ثقافة وفنون

مسلسل «الدامة» سخط البداية وحسن الخاتمة… أحمد جواد: قربان محرقة الثقافة!

مسلسل «الدامة» سخط البداية وحسن الخاتمة… أحمد جواد: قربان محرقة الثقافة!

مريم بوزيد سبابو

 

إضافة إلى تموقع مسلسل «الدامة» الجزائري بين مطرقة «الواقع وسنديان العنف الرذيلة. زادته التهمة السياسية وظهور عبارة «ماك» (حركة تقرير المصير في منطقة القبائل) على جدران «سوق الدلالة» مشكلة أخرى. وهو المسلسل، الذي يعرض على التلفزيون الوطني، والذي عادة ما يكون بعيدا عن تلك الأعاصير كلها، لوجود طواقم الرقابة والقيم المجتمعية، والولاء السياسي، مما جعل سلطة السمعي البصري تصدر بيانا تطلب فيه توضيح ذلك. وعليه انتقل مخرج العمل يحيى مزاحم إلى حي «باب الواد» ليتحدث عن الموضوع مع كبار الحي، ممن لم يجدوا تبريرا مقنعا، سوى أن الكتابة قديمة منذ سنتين وأن البلدية قامت بطلاء الحائط. وأعيد كتابة العبارة ذاتها مرة أخرى. وأن «الدولة تعرفهم واحدا واحدا، ولو ثبتت تهمة الانتساب لهذه الحركة الانفصالية لاعتقلتهم. كما تمت استضافة المخرج وبعض من طاقم «الدامة» على التلفزيون الجزائري، حيث ذكر المخرج أن هناك شابا صغيرا من قام بتلك الكتابة التقينا بأبيه. المهم «حكاية كبيرة»، ولا يريد المخرج ذكر أين يتواجد المعني والمدعو «ماروكو» الآن.
هذه قد تكون ذريعة لإخراج المسلسل من تهم ثقيلة وجهت له بشأن محتوياته المثيرة للجدل والانقسام بين أوساط المتابعين الجزائريين.
كما جاء على صفحات رواد مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب. وتحت عنوان «المشهد الذي استفز الجزائريين – كما جاء على قناة لـ»آدم بوشمال» على اليوتيوب – والمشهد هو «اتفاق رضا تاجر المخدرات مع طفل قاصر يروج ويبيع المهلوسات. يطلب منه أن يكون حذرا ولا يجب أن يتنبه لأمره أحد. ويسأله هل تعلم كم ثمنها. يجيب الطفل بسرعة وبداهة «30 ألف ودوّر». وعن سؤال التاجر للقاصر «إذا كان لديه مكان ليخبئها؟ أجاب الطفل «عندي ماتخممش».
والمشهد الثاني حوار بين صليحة «الدلالة»، الدور الذي أدته عايدة عبابسة وخطيبة «رضا»(هناء منصور) وإحدى المروجات للمخدرات».
لم تخبرينا بأنه أخيك. لا يشبهك هو جميل (بوقوص) الله يبارك. حذار أن يخطفوه منك». ترد عليها صليحة «إنه رجل وسأزوجه كما ينبغي. أبكي على عمرك يالبايرة (العانس). ويتدخل أخ صليحة، الذي بدا في المسلسل مسالما ورياضيا يقوم بالتدريبات يوميا «لو لم تكن «ولية» لضربها وبهدلها».
وترد صليحة عليه «لا تهتم لأمرها. راها مصورخة» أي تحت وقع المخدرات. يقول صاحب القناة «بوشمال» شيء جيد أن نرى تطورا في أساليب الإخراج، وحتى في جودة الصورة وجودة التمثيل أيضا، لكن الأهم من ذلك هي الرسالة الإعلامية التي تقدم عبر مختلف المسلسلات الدرامي. بالتحديد القيم والثقافات والعادات والتقاليد والمعتقدات التي تنشر. يمكن أن تقول لي إن هذا المسلسل يقوم بنقل الواقع. من قال لك أن الإعلام ينقل الواقع، بل هو يصنع الواقع، والإنسان ليس ابن بيئته، بل ابن تعبئته. ترى أن مسلسلا ينشر قيما سلبية من ترويج للمخدرات والمهلوسات، من عدم احترام الصغير للكبير، من الحث على التسيب المدرسي وغيرها من القيم السلبية. هذا الأمر لا يمكن السكوت عنه، لا بد من التنديد بهذه المظاهر».
