الصحافه

هآرتس.. بدوافع ائتلافية: نتنياهو يجازف بـ”حرب خطرة” في الشمال مصحوبة بـ “تخبط حقيقي”

هآرتس..  بدوافع ائتلافية: نتنياهو يجازف بـ”حرب خطرة” في الشمال مصحوبة بـ “تخبط حقيقي”

نشرت عناوين “هآرتس” الرئيسية أمس بأن نتنياهو يدفع بالجيش ووزير الدفاع غالانت نحو شن هجوم أوسع في لبنان وفي قطاع غزة. لم يكن سياق هذه العملية واضحاً. ففي نهاية المطاف، يرسل نتنياهو رسائل متناقضة طوال فترة الحرب، وحتى الآن امتنع عن مواجهة مباشرة مع حزب الله. ما هو سلم أولوياته؟ وهل يفضل تركيز الآن الجهد على لبنان على حساب غزة، كما أوصى بذلك غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي من فترة طويلة؟

تم حل اللغز في الظهيرة؛ فقد تبين أن نتنياهو يوشك على التوصل إلى اتفاق سري مع عضو الكنيست جدعون ساعر (اليمين الرسمي) لانضمامه على رأس قائمة تضم أربعة أعضاء كنيست للائتلاف. الثمن السياسي لخصم تشاجر معه مدة عشر سنوات – تعيين ساعر في منصب وزير الدفاع على حساب غالانت الذي سيقال. التخبط فيما يتعلق بطبيعة العملية في لبنان تخبط حقيقي، ومثله أيضاً نقاشات كثيرة جرت في الفترة الأخيرة، أحياناً حتى وقت متأخر من الليل. ربما تؤدي النقاشات في نهاية المطاف بإسرائيل إلى مواجهة أوسع في لبنان، رغم وجود اختلافات في الرأي بين القيادتين السياسية والأمنية.

لكن التطويق من اليمين الذي قام به نتنياهو، والذي حث غالانت على العمل في لبنان بعد أن استدعى أعضاء المعسكر الرسمي للحكومة في 11 تشرين الأول الماضي لوقف توصية غالانت والجنرالات لتوجيه ضربة استباقية مدوية ضد حزب الله، لم يأت من أي مكان. كالعادة، كان وراءه اعتبار سياسي. طلب رئيس الحكومة تمهيد الأرض لإقالة غالانت عن طريق عرض عبثي، وكأن الوزير مرن ومتساهل جداً في قضية لبنان.

ربما تجد إسرائيل نفسها في حرب شاملة مع حزب الله. ولكن نتنياهو لم يستيقظ فجأة صباحاً يحمل شعوراً بالذنب لتخليه عن 60 ألفاً من سكان الحدود الشمالية الذين أخلوا من بيوتهم منذ 11 شهراً وأكثر. منذ أشهر كثيرة، والاعتبارات الوحيدة التي توجه قرارات رئيس الحكومة في الحرب تتعلق ببقائه الشخصي واستمرار حكمه، وتدفع أي اعتبار استراتيجي أو عسكري آخر. وكما ولد محور فيلادلفيا من المجهول وأصبح فجأة مصدر أمننا الوحيد لإغلاق الدائرة على صفقة المخطوفين، ثمة الآن اختراع مبرر جديد. نتنياهو متحمس للتخلص من غالانت لضمان استقرار الائتلاف. وإذا كان من أجل ذلك يجب تعيين وزير دفاع لا تجربة له، والتقدم إلى شفا الحرب الشاملة والتخلي عن المخطوفين الذين يموتون في أنفاق غزة – فليكن ذلك.

أمس، نشر أن عملية ضم ساعر واجهت صعوبات، جزء منها ينبع من المعارضة داخل عائلة نتنياهو. الإسرائيليون الذين يريدون إقناع أصدقاء من الخارج بأن الديمقراطية ستبقى مستقرة وطبيعية ورغم الهزات حولنا، يجدون صعوبة متزايدة في فعل ذلك. في السنة الـ 18 لحكم نتنياهو (مع توقفين في المنتصف) تتصرف إسرائيل كجمهورية موز التي لم تعد فيها مصلحة المواطن أو الجندي أمراً يهم السلطة.

من بين المناورات السياسية الأكثر اشمئزازاً أثناء الحرب، أنه ليس واضح ما إذا كان ستتطور لدينا “ليلة غالانت2″، واحتجاجات كبيرة في أرجاء البلاد، حتى لو كانت هذه العملية نهائية. المواطنون في حالة تعب وإنهاك، بعضهم تعودوا على التنقيط اليومي الذي يتمثل بالبشائر السيئة إضافة إلى المزيد من الأنباء التي لا يمكن تصديقها.

       طلاب المدارس الدينية لهم الأولوية

أصيبت الإدارة الأمريكية بالصدمة أمس من عزل غالانت، وحذرت نتنياهو من النتائج الخطيرة. وبقيت مشكلة لبنان على حالها في الخلفية. فتبادل اللكمات مع حزب الله يتجه نحو التطرف، ويتجدد منذ أسبوعين. وعجز سياسة إسرائيل آخذ في الانكشاف، في كل يوم يكون السكان بعيدين عن بيوتهم وبلداتهم، وبلدات بعيدة لم تخلَ تدخل إلى دائرة النيران. مع ذلك، ثمة تخبط مهني واضح. فهل يستطيع الجيش الإسرائيلي الآن إدارة حرب موازية في عدة جبهات؟ ما وضع التآكل في أوساط الجنود، النظامي والاحتياط؟ ما وضع التسليح والاحتياط؟ هل ستخلف عملية عسكرية تحسناً للوضع على حدود الشمال، أم كما تقول الادارة الأمريكية بأن ذلك سينتهي باتفاق يشبه الاتفاق الموضوع الآن على الطاولة متجمد الآن بين إسرائيل وحماس في غزة؟

عاموس هوكشتاين، المبعوث الأمريكي، التقى أمس في البلاد نتنياهو وغالانت على انفراد. وقال محذراً بأن توسيع المواجهة العسكرية لن يعيد السكان إلى بيوتهم، بل يزيد خطر اندلاع حرب إقليمية واسعة وطويلة. البيان الذي أصدره نتنياهو في نهاية المحادثة كان أقل حدة من البيان الذي نشره غالانت. طلب رئيس الحكومة “تغييراً جوهرياً” للوضع. وقال وزير الدفاع إن “الطريقة الوحيدة التي بقيت لإعادة سكان الشمال هي الذهاب لعملية عسكرية”. الأمر الذي تسرب حاشية رئيس الحكومة بأن غالانت يرفضه.

ما الذي يفكر به آباء الجنود الذين يخدمون منذ سنة في القطاع، والذين يمكن استدعاؤهم قريباً للمشاركة في حرب أصعب وأبهظ ثمناً في لبنان، على خلفية هذه التطورات السخيفة؟ هل يشعرون أن الأمن الوطني وأمن الأبناء في أيد معتمد عليها؟ أما زالوا يصدقون بأن القرارات الأهم للحرب تُتخذ لأسباب موضوعية؟ هذه أسئلة تزداد حين يسمعون من المراسلين السياسيين بأن من يقف وراء استبدال غالانت اعتبار آخر، وهو رغبة في إزاحته عن الطريق حتى لا يزعج صفقة قذرة بين الليكود والأحزاب الحريدية، تهدف إلى تجاوز قرارات المحكمة العليا وضمان استمرار الأغلبية الساحقة من الحريديم في التهرب من الخدمة في الجيش.

نشفق على عائلات المخطوفين التي اقتنعت أن رئيس “شاس”، آريه درعي، هو الشخص المناسب للمضي بالصفقة. مرة أخرى، يتبين أن اعتبارات درعي الشخصية والقطاعية تتغلب على الاعتبارات الوطنية أو على قلبه النازف أثناء اللقاءات مع العائلات. في نهاية المطاف، هؤلاء (تقريباً) ليسوا ناخبيه الذين تم اختطافهم وهم في حالة عجز من الكيبوتسات ومن حفلة “نوفا” أو من الدبابات قرب الجدار، وتم التخلي عنهم منذ ذلك الحين وتركوا لعذاب لا ينتهي في غزة. طلاب المدارس الدينية لهم الأولوية.

عاموس هرئيل

هآرتس 17/9/2024

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب