الصحافه

هآرتس: “هل ينتحر البطل لينجو نتنياهو؟”.. إسرائيل بانتظار أيام حاسمة

هآرتس: “هل ينتحر البطل لينجو نتنياهو؟”.. إسرائيل بانتظار أيام حاسمة

لافتة لحزب “نوعم” – شريك صغير وحالم في ائتلاف نتنياهو – تم تعليقها أمس على جسر في شارع أيالون. “دمه (لا سمح الله) على يديك”، كتب على خلفية صور رئيس الحكومة نتنياهو والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا. بعد بضع ساعات، نشرت شائعات عن عملية قريبة لنتنياهو لإقالة رئيس “الشاباك” رونين بار، وأيضاً إقالة المستشارة.
في هذه الأثناء، تسرب لوسائل الإعلام نبأ مشوه من جهة مصلحة السجون: حبل شنق وجد في زنزانة إيلي فيلدشتاين، المتحدث بلسان نتنياهو، المشبوه الرئيسي في قضية المعلومات الاستخبارية المسروقة. بعد ذلك، قيل إن هذا كان اختراعاً مرتجلاً من أدوات مسموح وجودها في غرفته، الذي هدفه غير واضح. ولكن في الوقت نفسه، قالت مصلحة السجون إنها تخشى “من نية انتحار” بطل القضية، لذلك نقلوه إلى غرفة اعتقال أخرى.
حتى المساء، تنافس وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف، بعضهم شخصيات رفيعة جداً، في دعوات غاضبة لإقالة بهراف ميارا وبار. وآخرون طلبوا إطلاق سراح المتحدث على الفور، الذي وصف كشاهد يخضع للتحقيق السياسي، وكل ما يهمه إسقاط نتنياهو. هؤلاء الأشخاص الذين يديرون الظهر لعائلات المخطوفين منذ أشهر يذرفون الآن دموع التماسيح على مصير عائلة المشبوه بأنه نشر معلومات مزورة بصورة تستهدف إحباط صفقة المخطوفين.
من غير الواضح ما إذا كانت التسريبات والتصريحات تعكس نية حقيقية وفورية لإقامة بهراف ميارا وبار، أم تمهد الأرض لذلك بواسطة تعويد الجمهور، الذي رد باستغراق وغضب على ليلة غالنت الأولى في آذار 2023، وبلامبالاة شبه تامة لإقامة وزير الدفاع الشهر الماضي. الظاهر للعيان هو أن نتنياهو راكم ثقة بالنفس بعد نجاحه في المحاولة الثانية لإقالة غالنت. في الخلفية، ثمة شعور بتأثير ترامب، فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتهديدات الفظة التي ينثرها حوله بشأن تصفية الحساب مع خصومه في جهاز القضاء والأمن في أمريكا. تعود نتنياهو على تقليد خطوات ترامب في الجبهة الداخلية. هكذا فعل أيضاً بعد فوزه السابق في 2016.
لا شك أن بهراف ميارا وبار يزعجان رئيس الحكومة في خططه (بدرجة أقل، هو معني أيضاً بإبعاد رئيس الأركان هرتسي هليفي). قضية فيلدشتاين وسرقة المواد السرية من قسم الاستخبارات، التي تلقي بظلالها على آخرين في مكتب نتنياهو أيضاً، تساهم في هذه الأجواء المشحونة. ورغم محاولة رئيس الحكومة تقزيم الموضوع، فإنه كشف الاشتباه باستخدام منظومة متشعبة جمعت معلومات حساسة من الجيش الإسرائيلي وتلاعبت بها ونشرتها في البلاد والخارج، وعندها عنيت بإعادة تدوير رسائل نتنياهو الحاسمة، التي تفيد بأن المظاهرات لإطلاق سراح المخطوفين تمس بجهود التوصل إلى صفقة، وكل ذلك بنجاح غير قليل.