ويتابع بوشمال قراءته لمحتوى «الدامة»، قائلا «يا سيدي نحسن بهم الظن ونقول إن نيتهم صافية وحابين يعرضوا هذه الآفات حتى يلاقولها حل، لكن هل فعلا بمثل هذه الطريقة نحل هذه الأزمة؟ هل كي تعرض بطل المسلسل هو بائع للمخدرات وطفل هو مروج للمخدرات في المدرسة، هل سنجد الحلول بهذه الطريقة؟! المشكلة استفحلت في مجتمعنا، هل بمثل هذا السرد القصصي نروج للقيم؟ سنقوم بتوعية المجتمع ونقضي ولو نسبيا على هذه الآفة. ولا بد من أن تضع في بالنت أن الكبير والصغير يشاهدان المسلسل. والصغير ليس مثل الكبير. الأطفال الصغار يتأثرون بمشاهدة هذا وسيقلدون ما يعرض في المسلسل. فاتقوا الله. وخافوا ربي سبحانه. الاعلام رسالة نبيلة ورسالة هادفة، الإعلام رسالة لنشر الوعي ونشر الثقافة، التي تتوافق ومبادئ مجتمعنا». كثيرة هي الانتقادات التي طالت المسلسل ورمته بكل الصفات السلبية. الواقع المجنون الذي نعيشه والذي يحاول الكثير كبح جماح جنونه بكل الطرق، ومن يحافظ على أبنائه بكل الوسائل فتح له المسلسل بابا من أبواب جهنم تثير نيرانها الانتباه.
أما عن إشكالية الفن والواقعية فكتب عزوز محمد على صفحته على فيسبوك «الملايين التي تصرف على المسلسلات بحجة أنها تمثل الواقع لو صرفت على الواقع غيرته. صدق قائلها». وعلاوة على إطلاق عبارة «الشعبوية الفنية» على «الدامة» نقرأ منشورا على صفحة عتيقة يوسفي تنتقد فيه العمل نقدا فنيا «بعيدا عن الإيديولوجيا والهدف من المسلسل، فإن العمل في حد ذاته يحمل أيضا أخطاء فنية عديدة، خصوصا في بناء الشخصيات والحوادث، وهذا فقط في الحلقة الأولى، فعلاقات الشخصيات في ما بينها غريبة وغير مفهومة، يسودها الكثير من البوهيمية والاندفاع، ولا ترتبط بمحيطها الفكري البيئي، مثل السيد الملتي، الذي يبيع ابنه المخدرات وزوجته تستقبل رجلا غريبا عندها في الليل وتخرج بخمار مفتوح أمامه. ويقبل أن يوصله علام هو وزوجته، رغم أنه يعلم أنه اغتصب زوجته من قبل، وعلاقة حمزة شقيق عايدة بصليحة، خطيبة رضا المروج للمخدرات، والتي تسودها قلة الاحترام والاستهزاء بها حتى أمام خطيبها، رغم أننا لا نعرف لماذا يجب أن تكون بينهما علاقة».
لكن بقيت المخدرات و»سيرتها» هي نكهة المسلسلات الرمضانية المغربية، فإذا كانت المخدرات تجتاح أوساط الثانوي في مسلسل «فلوجة» التونسي، ف»الدامة» نقلتها إلى الطورين الأول والثاني المدرسين. نكهة تزكم الأنوف وتشد الأعصاب. مسلسلات للتوتر أيضا. مسلسلات تشكل «ترندا» وجدلا وسخطا، وكل شيء وتنجح، ولا يمكن إيقافه، وإثارة الجدل هي المطلوبة دائما!

أحمد جواد: قربان يوم المسرح العالمي

ما حدث للفنان المسرحي المغربي أحمد جواد كان فظيعا، ويطرح عديد الأسئلة على مكانة الفنان المكون تكوينا أكاديميا في مجال الفن، وبعض المتطفلين على الفن فقط بسبب الشهرة بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي. فإهمال وزارة الثقافة للفنانين أصبح سمة غالبة على بلداننا العربية. هكذا وقعت الفاجعة، ففي اليوم العالمي للمسرح الفنان المسرحي أحمد جواد يضرم النار في جسده أمام وزارة الثقافة. وقد تم نقله إلى المستشفى في حالة حرجة جدا. مؤلم جدا ويحز في النفس ما وقع للفنان أحمد جواد» (من صفحة يوسف العزوزي على فيسبوك). أما صفحة «الجديدة بريس» فنقرأ أن سبب الحرق «احتجاجا على تقاعده الهزيل». ففي «رصد الحوز» على فيسبوك نقرأ «المشهد الدرامي في اليوم العالمي للمسرح بطله المسرحي أحمد جواد، طاله التهميش والإقصاء، ولم يعد يتحمل عذاب الحرمان، ففكر أن ينهي حياته على الطريقة البوعزيزية في تونس. هل هي رسالة للشعب المغربي كي ينتفض من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية؟ لكن لماذا ضمير الشعب المغربي مغيب؟ هل ينتظر أن يحرق نصف المغاربة أجسادهم لكي ينهض؟ وتواصل الصفحة في نشر معلومات عن الفنان الضحية وأسباب اقدامه على الانتحار بهذه الطريقة المؤلمة «أفاد مصدر موثوق لـ «تيلكيل عربي» أن الشخص الذي حرق نفسه بمحاذاة مقر قطاع الثقافة في الرباط بمادة تشتعل بسرعة من مواليد سنة 1961. وأضاف المصدر أن «الشخص كان يتردد على مقر وزارة الثقافة منذ سنوات من أجل معالجة مشكلة كانت عنده. وأن حالته الصحية حرجة، وقد احترق وجهه بشكل كامل، بحيث سيفقد ملامحه، كما أن حنجرته تضررت».
ويضيف المنشور تجدر الإشارة إلى أن «المركز الوطني للإعلام وحقوق الانسان أعلن تضامنه مع الفنان المغربي أحمد جواد، لما خاض إضرابا عن الطعام يوم 6 فبراير/ شباط 2023 أمام قطاع الثقافة في الرباط».
وما طالب به في تدوينات له هو رد الاعتبار إلى شخصي ورفع الحصار والاقصاء وكل أنواع التهميش والتبخيس لشخصي ولتجربتي في تنشيط (نادي الأسرة) وبشهادة الجميع. وكتب في رسالة سابقة «وها أنا مجبر على التسول من الأصدقاء الميسورين وحتى غير الميسورين في الرباط ومدن أخرى». وذكر في رسالته إلى وزير الثقافة والشباب في ديسمبر/كانون الأول 2022، هل سمعتم عن رجل مسرح يضرب عن الطعام أمام المسرح البلدي لمدينة الجديدة حتى لا يهدم، وتم اعتقالي وقدمت جنايات في 27 مارس/آذار 1994، في سنوات الجمر والرصاص. وها هو المسرح البلدي ما زال وأضحى يحمل اسم محمد سعيد عفيفي؟ وأعلن أنه سنة 2013 عن عزمه الاقدام على حرق نفسه أمام مدخل وزارة الثقافة، بسبب عدم ترقيته، إذ ظل في السلم الخامس منذ تعيينه كموظف في مسرح محمد الخامس. وكشف حينها أنه كان يتقاضى 1800 درهم في الشهر» (المنشور منقول عن محمد فرنان الإثنين 27 مارس/آذار 2023».
هكذا تتحول مقرات وزارة الثقافة لمحرقات للفنانين. والحادثة تألم لها الكثير من أهل الفن والمسرح في البلدان العربية. مع دعوات من القلب أن يشفي الله الفنان أحمد جواد.

 كاتبة من الجزائر

القدس العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب