مقالات
أحاديث في الممكنات والدروس المستفادة نضالياً بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا -
أحاديث في الممكنات والدروس المستفادة نضالياً
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين دياب -استاذ جامعي -سوريا –
من يظن أن الحديث عن الممكنات في حياتنا العربية،يأتي لهواً،أو فذلكة،على تعبير علي الوردي، إلا إنّه من وجهة نظري،يأتي تباعاً،لم يجري ويحدث في الساحة العربية،إنطلاقاً من سند منهجي،يرى أنّ كل ما يحدث هو خلاصة السيرورة التي تسكن معركة المصير العربي،وموقف الممانعة للقوى المعادية لهذه الأمة،وهي ماضية في بلوغ هذه المعركة،والظفر بدورها الحضاري،الحامل لرسالتها الحضارية.
ويأتي طوفان الأقصى ويجدد الحديث عن الممكنات،في سياق سؤال،يقول وهل إمكانات المقاومة الفلسطينية توفر لها عوامل النصر،وبلوغ استحقاقاته؟وظني أن السّؤال،يتبع من خلفيات متبانية لأصحابه،فمنهم من يشكك في عملية طوفان الأقصى،ومنهم من مخاوفه،أن لاتكون نتائجه كارثية على الشعب العربي الفلسطيني،ومنهم من يسأل،من رؤيته لإشكالية العلاقة بأغلب فصائلها،مع إيران واتجهاتها،السياسية والعقائدية في الوطن العربي.لسنا بصدد الدخول في حوار مع الجهات والاتجاهات التي أثارت الأسئلة،فهذا ليس أوانه،لإنّ الاسئلة طرحت دون أن ترى،أو تضع سيرورة معركة المصير العربي في حسابها أو منهجها.
فمعركة المصير العربي مسكونة وحمالة للمستجدات في حال مثل حال الأمة العربية،تعيش معركة مفتوحة مع الصهيونية العالمية،التي تصارعها على الدور الحضاري.ولذلك فكثرة من تلك الاسئلة فاقدة لشرعيتها المنهجية،لانّها لم تزج في حسابها سيرورة معركة المصير العربي،المفتوحة والمتطلّعة إلى مستقبلها،الذي تطمح فيه أن تبلغ دورها الحضاري.
لذلك كما أسلفنا، تترددد بين فترةً وأخرى،الأحاديث والنقاشات في مسألة الممكنات، بين شريحة من القطاع الجدي من أبناء الأمة العربية بحثا عن حلول وتفسير للإشكالات التي يختزنها الواقع العربي الراهن.
نظرتان للممكنات:
1-النظرة الاَلية التي ترى أن الممكنات موجودة في الواقع العربي دون زيادة أو نقصان.وإن كانت في بعض الأحيان ترى أن الممكنات تزداد عددا ،وهي تُعَوِل على ذلك مستندةإلى تحليل الواقع العربي الذي يخبرها،كما تدعي، بأن الممكنات في ازدياد،وعلى هذا الأساس تقوم بالاقتراب من بعض الاشكالات وتمضي في تفسيرها معلنة أن هذه الممكنات تخدم مسألة التغيير في الوطن العربي في بعده الثوري،وماله من اَليات ثورية.
2-التظرة الجدلية وهي التي تًرى في الممكنات حالة بنائية متغيرة.مرّة وتتزايد معها امكانياتها لصالح التغيير في بعده الثوري،ومرة أخرى تضعف هذه الممكنات لصالح الإصلاح في أحسن حالاته،وفي أضعف حالاته مرة أخرى ،أو مرات.
وعلى هذا الأساس نمضي في تحليل الواقع العربي بناء على غوص متقن في هذا الواقع،اَخذين بعين الاعتبار العلاقة الجدلية بين الممكنات،من جهة،والواقع العربي من جهة ثانية في أبعاده المحلية والوطنية والقومية، كمستوى أول،وفي بعده العالمي كمستوى. ثان ،واضعة في اعتبارها البعد الإقليمي وما له من تداعيات على الممكنات.بحيث أنّ القوى الدّاعمة للمقاومة،مالياً،قد يكون الدعم مربوط بمصالحها،وله عندها خطوطه الحمر .
إذاً؛ النظرة الجدليةإلى عالم الممكنات هي التي تثري دعاة التغيير على طريق الظّفر بالتقدم إلى الأمام خطوة، والتراجع خطوات إذا لزم الأمر، منقادة بجدل العلاقة بين الممكنات والواقع العربي بكل أبعاده الداخلية والخارجية. خارج هذه النظرة الجدلية للمكنات تذهب قوى التغيير في طريق المغامرات والمراهنة على طواحين الهواء،والأخذ بها مما تجعل قوى التغيير تحفر في الواقع العربي حفراً سليماً يؤدي إلى استباط الحلول الممكنة القائمة على جدل الممكنات.ما أحوجنا في الوطن العربي إلى القوى التي ترى في التراجع خطوة أو خطوات إلى الوراء هو في حقيقة الامر خطوة صحيحة إلى الأمام.
د-عزالدين حسن الدياب