فيلدشتاين هو أصغر الأعضاء في المكتب وأحدثهم، من مجموعة تسير معظمها، مع نتنياهو منذ عشر سنوات، ويعرف الأعضاء فيها أين تدفن الأسرار. يصعب التصديق بأنهم شاركوه في كل الأمور المعروفة للمنظومة، أو أنه وجد نفسه في اتصال مباشر ودائم مع رئيس الحكومة. الآن، لا دليل على أن الأخير ورط نفسه بشكل مباشر في إخراج المعلومات من الاستخبارات العسكرية أو نشرها. وحتى الآن، أصبح الضغط في موضوع فيلدشتاين واضحاً. الأيام القريبة القادمة حاسمة في هذه القضية. النيابة العامة قريبة من تقديم لائحة اتهام ضد فيلدشتاين على اعتبار أنه الشخص الرئيسي. وإذا قرر التحدث بحرية محاولاً إنقاذ نفسه، فيمكنه توجيه النار إلى أشخاص آخرين في المكتب.
الإعلامي يانون مغيل، البرغي الرئيسي في الماكينة (“أنبوب، حسب وصفه)، غرد أمس في “اكس”، وبعد ذلك محا التغريده، بأن فيلدشتاين اعترف في محادثة مع رئيس الأركان بأنه هو من سرب الوثيقة السرية لصحيفة “بيلد” الألمانية. وأضاف بأنه دماء فاسدة كانت بين هليفي وفيلدشتاين. مراسلون آخرون في معسكر نتنياهو اتهموا هليفي بأنه أراد المس بفيلدشتاين من خلال التحقيق، لذلك هو المسؤول عن تعريض المشبوه للخطر، في “أقبية الشاباك” (التي خرج منها الآن). الغضب ومهاجمة رئيس الجهاز مصدرها كما يبدو، بالأساس، هذا التحقيق، الذي يقرب النار من المكتب. ميخائيل هاوزر طوف، كشف أمس في الصحيفة سبباً آخر، وهو أن “الشاباك” رفض توفير خاتم مطاطي لذريعة جديدة لنتنياهو، تهدف إلى تأجيل تقديم شهادته في محاكمة الآلاف المخطط لها في 2 كانون الأول. أي تقديم رأي مهني يقول بأنه من الخطر على رئيس الحكومة التواجد في مكان واحد مثل المحكمة في القدس، لفترة طويلة.
التحقيق الجديد والمحاكمة القديمة يمكنهما احتجاز نتنياهو في نوع من حركة الكماشة، يبدو أنه غير مقتنع بعد تماماً بأنه يستطيع النجاة منها. في هذه الأثناء، من يؤيدونه يشيرون إلى متهمين آخرين، وبذلك يبحثون عن طريق نجاة ممكنة. من هنا جاء الانقضاض على المستشارة القانونية ورئيس الجهاز. نتنياهو في ظهوراته العلنية المعدودة يبث دمجاً غريباً ومتميزاً بين الغطرسة من التطورات الإيجابية (فوز ترامب وتوسيع الائتلاف وإنجازات الجيش الإسرائيلي في لبنان) وبين الخوف الكبير من الأخطار الكامنة له (مؤامرات جهاز الأمن وجهاز القضاء). كالعادة، هو الضحية الوحيدة التي معاناتها مهمة، هناك وقت كثير مكرس – في خطابات وقنوات الدعاية – لوصف الملاحقة التي مر بها أكبر من الضائقة الفظيعة للمخطوفين في أنفاق غزة.
المادة 7 في قانون “الشاباك” تنص في وصف هدف الجهاز وعمله بأن “الجهاز مسؤول عن الحفاظ على الأنظمة الديمقراطية ومؤسساتها”. وثمة إجراء لإقالة المستشارة قد يصطدم بالصعوبات حتى بسبب اتفاق تضارب المصالح الذي وقع عليه نتنياهو على خلفية محاكمته. قانونياً، إقالة بار ربما تكون خطوة أسهل للتنفيذ. هو أيضاً يخضع لصلاحية نتنياهو بالكامل. من غير الصعب فهم إلى أين يسعى رئيس الحكومة، شريطة أن هذه العملية لا تكلفه انتفاضة عارمة للجمهور. تعيين رئيس خدمة متعاطف أكثر من احتياجاته الشخصية، كما حدث مع المفتش العام للشرطة، سيمكن من إبعاد المتظاهرين عن بيته، وبعد ذلك فرض القيود على الاحتجاج بشكل عام، بما في ذلك نضال عائلات المخطوفين. من هنا فصاعداً، ربما يصبح المنزلق الحاد لتخريب الديمقراطية سقوطاً حراً بكل سهولة. نحن الآن في لحظة حاسمة لاستمرار النظام الديمقراطي في إسرائيل.
عاموس هرئيل
هآرتس 20/11/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب