
عشرون عام على المأساة
أ.د. سلمان الجبوري
عتب علي بعض الاخوة من الاصدقاء والمحبين بأنني التزم الصمت ولم اكتب شيئا في يوم التاسع من نيسان اليوم المشؤوم يوم شل فؤادي الذي يديم في نبضه حياتي ورئتي التي اتنفس بها ومقلتي الى ارى بها وعقلي الذي افكر به … وطني العراق.
افبعد عشرون عام من الالم والحسرة تريدونني ان ابحث في جعبة مخيلتي عن كلمات تزيل ذلك الالم وتداوي الجرح الذي لازال نازفا. ان مجرد البحث عن كلمات تواسي النفس تقفز اليها مشاهد تبدل الحب بالكره والحياة بالقتل والحرية بالقمع والاخضر باليابس وارض معطاء بجرداء قاحلة كانت تنبت خيرا ونخيل كانت تحمل ذهب الارض رطبا جنيا باعجاف منحنيات الظهر ومدارس كانت تزيد العلم نورا بخرائب تطئها اقدام جهلة العلم ليعلموا ابناءنا اصول اللطم وقراءات التعازي وجامعات كانت صروحا شاهقة للعلم الى مواقع للتهريج والفساد وممارسة الرذيلة ومن بعد مناظر تبهج النفس الى اخرى تعكر صفوها ووووو الكثير مما لم يعد ينعش ذاكرة مغترب مثلي بل يخدشها ويحولها الى عتمة داكنة.
ابعد كل هذا تريدون ان اسمعكم شيئا!؟ عن اي شيء سأقول ؟ ابكاء على اطلال وطني ام عن فراق رجال احبة ام عن مقاومة كانت هي الرجاء فأهدر دمها ام عن خيرات واموال ملئت بها خزائن من كان عدوا وحرم منها الشعب ليترك ومنذ عشرون عاما يتضور جوعا ويموت خوفا
لا يا رفاقي لا اريد ان اكتب لكم بكاء نسائيا على وطن لم نحميه كالرجال. انني يا رفاقي لقد اثرت اليوم الصمت لأنني وجدته خير من يحدثكم عن خيباتنا وابلغ من كل ما اعتدنا قوله في هذه المناسبة الاليمة.