مقالات

سياسة خلق اليأس لدى الشعوب أ.د. سلمان الجبوري

سياسة خلق اليأس لدى الشعوب
أ.د. سلمان الجبوري
كل الشعوب وبلا استثناء وبالفطرة تطمح الى الحرية والحياة الهانئة والسلم والاستقرار. وعليه نجد انها لا ترضى ان تضام ، وتثور على من يظلمها من الحكام طلبا لحال افضل. وبما ان ارادة الشعوب بدون المؤثرات السياسية والخارجية موحدة فأنها قادرة على التغيير نحو الافضل وقد لخص ذلك الشاعر ابو القاسم الشابي بقوله:
اذا الشعب يوما اراد الحياة
فلابد ان يستجيب القدر
وادراكا من القوى الخارجية والاستعمارية لتلك الحقيقة وتخوفها من تلك الارادة الموحدة والتي تمسك بعصا التغيير فأنها تلجأ الى تفتيت تلك الارادة بواسطة عملاء وكيانات ليست بوطنية تارة او بواسطة خلق اليأس لدى تلك الشعوب الثائرة اذا لم تستطع التأثير عليها تارة اخرى. وقد لمسنا اثر تلك الوسائل في تجربتي ما سمي بالربيع العربي وتجربة احتلال العراق حيث تم ايصال الشعوب الى قناعة بأن لا فائدة من الحراك الجماهيري. ففيما يتعلق بالربيع العربي اتيح للشعوب التحرك واوعز لحكام بعض تلك الاقطار بالتخلي عن السلطة كما حدث في تونس ومصر ثم جيء بحكام بدلهم لا يختلفون عنهم مما اوصل تلك الشعوب الى قناعة بعدم جدوى الحراك والتغيير ومن لا ينصاع من الحكام الذين تثور عليهم شعوبهم يكون مصير البلد الى الخراب والى الاقتتال الداخلي مع تأجيج القوى الخارجية لذلك الصراع واطالة امده وتفريق ارادة قوى الشعب الثائرة الى ارادات ذات ولاءات خارجية متعددة يفقدها صبغتها الوطنية كما حصل في ليبيا وسوريا واليمن. اما ما يتعلق بالعراق وبعد يأس القوى المعادية من التأثير على الشعب العراقي واستخدامه في التخلص من النظام الوطني رغم كل المحاولات طيلة الخمسة وثلاثين عاما من عمر النظام فأنها لجأت الى استخدام العملاء واستخدام القوة الخارجية للتغيير بدعوى حرصها على مصلحة الشعب واشاعة الديمقراطية الزائفة. وفي كل تلك الحالات نجد ان هدف العدو في خلق اليأس لدى تلك الشعوب قد تحقق بعدما تم ايصالها الى قناعة بعدم الجدوى من الحراك الجمعي والندم على ما قاموا به لان لم يتحقق اي هدف مما كانوا يصبون اليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب