ثقافة وفنونمقالات
” لمثله تكتب الكلمات وكان حقا علينا الرثاء ” بقلم ، أ . خضير بشارات
بقلم ، أ . خضير بشارات

” لمثله تكتب الكلمات وكان حقا علينا الرثاء “
بقلم ، أ . خضير بشارات
وكيف يخيم طيف النعاس ؟ فليهرب النوم من المقل ، فلتبك النساء فلمثله حق البكاء ، و ليضمد الجرح الرجال ، ننعاك وأنت ملتحما شجاعا ، تقاتل شرا قد عم أذاه ، ملتحفا بزتك العسكرية ليس بالقول العقيم ولا الثرثار، بل حملت ألم السنين في عينيك ، و انتصبت شرسا تواجه، مقدما المهج و الدماء ، تنعاك غزة و تصبو إليك حواري الضفة ، أشرعة النضال توهجت من ضياء الوجه ، باسم الوجنات ، ناديت في ظلمات السياسة أن حان القطاف، لا يستجيب لك إلا دعاء المكلومين ، تهدلت أوراق الشجر عند سماع الخبر، و ناحت طيور الوطن حزنا و كمدا ، فاح مسك الشهادة مع نسيم المساء ، إن جاء النبأ ، أبو إبراهيم يودعه الرفاق ، فكنت تاريخا تحفظه الأجيال ، جيلا بعد جيلا ، طربت الصهيونية على وقع الخبر ، يا ويح من صفق لها على طبل التبعية ، هو واقف أمام بيت الشهادة يرفرف ، يحمل العلم على جبين الكفن ، يا طول ما انتظر ، تجلدت أشجار الزيتون وهي تخشع لسماع النبأ، تعطرت بجمال الشهادة ، أينع أكتوبر من جديد ، لا زال يردد حروف الوطن ، ويخلد آيات النضال ، العين بالعين ، و السن بالسن ، و الرأس بالرأس، فكان الكاتم أبلغ من كل القمم ، و يشفي صدور الملهوفين ، نم في منازل الشهداء ، فلمثلك تبكي النساء ، و تنكس الأعلام دهرا سرمديا ، فأنت اليوم تحيا بين أمة كُتب في صحائفها الموت للأحياء ،
انزف الخبر ، مشى كجدول ماء في سراديب الوطن ، مزق المهج ، و أثقل الفِكر ، نقلت الصحف الصور ، مضرج نال الشرف ، و أسدل وسام الشهادة في صفحة النهاية ، كانت روايته نبيلة ، تخبر بموت البطل ، ميتة الشهداء ، في جعبته رصاصة و مسبحة وآيات من النضال ، كتب القول الفصل بين ابجديات العمر ، ممسكا بلهيب البقاء ، جذر أيقونة الوفاء لمن رحلوا ، فكان الجسد ممرا لفلسطين و من فلسطين ، نم هادئ القلب ، فسترثيك قوافل الشهداء، و تصبر فينا ان الدرب طويل ، يرسم خطاه أطفال يبحثون عن آبائهم بين انقاض المنازل ، دموعهم زيت لمشوار شاق ، أثخنته وحوش الليل ، كيف تنام الشمس فيك يا تشرين ؟ مبكرا يأتي الظلام فيك منذ سنين ، فيبتلع هدايا العيد ، و تغادر الحمائم أعشاشها ، تبحث عن أمل لها ومسكن ، نرثيك أبا إبراهيم و انت تودع عز الدين ، أسطورة الشعب المعذب ، و راية النهج المبين ، و أنت تكشف سر الخانعين ، الرافضين الحرية و يتشبثون بنعل عصبة العصر النازية ، نم قرير العين و إن امطروك بكل شواظ حقدهم ، فجسدك طرزته ألحان المنشدين ، أية من الحب الكبير ، يأباه الجبناء، شارة كنت بين أرواح تدب فوق الثرى ، تمشي على مهل ، تحفظ تاريخ البلاد ، رحلت و شجاعة لا تفارقك ما حييت ، فسلام لك و أنت تحمل رسالة الشجعان ، رسالة المكلومين إلى قاضي القضاة ، تشكي إلى الله ضعف قوتنا و هوان أنفسنا، سلام عليك وانت شاهدا و شهيدا على تخاذل الأمم، و فقدان الإنسانية، سلام عليك و أنت تزف للأمة زيف هيئات الأمم، و نحن نضمد الجرح و نسبح في واسعات المنى ، غادرت هادئا، و تركت خلفك نارا موقدة من الأحزان، يتناقلها الشجر و الترب و أزقة تركت صبرها شوقا إليك ، و ضمخها الحنين،
عاث الغزاة في الأرض ، حرقوا السنابل و المساجد، قصفوا الهواء الطلق ، مزفوا الأجساد في لهب المدافع ، لكنهم لا يدركون أن من تحت الرماد يخرج مقاتل ، يهتف لا للصهيونية ، الويل للاستعمار ، الموت لأهل الرجعية ، أيها الواهمون تتصاعد الأفكار تترى من بين القنابل ، لن تتالوا من شرف القضية ، هي أية راسخة ، جبال راسية تقاتل ، يحمل وصية الشهداء طفل ، وتكبر في عيونه شارة النصر ، كيف يأتي النوم و قد حم المكان و تناقل الأحرار صور الشهيد ، ملقى بين زخات الرصاص ، مهابا كنت أبا إبراهيم، أوقعت الأعداء صرعى ، غيرت قواعد الاشتباك ، زرعت فيهم الرعب، و أذقتهم كأس المنون أشكالا ،
17_10_2024م، الخميس ، 23 : 11، مساء .