الصحافه

“بنيامينا”: نجاح لـ “العدو” وغضب شعبي وحرج للجيش.. والمتطرفون: ساعدهم عرب

“بنيامينا”: نجاح لـ “العدو” وغضب شعبي وحرج للجيش.. والمتطرفون: ساعدهم عرب

إصابة المسيرة لقاعدة التدريب التابعة للواء غولاني في “ريغفيم” هي الهجوم الأصعب من نوعه لحزب الله منذ بداية الحرب قبل أكثر من سنة. الحادثة التي قتل فيها أربعة جنود من “غولاني” وأصيب العشرات منهم، كشفت صعوبة منظومة الكشف والدفاع حيال المسيرات. هذا مقارنة مع نجاحات كثيرة تسجلها منظومات الدفاع الجوي في التعامل مع الصواريخ البالستية والمقذوفات. عرف حزب الله في هذه المرة كيفية ضرب خاصرة الجيش الإسرائيلي الطرية – قاعدة مجندين جدد وتدريب في منطقة وادي عارة، واستغلال توجيهات مخففة تمكن من تجمع الكثير من الجنود معاً لتحقيق ضربة شديدة.
كثرة الأحداث والمصابين مع إطالة مدى الحرب، حول البشرى السيئة تقريباً إلى روتين للجمهور الإسرائيلي. ولكن ضربة المجندين الجدد في قاعدة بعيدة عن الجبهة، استدعت هذه المرة ردوداً قوية وغاضبة. هذه الردود ربما تتعلق بعدم اعتبار المجندين الجدد في وحدات قتالية في نظر المواطنين أشخاصاً يمكن إصابتهم في الحرب، ربما ساهم في ذلك أن الأمر يتعلق بلواء “غولاني”، الرمز الإسرائيلي والوحدة العسكرية التي تكبدت العدد الأكبر من الخسائر في مذبحة 7 تشرين الأول الماضي.
ليست هذه المرة الأولى التي يوجه فيها حزب الله هجوماً مركزاً إلى هذه المنطقة؛ ففي آذار 2023 أرسل حزب الله مخرباً اجتاز الحدود سيراً على الأقدام من لبنان، وسافر على دراجة كهربائية إلى مفترق مجدو. هذا الشخص زرع وشغل عبوة ناسفة كبيرة أدت إلى إصابة سائق سيارة، وهو مواطن عربي – إسرائيلي. وقد قتل عندما حاول اجتياز الحدود عائداً إلى الأراضي اللبنانية. فسر الهجوم في حينه كدليل على تغيير في سياسة حزب الله، وأن حزب الله مستعد لمخاطرة أكبر. نحن الآن في ذروة حرب طويلة كل الوسائل فيها مباحة بالنسبة لحزب الله.
المسيرة تحلق بمساعدة نظام ملاحة بواسطة الأقمار الصناعية (جي.بي.اس)، الذي يسمح بإصابة الهدف بدقة، ولكن ليس التحكم من بعيد أثناء الطيران. مشغلو المسيرة وجهوها إلى قاعة الطعام وأصابوها. اختراق الرأس المتفجر، 3 – 5 كغم، لسقف غرفة الطعام أدى إلى أضرار كبيرة في المبنى الذي فيه عشرات الجنود. من ناحية حزب الله، ثمة أهمية لحقيقة أنها ضربة مركزة لهدف عسكري. المليشيات الشيعية في العراق، والحوثيون في اليمن، باتوا ينجحون مؤخراً في إرسال مسيرات دقيقة نسبياً. إصابة مسيرة متفجرة لا تشبه أبعاد دمار تحدثه قنبلة تلقى من طائرة اف 16 – حتى الآن هناك محاولة لإيجاد تناظر وهمي مع الحملة الجوية الإسرائيلية، والبث بأن الجبهة الداخلية في إسرائيل هي الأخرى غير آمنة.
حتى الآن، أطلق أكثر 23 ألف صاروخ ومسيرة نحو إسرائيل منذ بداية الحرب، منها أكثر من 1200 مسيرة. 221 مسيرة سقطت في إسرائيل، والمتبقية تم اعتراضها – نجاح أكثر من 80 في المئة. بيانات اعتراض الصواريخ والقذائف أكبر بدرجة أعلى. الصعوبات معروفة: المسيرات صغيرة نسبياً، تطير بارتفاع منخفض جداً، وهناك صعوبة في تشخيصها. التنظيمات المختلفة تفضل إطلاقها نحو إسرائيل في مسار فوق البحر المتوسط، لارتفاع صعوبة في التشخيص. ورغم أن إسرائيل تتعامل مع هذا الأمر منذ عقد، لكنها لم تطور حتى الآن منظومة ناجعة لاكتشاف المسيرات وتشخيصها وإسقاطها، كما توفر ذلك القبة الحديدية أمام صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. ومنظومة الليزر التي يتم تطويرها والمدافع المضادة للطائرات القديمة التي يمكن إعادتها إلى الخدمة ربما تحسن الرد الدفاعي بشكل ملحوظ، لكن هذا سيستغرق وقتاً. أصبح واضحاً الآن أنه حتى لو تم تشخيص التهديد، فإن منظومة الدفاع لم تكن مركزة بما فيه الكفاية للتعامل معه في مرحلة مبكرة، حتى بعد أن تبين في الحرب في أوكرانيا أنها وسيلة قتال رئيسية.
يتبين من التحقيق الأولي الذي أجراه سلاح الجو أنه تم إطلاق ثلاث مسيرات مساء أول أمس، أسقطت إحداها بسفينة لسلاح البحرية، وأسقطت الثانية بواسطة القبة الحديدية، والثالثة فقدت شمالي عكا. وتم التمشيط خلفها في منطقة الشمال، وثمة مواطن أبلغ الشرطة عن جسم طائر مشبوه في سماء “يوكنعام”، لكن لم يتم تشخيص المسيرة إلى حين انفجارها في قاعدة غولاني. لنفس السبب أيضاً، لم يتم تشغيل صافرات الإنذار. يبدو أنه كان هناك افتراض بأن المسيرة تفجرت أثناء الطيران على بعد منخفض. في إطار دروس هذه الحادثة، سيتخذ الجيش الإسرائيلي هامش أمان أوسع، وسيشغل صافرات الإنذار في مناطق أوسع، حتى في حالة فقدان الاتصال مع مسيرة لفترة طويلة دون دلائل على مكانها.
وثمة مسألة أخرى تتعلق بإجراءات الجيش في قواعد الجبهة الداخلية: لا يوجد ما يكفي من الدفاع في قواعد كثيرة أمام الصواريخ والمسيرات، ولم يتم وضع وسائل حماية بالشكل المطلوب. هناك حالات يختار فيها الجنود خيمة أو غرفة غير محمية مع غياب حل آخر. في هذه الأثناء، لا قيود في هذه القواعد باستثناء وجود إنذار محدد كما حدث قبل إطلاق الصواريخ الإيرانية نحو قواعد سلاح الجو ومقر المخابرات في “غليلوت”. في المقابل، هناك أجهزة أمنية أخرى قيدت التواجد في غرف الطعام أو في قاعات الاجتماعات؛ لتقليص الأخطار. يرى الجيش الإسرائيلي صعوبة أمام خيار إرسال الجنود إلى الخيام، حيث الحماية أقل. مع ذلك، في فترة كورونا مثلاً، اهتم الجيش بتوزيع الجنود إلى مجموعات صغيرة في ذروة الوباء لتقليص احتمالية الإصابة.
مثلما في كل حدث تتعرض فيه إسرائيل للضرب منذ 7 أكتوبر، فاليمين المتطرف يهرب إلى نظرية المؤامرة والبحث عن مذنبين لتطهير الحكومة وسياستها من المسؤولية عن الوضع والمصابين. بعد ساعة على ضرب المسيرة، نشرت الشبكات الاجتماعية ادعاءات لأشخاص من اليمين وكأن عمالاً من عرب إسرائيليين وسكان القرى العربية القريبة نقلوا لحزب الله عن مكان القاعدة، ولا سيما غرفة الطعام.
عملياً، مكان القاعدة مكشوف، والجيش الإسرائيلي نشر في الشبكة صوراً مفصلة لمنشآتها، بما في ذلك غرفة الطعام. لم تجد حزب الله صعوبة في جمع المعلومات الاستخبارية العلنية التي خففت عنه هجوماً دقيقاً والوصول إلى النتائج القاتلة التي بحث عنها. لذلك، لا حاجة إلى عرب إسرائيليين، كما تبين أمس، عندما تم إحضار سكان من “رمات غان” لتمديد اعتقالهم بتهمة العلاقة مع المخابرات الإيرانية. العدو يبحث عن الاستعانة بمواطنين يهود في الأساس.
عاموس هرئيل
هآرتس 15/10/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب