حرب إسرائيل في لبنان.. استمرارها غوص في الوحل ووقفها عودة لـ”حزب الله”
![](https://sawtoroba.com/wp-content/uploads/2024/10/حرب-اسرائيل.jpg)
حرب إسرائيل في لبنان.. استمرارها غوص في الوحل ووقفها عودة لـ”حزب الله”
الانشغال بوقف النار في الشمال ليس نظرياً. فعلى جدول الأعمال مقترح عملي ينهي الحرب بشروط مريحة لإسرائيل ويسمح لها بالتركيز على إنهاء المعركة في غزة وإعادة المخطوفين.
في الأسابيع الأخيرة، أوضحت إسرائيل بأنها ستوافق على وقف نار في الشمال بثلاثة شروط مركزية: الأول، تطبيق كامل لقرار 1701 وعلى رأسه منع تعاظم قوة حزب الله وحظر عمله العسكري جنوبي الليطاني. الثاني، نشر قوات معززة من الجيش اللبناني ووحدات أكثر نوعية من اليونيفيل جنوبي لبنان. والثالث، وحرية عمل كاملة للجيش الإسرائيلي في حالة محاولة حزب الله خرق التفاهمات.
من بين الشروط الثلاثة هذه، يبدو الثالث هو الأكثر إشكالية. فإسرائيل معنية بأن تتلقى من القوى العظمى الوسيطة (الولايات المتحدة وفرنسا، وبقدر أقل روسيا أيضاً) “شيكاً مفتوحاً” لأعمال مستقبلية. لبنان سيعارض ذلك حفاظاً على سيادته، والموضوع سيبقى غامضاً وملحقاً بقرار إسرائيلي. في الماضي، هددت حكومات إسرائيل أكثر من ذلك ونفذت القليل، وسيكون الاختبار في الخرق الأول – وسيكون كهذا – عند وجود حاجة لمهاجمة شاحنة سلاح تحاول العبور من سوريا إلى لبنان أو خلية لحزب الله تتسلل إلى القرى في منطقة الحدود.
زعيم حزب الله الجديد نعيم قاسم، قال علناً في خطابه الأخير إن منظمته ستوافق على وقف النار، بمعنى قطع الارتباط بين حزب الله وحماس، وبين لبنان وغزة. هذه السياسة التي قادها حسن نصر الله هي التي جرت الشمال إلى حرب لسنة فأكثر، وهي التي أدت في نهاية المطاف إلى تصفيته وإلى تدمير القيمة عظيمة الأبعاد لمنظمته. أما قاسم، الذي لم يعد مرشحاً لقيادة المنظمة ولا يتمتع بهالة أو حضور نصر الله، فهو بحاجة للهدوء كي يبني صلاحياته ويرمم منظمته. ربما يشاركه في أقواله هذه أسياده الإيرانيون الذين يخشون من ضياع تام لاستثمارهم في لبنان.
لا للغرق في الوحل اللبناني
كثيرون في إسرائيل بمن فيهم وزراء كابنت ومسؤولون كبار في جهاز الأمن، يعتقدون أن ليس هناك ما يدعو إسرائيل لمد حبل نجاة لحزب الله، وأن عليها مواصلة الضغط. هذا نهج مشروع وإن كان مفعماً بالمشاكل. يمكن للجيش الإسرائيلي أن يواصل القتال في لبنان إلى الأبد. وستكون الأهداف وفيرة دوماُ، لكن أساس قوة حزب الله هزم الآن: وزير الدفاع غالانت قال إن لم يبق لحزب الله سوى 20 في المئة من قوته، والدليل: الصعوبة التي واجهتها المنظمة في تنسيق النار نحو أراضي إسرائيل، رغم الثمن الأليم لقتيل إضافي بنار أمس في “معلوت ترشيحا”.
إن استمرار القتال سيكون له ثمن باهظ بالقتلى، سيرتفع مع الغرق في الوحل اللبناني في موسم الشتاء. كما ستكون له أثمان في مزيد من التآكل في الشرعية الدولية لإسرائيل، والاقتصاد، وتعميق العبء على منظومة الاحتياط، وإبعاد موعد عودة سكان الشمال إلى بيوتهم.
بالمقابل، إذا ما تمكن الاتفاق من ربط حكومة لبنان بخطوة ذات مغزى يعود فيه للبنان التوازن الطائفي، فسيكون ممكناً الحديث عن إمكانية خلق أفق مختلف في حدود الشمال – كما أسلفنا، تبعاً لحفظ ردع إسرائيلي أكثر كثافة على طول الحدود عن ذاك الذي كان في 7 أكتوبر.
إن استكمال هذه الخطوات ممكن في مدى أيام. فالجيش الإسرائيلي أنهى القسم الحالي من المهمة التي كلف بها في جنوب لبنان في غضون نحو أسبوعين – فترة زمنية يمكن استغلالها لمواصلة صيد كبار رجالات حزب الله، وربما حتى قاسم نفسه، وتعميق ضرب المنظومات الاستراتيجية لدى المنظمة في بيروت والعمق اللبناني.
إن إنهاء المعركة في الشمال سيعيد إسرائيل أيضاً إلى النقطة التي بدأ فيها كل شيء. ودون صلة بهوية الإدارة التي ستنتخب الأسبوع القادم في واشنطن، لن تتمكن إسرائيل من تفادي الحسم بالنسبة لمستقبل القطاع لزمن طويل، خصوصاً في مسألة المخطوفين.
بالضبط مثلما في لبنان، الإنجازات الكبرى التي حققها الجيش الإسرائيلي في ميدان المعركة تسمح لإسرائيل بالعمل من موقع قوة، ومع العلم بأنها ستتمكن من استئناف المعركة في كل وقت تقرره.
يوآف ليمور
إسرائيل اليوم 30/10/2024