مقالات
دارفور بعد 38 عاما بين سندان الاستبداد والديمقراطية العاجزة عن الإنجاز ومطرقة الحروب العبثية. أ./شمس الدين احمد صالح
أ./شمس الدين احمد صالح
دارفور بعد 38 عاما بين سندان الاستبداد والديمقراطية العاجزة عن الإنجاز ومطرقة الحروب العبثية.
أ./شمس الدين احمد صالح
الحلقة (1)
كان أحد أهم أسباب قيام انتفاضة مارس/ أبريل 1985م هو المجاعة التي ضربت أرجاء إقليم دارفور ضمن الجفاف الذى عم القرن الأفريقي وشمال غرب القارة، والنهب المسلح الذى بدأ ينتشر في ربوع الإقليم بسبب انتشار السلاح الناري من عناصر المعارضة التشادية، وطالب المرحوم أحمد إبراهيم دريج حاكم الإقليم الأسبق من الديكتاتور نميري إعلان دارفور منطقة كوارث حتى يقوم المجتمع الدولي والإقليمي بتقديم المعونات الإنسانية لتجاوز حالة المجاعة التي بدأت تقتل أعداد كبيرة من المواطنين وخاصة الاطفال ،وحالات نزوح كبيرة من الريف إلى المدن(خاصة من ولاية غرب دارفور والتي كانت تعتبر جزء من محافظة شمال دارفور )بحثا عن لقمة العيش التي تسد الرمق ولكن رفض الديكتاتور نميري الاستجابة لذلك الطلب من حاكم الإقليم الأسبق، والذي ما كان عليه إلا أن يهرب ويترك الإقليم، وبعد انتصار انتفاضة الشعب في 6/أبريل/1985م أعلنت المنطقة “منطقة كوارث” وفتح المجال للمنظمات الدولية لجلب المعونات، وخاصة كميات كبيرة من الذرة وزعت في كل أجزاء الإقليم حتى المناطق الوعرة تم بها إنزال بالطائرات المروحية(هليكوبتر)
واصطلح اسم الذرة في ذلك العام بعيش ريغن( الرئيس الأمريكي الأسبق) ولكن تلك العملية التي سميت بسودان كول(,Sudan Call ).كانت مصحوبة بأكبر عملية استخباراتية عالمية وتم فيها استخراج خرائط جيولوجية بالإقليم، والتي مهدت لعملية الصراع الدولي والإقليمي على مواردنا سواء كان داخل دارفور أو حدودنا الجنوبية الغربية ،(حدود الجمهوريات الثلاث تشاد ،أفريقيا الوسطى والسودان). ويمكن أن نسمي هذه الظاهرة بالصراع الدولي على موارد القارة الأفريقية البكرة، بأقطابه المتعددة، الاتحاد الأوربي وفرنسا مع حليفتهم أمريكا، بعد الحرب الروسية الاوكرانية من جهة، والروسي والصيني (وإسرائيل) والمصري والقطري التركي والإماراتي ،ليدفع إقليم دارفور ثمنا باهظا من تداعيات هذا الصراع في أمنه واستقراره وموارده …
استمر الوضع في إقليم دارفور كما هو عليه طوال الفترة الانتقالية من 1985م 1986م عهد المشير سوار الذهب دون أن يضع أي معالجات للتداعيات الكبيرة للمجاعة بالإقليم، و لا السيطرة على الأسلحة التي بدأت تتدفق بسبب هروب بعض الفصائل التشادية المتمردة، وفتح مصدر سلاح جديد هو الجنوب بعد تمرد دكتور جون قرن في أغسطس 1983م،حتى جاءت الديمقراطية الثالثة بحكومة ائتلاف الأمة والاتحادي الديمقراطي، من 1986 إلى 30 يونيو 1989، حيث كانت هذه الفترة فترة صراع عالي الوتيرة بالإقليم ،صراعات قبلية، صراع بين المزارعين والرعاة، ووجود معارضة تشادية بالأراضي السودانية باسم الفيلق الإسلامي، الذى كان مدعوما من المرحوم القذافي بموافقة الصادق المهدي وحكومته كرد جميل للمرحوم القذافي الذى استضافهم في بلده إبان معارضة الجبهة الوطنية قبل مصالحة نظام نميري 1977م.
زاد تدفق السلاح بالإقليم للعوامل السابقة سالفة الذكر كما زادت الأسلحة التي تم نبشها من الحفر التي دفنت في صحراء شمال دارفور بعد فشل حركة يوليو 1976م العسكرية من قبل الجبهة الوطنية القادمة من ليبيا، واستمرت حكومة الديموقراطية الثالثة بعجزها هذا دون أن تعالج أي مشكلة قائمة سواء كانت بسبب التدهور البيئي وتناقص الموارد واتساع رقعة الزحف الصحراوي والصراع السياسي والاجتماعي بين مكونات الإقليم المختلفة، وكانت أهم النتائج المدمرة للصراع السياسي في هذه الفترة :
ولادة تنظيم التجمع العربي، الذى كان معظم عناصره الموقعة على مذكرة التأسيس من عضوية حزب الأمة.
النتيجة الأخرى هي تفعيل مصطلح “العرب والزرقة “أحد المصطلحات المنتجة من جهاز أمن نميري لتفتيت أهل دارفور بعد ان أجبروا جعفر نميري مرتين للتراجع عن قراراته بشأن الإقليم.
الأثر الثالث هو تحول النهب المسلح إلى ظاهرة كارثية وانتقال ثقافة العنف القبلي التشادي إلى مجتمعات دارفور المسالمة،.
والأثر الرابع الحرب المدمرة والتي وصلت نتائجها إلى الإبادة الجماعية والتي سميت بحرب الفور وبعض القبائل العربية.
بقلم/شمس الدين احمد صالح.
يتبع