخض الجبل هذه الدورة في باريس فيلد فأرا وبرونزية يتيمة، ألم أقل لكم إنها «خيبة بالويبة»؟
بارعون في الأصفار
من المونديال إلى الأولمبياد يا قلبي لا تحزن.. عشرون عاما ما بين صفر المونديال الذي حصلت عليه مصر في مايو/أيار 2004 أثناء تقدمها بملف لاستضافة كأس العالم 2010، وما بين صفر البعثة المصرية في الدورة الأولمبية 2024 المقامة حاليا في باريس، عشرون عاما، حسب طارق عبد العزيز في “الوفد”، لم تشفع للقائمين على منظومة الرياضة المصرية في إعداد استراتيجية رياضية متكاملة للرياضة المصرية ولا خطط علمية يمكن أن تقيل الرياضة المصرية من عثرتها ولا كوادر رياضية وأبطال قادرين على حصد الميداليات وباتت الرياضة تستحق وبجدارة مقولة «إن لم تستح فاصنع ما شئت»، هذا أقل وصف يمكن أن توصف به الرياضة في مصر بعد عدد من الإخفاقات الكبيرة. عزيزى القارئ لن نضع رؤوسنا في الرمال، مصر تمر بمنعطف تاريخي وتحديات كبيرة، ولا مجال فيها للمواربة أو المواءمة، فلدينا قيادة سياسية ورئيس حاسم وحازم، ولن يمر هذا الإخفاق مرور الكرام، ولمن لا يعلم فإن بعثة مصر في أولمبياد باريس 2024 تضم 164 لاعبا وهي أكبر بعثة في تاريخ مصر بتكلفة 1.25 مليار جنيه، والمحصلة صفر إلا ميدالية يتيمة برونزية حققها على استحياء لاعب سلاح الشيش. إهدار للمال العام مصحوب بالكوارث والإخفافات في جميع اللعبات، هل هذه مصادفة أم أنها تراكمات للفشل والتراخي من مسؤولين لا يصلحون لهذه المكانة. منطق الثواب والعقاب من أساسيات وأركان العدالة، من أجاد حق أن نرفع له القبعة، ومن أخفق لا بد من المحاسبة بداية من وزارة الرياضة، ثم الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية، جميع المنظومة الرياضية تحتاج إلى «تفوير» وهو لفظ شعبي دارج بمعنى تنقيح وتغير، جذري لكل من يثبت تقصيره وفشله وعدم قدرته على أداء دوره.
“عبيلو وإديلو”
التاريخ على حد رأي طارق عبد العزيز لن يغفر لهؤلاء ما حدث من كوارث في أولمبياد باريس 2024 من فضيحة قام به اللاعب والمصارع كيشو، بارتكابه أفعالا مشينة أدت إلى اعتقاله من قبل السلطات الفرنسية، ثم ما أثير حول اللاعبة ندى حافظ، لاعبة سلاح السيف، بعدما خسرت من لاعبة كوريا الجنوبية، لتعلن بعدها أنها كانت تشارك في منافسات السلاح بأولمبياد باريس 2024، وهي حامل في الشهر السابع، لا يعقل أن يقبل العقل أو المنطق أو الحرص على صالح اللعبة والمنافسة القوية هذا الأمر، ثانيا هل لم يلاحظ مدربها أنها في الشهور المتقدمة من الحمل، والحركة التي هي أساس المبارزة في الشيش صعبة عليها؟ هل لم يجر اتحادها تحليلا للاعبين قبيل البطولة؟ أمور تحتاج إلى وقفة جادة مع النفس ومحاسبة المقصرين. الحساب سيكون سريعا فتعاطي القيادة السياسية مع القضايا الكبيرة سريع وفعال، ولنا في توجيهات الرئيس بفتح تحقيق في وفاة اللاعب أحمد رفعت، خير دليل، وهو الأمر الذي وجه فيه الرئيس السيسي بفتح تحقيق فوري في الأمر، فاطمئنوا، المحاسبة مقبلة لكل منظومة وأسباب الفشل المنظومة الرياضية. أناشد رئيس الوزراء أن يتحمل مسؤولياته في الحفاظ على أبنائنا الرياضيين الذين شاركوا في تلك الدورة الأخيرة، فعلى من يتعامل مع هذه القضية أن يتعامل بمشرط جراح فلدينا أبطال، إذا وجدوا الاهتمام الجيد والإعداد الحقيقي سيسيرون في مسار تحقيق البطولات في كل العالم، لدينا خامات مميزة ولكن تحتاج إلى أسطى ومعلم، يستطع أن يخرج منها أجمل الصور وأفضل النتائج، نريد الحفاظ عليهم لكن بتخطيط علمي مدروس، وليس بمنطق “عبيلو وإديلو”.هذا الفشل الذريع لم يكن أبدا إلا نتاج جهل وتخبط وعدم رؤية لدى مسؤولي الرياضة في مصر، لكن كل ما أخشاه أن يكون أولادنا الصغار هم الشماعة التي تعلق عليها كل هذه المصائب، حاسبوا من أجرم في حق الدولة المصرية والرياضة المصرية. لو كنا أخذنا من صفر المونديال العظة والعبرة واستوعبنا الدرس في حينها ما كنا وقعنا في هذا الموقف المزرى الآن.
«القدس العربي»