
الاخوان والدولة والانتخابات
بقلم الدكتور غالب الفريجات
لاشك ان حركة الاخوان المسلمين في الأردن تشكل رقماً سياسياً، وهي تعتبر اكبر حزب سياسي على الساحة الوطنية، وأن لها حضور في الشارع الأردني، هي تملك رصيداً جماهيرياً يجب أن لا نستهين به، لهم مواقفهم التي قد نتفق معها او نختلف، وهذه طبيعة الأمور، والحياة السياسية لا تعتمد على الأبيض والأسود، وهناك دوماً منطقة رمادية بين الأطراف المختلفة، تبعد الأطراف عن الحدية في الموقف، والتشنج في الاراء، فالعمل السياسي لابد وان يترك مواربة بين الطرفين، فقط عند حد ان لا تكون المرونة السياسية على حساب المبادئ، هذه مبادئ يلتزم بها أصحاب المبادئ على عكس الاخوان الذين يحكمون للمصلحة النفعية على الطريقة الأمريكية ليس هناك مبادئ ثابتة هناك مصالح ثابتة وهو ما حكم السلوك السياسي لجماعة الاخوان فهم تجدهم دوما اما في دائرة الدول اللاوطنية او في أحضانها، انظروا إن في فلسطين المحتلة او سلطة أوسلو، مع الأردن، والمغرب، مع دول الخليج قبل أن ينتهي شهر العسل بينهم.
فيما يتعلق بالدولة هم ذراع الدولة في أكثر من مرحلة، وقد استعانت بهم الأجهزة في الإجهاز على القوى السياسية في مراحل عديدة ، وهم يتعاملون مع الدولة بما ترسمه أجهزة الدولة، وهم على يقين ان الدولة تتعامل معهم بالوقت الذي تريده الدولة وتنتقص او تحدد معالم هذا الدور في ضوء مصالح الدولة، وهم يتكيفوا في ضوء هذه السياسة، سياسة المد والجزر ، دون أن تشعر أنهم على استعداد ان يعترضوا على هذه السياسة او تلك، فهم لا يعمدوا لقطع شعرة معاوية مع النظام، هم على صعيد المصالح الذاتية دون أدنى شك مستفيدون، ولكنهم خاسرون على صعيد المبادئ، فالاسلام يرفض رفضاً قاطعاً سياسة النفعية، فالاسلام السياسي هو تعبير عن مجموعة مبادئ وأخلاق، وإن كنا نختلف مع الإسلاميين، فذلك يعود لسلوكهم وممارساتهم، وليس لمبادئ وأخلاق الدين الإسلامي، خاصة وهم من يعمد لوي عنق الدين ليتم تكييفه بما يخدم مصالحهم.
اما مايتعلق بالانتخابات، فهي لا تخرج عن الإطار السياسي الذي يحكم العلاقة بين الدولة والاخوان، والتي تأتي نتائجها متذبذبة في ضوء العلاقة التي تحكم الطرفين، فهي علاقة في مد وجزر، وهي علاقة تابع ومتبوع يلعب الطرفان دورهما بكل قناعة، فلا الاخوان تمردوا على هذه العلاقة، ولا الدولة فتحت أبواب معتقلاتها لهم، كما تفعل مع كل القوى السياسية التي تحكم العلاقة مع هذه القوى هي علاقة الخوف والحذر حد العداء في كثير من مفاصل الحياة، لرموز وشخوص هذه القوى السياسية، ففي كل المحطات تجد الاخوان في بر الأمان، هذه السياسة البراغماتية الاخوانية التي تحرص على عدم قطع شعرة العلاقة مع النظام حتى في ممارسة النظام لتحجيم دورهم هنا أو هناك ، هذه سياسة تخدم النظام، وبالتالي لا ضير لدى النظام في أن تضبط العملية الانتخابية في صالح الاخوان على حساب القوى السياسية حتى مع من يغردون معه من اتباعه، الذين قد يصيبهم النزق من حالات تحجيم دورهم، او التقليل من مكتسباتهم، فهؤلاء مواقفهم غير ثابتة بثبات مواقف الاخوان، ومن هنا لا تستغرب نجاح بعض المواقع الانتخابية لصالح الاخوان على حساب اتباع النظام ، عدا عن السياسة الصارمة لتقديم الاخوان سياسياً على حساب كل القوى السياسية من القوميين واليساريين.
نحن أمام حالة سياسية موبوءة بالانتهازية القائمة على المصلحة الذاتية على حساب الوطن والمبادئ، ولا يغرنك الشعارات التي ما انزل الله بها من سلطان، فهم مع الوطن في الوقت الذي هم فيه على علاقة مع رموز محسوبين أنهم اساءوا للوطن ، ومع الوطن ويحجمون ان يصوتوا ضد معاهدة وادي عربة ، ومع التحرير وضد التطبيع، ويشاركون في قانون أوسلو الانتخابي، هم في النتيجة الاحتياط المضموم للدولة، فلو شكلوا حكومة لن يكونوا اكثر من مثيلتهم الإسلاميين في حكومة المغرب، ولا بعيداً عن الاخوان في جوقة حكام صنيعة بريمر تلاميذ الملالي، في المحصلة موقفنا السياسي منهم يحكمه الخلاف في المبدأ والسلوك، وليس العداء، فهم ابناء وطن لهم الأحترام والتقدير، وكما يقولون الخلاف لا يفسد للود قضية.