كاتب إسرائيلي: “سنغافورة في غزة”… من “حل الدولتين” إلى الدول الثلاث

كاتب إسرائيلي: “سنغافورة في غزة”… من “حل الدولتين” إلى الدول الثلاث
أبرزت الحرب نقاشاً حول مستقبل قطاع غزة. ثمة أناس في إسرائيل والحكومة يطمحون إلى دولة كبيرة واحدة، من البحر المتوسط حتى نهر الأردن، تشمل 15 مليون نسمة، بينهم أكثر من النصف بقليل من العرب (51.35 في المئة). من يطمحون إلى هذا الحل يتجاهلون الوضع الديمغرافي وتداعياته. اتفاقات أوسلو (أيلول 1993) نصت على أن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة. حل الدولتين يقبله من يؤيدون تقرير المصير للفلسطينيين كحل للنزاع. لهذا الحل مشكلة جوهرية، وهي المسافة بين الضفة وقطاع غزة.
طرح عدد من الأفكار لربط هاتين المنطقتين الجغرافيتين، بواسطة جسر أو نفق. في 1996 طرحت فكرة شق شارع علوي يقوم على أعمدة، فيه مساران في كل اتجاه، وسكة حديد، وأنبوب مياه، وتوفير المياه من البحر للبحر الميت وخطوط اتصال. كانت هناك مشكلتان إلى جانب الموافقة السياسية، الأولى هندسية والأخرى مالية. كان يجب أن يتغلب هذا الشارع على الارتفاع عن سطح البحر حتى ارتفاع 800 متر على طول 35 – 40 كم، وعلى التحدي المالي، كلفة تصل إلى ملياري دولار. بمفاهيم هذه الأيام، يمكن التغلب على ذلك كما يبدو. في 2009 طرحت فكرة لشق نفق. كسابقة لهذا الأمر، يمكن أن تكون تكلفة النفق بين فرنسا وبريطانيا بطول أكثر من 50 كم، منها 39 كم تحت مياه البحر. تكلفة النفق كانت حوالي 23 مليار جنيه إسترليني. هذان الحلان محتملان من ناحية مادية، لكنهما مثل الخيال، الذي قد يصبح واقعاً إذا تم استثمار هذه الأموال الطائلة بشكل مختلف.
ربما يجب إجراء عملية جراحية معقدة وفصل إسرائيل عن فلسطين. هناك نموذج معروف لمحاولة فاشلة للربط بين كيانين بعيدين عن بعضهما.
وضع التطور الاقتصادي والاجتماعي المختلف عقب الحرب بين القسم الشرقي للسلطة الفلسطينية وقسمها الغربي، الأصغر، يتفاقم. الحل هو تقسيم فلسطين إلى دولتين: الأولى على مساحة 365 كم مربعاً، يعيش فيها حوالي مليوني شخص في ظروف غير إنسانية، والثانية تقع بين إسرائيل والأردن. ستكون غزة دولة مدينة بما يشبه سنغافورة، دولة المدينة التي تشكلت في 1965، رغم مساحتها الصغيرة التي تبلغ 720 كم مربع، والتي يعيش فيها 6 ملايين شخص، إلا أن لها مكانة مهمة في الاقتصاد العالمي، والناتج القومي الخام للفرد فيها هو من الأعلى في العالم. يعتمد اقتصادها على إنتاج وتصدير المنتجات الإلكترونية والبيوتكنولوجية والمواد الكيميائية. وقد تطورت وأصبحت مركزاً مالياً وتجارياً مهم.
غزة أيضاً، على شفا تدمير مادي واقتصادي واجتماعي. وهذا الوضع يمكّن من نهضتها. كل ذلك عن طريق إخلاء أنقاضها وإخلاء القليل مما تبقى فيها، ونقل سكانها لفترة حتى يتم بناء عاصمة حديثة كبيرة فيها، ستحل ضائقة السكان الذين يعيشون في حالة فقر في أحياء تنقصها البنى التحتية، ويعيشون على أمل واهم – يغذيه سياسيون فاسدون – بأن اليوم الذي سيعودون فيه إلى بيوتهم وأراضيهم التي كانوا يعيشون فيها قبل 76 سنة قد اقترب.
دان دارين
هآرتس 28/10/2024