ملف حقوق الإنسان في مصر… أزمات مستمرة بعد ثلاثة أعوام من حديث السلطة عن انفراجة
ملف حقوق الإنسان في مصر… أزمات مستمرة بعد ثلاثة أعوام من حديث السلطة عن انفراجة
تامر هنداوي
القاهرة- حل اليوم العالمي لحقوق الإنسان وسط انتقادات واسعة للحكومة المصرية بشأن الانتهاكات التي تشهدها البلاد خلال السنوات العشر الأخيرة على الرغم من مرور 3 سنوات على إطلاق السلطات في مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وإعادة تشكيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لجنة العفو الرئاسي، وفي وقت تواصل الدكتورة ليلى سويف والدة الناشط السياسي المصري البريطاني إضرابها عن الطعام للمطالبة بالإفراج عن ابنها لليوم الـ 73 على التوالي.
سجناء الرأي
وأعلنت الحركة “المدنية الديمقراطية” التي تضم عدداً من أحزاب المعارضة والشخصيات العامة، تشكيل وفد من قيادات الحركة، لمقابلة النائب العام لتقديم عريضة، تطالب فيها بالإفراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطياً، وكذلك الإفراج عن المحبوسين الذين انتهت مدد أحكامهم القضائية ولم يفرج عنهم.
وتزامن ذلك مع تقديم أسرة الناشط السياسي المصري البريطاني، علاء عبد الفتاح بطلب عفو رئاسي، تم إرساله إلى رئاسة الجمهورية عبر مجموعة من السياسيين البارزين، حسبما قال محامي الأسرة خالد علي.
ووفق علي، فإن الطلب الموقع من شقيقتي علاء، منى وسناء، يأتي في ظل قلقهما على صحة والدتهما ليلى سويف المضربة بشكل كامل عن الطعام منذ أكثر من شهرين، احتجاجاً على استمرار احتجاز نجلها رغم قضائه مدة عقوبته، فيما تتزايد مخاوف الأسرة من تعرض سويف لانتكاسة صحية، خصوصاً مع تدهور صحتها بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة، في ظل طول فترة الإضراب.
وأعلنت سويف، في مطلع تشرين الأول/اكتوبر الماضي، إضرابها عن الطعام في ظل ما وصفته بجريمة السلطات المصرية بحق نجلها، الذي يحمل الجنسية البريطانية إلى جانب المصرية، والذي اعتبرته مخطوفاً ومحتجزاً خارج نطاق القانون، وكذلك احتجاجاً على “تواطؤ الحكومة البريطانية مع حليفها النظام المصري في احتجازه” حسبما أعلنت الأسرة في بيان سابق.
وأكد علي أن الطلب الأخير هو الثالث الذي تتقدم به الأسرة للرئاسة، بخلاف طلبات العفو المقدمة من المنظمات الحقوقية، للإفراج عن علاء الذي تستمر السلطات المصرية في احتجازه رغم قضائه خمس سنوات هي كامل مدة عقوبته وانتهاء مدة حبسه القانونية في 29 أيلول/سبتمبر الماضي، في حين رفضت النيابة العامة احتساب سنتي حبسه الاحتياطي ضمن مدة عقوبته، بالمخالفة للقانون.
حملات اعتقال
وطالت حملات الاعتقال خلال الشهور الماضية المتحدث الأسبق باسم الحركة المدنية الديمقراطية يحي حسين عبد الهادي والباحث الاقتصادي عبد الخالف فاروق، والصحافي ورسام الكاريكاتير أشرف عمر والصحافي سيد صابر.
وتقول منظمة العفو الدولية في تقريرها عن حالة حقوق الإنسان في مصر إنه خلال 2023 أُفرج عن 834 سجيناً من المحتجزين لأسباب سياسية، بينما أجرت نيابة أمن الدولة العليا تحقيقات مع ما لا يقل عن 2.504 من المُشتبه أنهم منتقدون أو معارضون اعتُقلوا في عام 2023 بتهم الضلوع في جرائم تتصل بالإرهاب، وبجرائم معلوماتية، وبالمظاهرات، وبنشر أخبار كاذبة.
ونشرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تقريرها المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في إطار خضوع ملف حقوق الإنسان بمصر لآلية الاستعراض الدوري الشامل بالمجلس للمرة الرابعة في شهر كانون الثاني/يناير المقبل.
انتهاكات متواصلة
وتضمن تقرير المبادرة المصرية استعراضًا للانتهاكات التي شهدتها مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي تضمنت انتهاكات مستمرة منذ عقود سبقت، وأخرى استحدثت خلال العقد الماضي، مع التركيز على فترة المراجعة وهي السنوات الأربع من 2019 وحتى 2023.
وانقسم التقرير إلى استعراض أوضاع الحريات المدنية، والعدالة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحقوق النساء والمساواة الجندرية، وحرية الدين والمعتقد، فضلاً عن السلطوية الأخلاقية المتصاعدة في السنوات الأخيرة.
ورصدت المبادرة في تقريرها استحداث منظومة قانونية تزيد من حصار الحقوق والحريات المدنية للمصريين والانتقاص منها، كقانون تنظيم التظاهر الذي ينطوي عمليًا على حظر الحق في التجمع والاحتجاج السلمي، وقانوني مكافحة الجريمة الإلكترونية والإرهاب المستخدمين في حصار حرية التعبير وتجريم ممارستها. كما رصد تقرير المبادرة ارتفاع معدلات استخدام الإجراءات الاحترازية وعلى رأسها الحبس الاحتياطي في تمديد حبس من لا يتفقون مع التوجهات السياسية والآراء المتبناة من قبل أجهزة الدولة وحرمانهم من الحق في المحاكمة، وإعادة إدراج المحبوسين احتياطيًا على ذمة قضايا جديدة أثناء حبسهم لضمان استمرار حبسهم على خلاف القانون في الممارسة التي باتت تعرف بـ”التدوير”.
كما تناول التقرير في رصده استمرار واستحداث قوانين تضمن إغلاق فرص المشاركة في الحياة السياسية على عموم المصريين كقانون الأحزاب السياسية الذي يضع قيودًا واسعة النطاق على الحق في تشكيل الأحزاب وممارسة العمل السياسي من خلالها، بخلاف ما يفرضه الواقع العملي الذي يسمح لأجهزة الأمن بمحاصرة عمل الكيانات المدنية والتدخل فيه، سواء كانت تلك الكيانات أحزابًا أم نقابات، وضرب التقرير مثلُا بوقائع البلطجة والعنف التي شهدتها الجمعية العمومية لنقابة المهندسين العام الماضي.
ورصد التقرير كذلك ما طال الحقوق الأساسية للمواطنين فيما يتصل بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والحصول على السلع والخدمات الضرورية للحياة كالماء والكهرباء والطاقة، مبينا توسع الدولة في تسليع تلك الخدمات الأساسية، لا سيما التعليم والصحة وحرمان غير القادرين من الحصول عليها، إضافة إلى تآكل الدعم الغذائي الموجه للفئات الأكثر فقرًا في وقت تزداد فيه نسبتهم وفقًا للإحصاءات الصادرة عن الدولة نفسها.
تقرير المبادرة أكد على استمرار عجز المنظومة القانونية على ضمان حقوق النساء، خاصة فيما يتصل بحقوقها الشخصية داخل الأسرة، واستمرار التمييز بين الرجال والنساء في مسائل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال. وتعرض تقرير المبادرة كذلك لاستمرار التمييز ضد الأقليات الدينية، سواء كانت معترفًا بها كأغلب الطوائف المسيحية التي لا تزال تحرم من حقها في إقامة وترخيص دور العبادة على الرغم من إقرار قانون مخصص لبناء الكنائس، أو أقليات دينية تحرم من كافة حقوقها في حرية الاعتقاد وما يترتب عليها مثل البهائيين والمسلمين الشيعة والقرآنيين وشهود يهوه، هذا إلى جانب ما يتعرضون له من تمييز ومضايقات أمنية تصل حد الملاحقة والحبس والمنع من السفر.
الحبس الاحتياطي
شريف هلالي المدير التنفيذي للمؤسسة العربية لحقوق الإنسان، قال إن الوضع الحقوقي في مصر ما زال مترديا خاصة فيما يتعلق باستمرار الحبس الاحتياطي المطول والقبض على المعارضين والذين يمارسون حقوقهم في حرية الرأي والتعبير والتي أقرها الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وآخرهم الباحث الاقتصادي عبد الخالق فاروق والصحافي سيد صابر وقبلهم يحي حسين عبد الهادي المنسق الأسبق للحركة المدنية، بالإضافة إلى صدور أحكام قضائية ضد السياسي أحمد الطنطاوي وعدد من أفراد حملته بسبب إعلان عزمه عن الترشح في الانتخابات الرئاسية، لافتا إلى استمرار حبس العشرات من الصحافيين، ومنهم أشرف عمر رسام الكاريكاتير .
وأضاف لـ”القدس العربي”، أن اليوم العالمي لحقوق الإنسان، جاء في ظل إصرار حكومي على تمرير مشروع قانون الإجراءات الجنائية بكل ما يحمله من تناقضات مع ضمانات المحاكمة العادلة، والحق في الدفاع بما يعطيه من صلاحيات مطلقة للنيابة العامة، ورجال الضبط القضائي.
ودعا الحكومة المصرية إلى الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وكافة الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، وتدعو إلى تعديل مواد الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، بما يتماشى مع تطبيقه كإجراء استثنائي باعتباره يقيد الحرية الشخصية.
كما طالب بالإفراج عن كل السجناء السياسيين في قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير، وبالإفراج فورا عن كل من تجاوز مدة الحبس الاحتياطي، والتحقيق في كافة الوفيات التي حدثت داخل مقار السجون ومقار الاحتجاز، والتي تزايدت في الفترة الأخيرة.
ودعا إلى وقف مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية باعتباره يمس الحريات العامة وعقد جلسات استماع بحضور المنظمات الحقوقية المصرية والنقابات المهنية وبشكل خاص نقابتي المحامين والصحافيين.
سيناء
إلى ذلك خاطب خبراء في الأمم المتحدة السلطات المصرية، بشأن محاكمة متظاهري حق العودة في سيناء “عسكريا” وتعويضات المهجرين قسريا.
ووقع الخطاب الذي نشره موقع الأمم المتحدة، المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات؛ وجاء موقع من الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي؛ والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات؛ والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للنازحين داخلياً والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة.
وحسب مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، فإن الخطاب جاء بناء على شكوى مقدمة منها ومجموعة حقوق الأقليات الدولية.
ولفتت المؤسسة، إلى أن السلطات المصرية لم ترد على الادعاءات والاستفسارات الواردة في خطاب خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في المهلة المحددة بـ 60 يوما من تاريخ إرساله إلى الحكومة المصرية قبل نشر الخطاب على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة.
وقبل نشر الخطاب بيوم واحد قررت المحكمة العسكرية في الاسماعيلية إحالة القضية رقم 80 لسنة 2023 إلى المحاكمة التي تضم 54 متهما من شمال سيناء بعد مرور عام كامل على استمرار وتجديد حبس المتهمين احتياطيا على ذمة القضية.
وأعرب المقررون في خطابهم، عن قلقهم الشديد إزاء الاستخدام المزعوم للمحاكم العسكرية والملاحقة العسكرية للمدنيين في القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023 وكذلك الافتقار إلى الوصول إلى التمثيل القانوني في انتهاك للحق في المحاكمة العادلة المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وطالبوا الحكومة اتخاذ جميع التدابير المؤقتة اللازمة لوقف الانتهاكات المزعومة ومنع تكرارها وفي حالة دعم التحقيقات أو الإشارة إلى صحة الادعاءات، لضمان مساءلة أي شخص أو أشخاص مسؤولين عن الانتهاكات المزعومة. وذلك بناءً على شكوى مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومجموعة حقوق الأقليات الدولية في تموز/يوليو 2024.
وتناول خبراء الأمم المتحدة في الخطاب، الانتهاكات المتعلقة بهدم المنازل على نطاق واسع التي أدت إلى نزوح الآلاف من الأشخاص من المجتمعات البدوية التي تعيش في شمال شرق سيناء، والفشل اللاحق في مناقشة طلبات العودة، وتقديم التعويض وإعادة التوطين المناسب.
كما أكد الخطاب على رفض الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، واحتجاز المتظاهرين، ما يشير إلى انتهاك الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات كما هو منصوص عليه في المادتين 21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه حكومة مصر، وبالتالي، قد تكون مثل هذه الإجراءات مخالفة لالتزامات جمهورية مصر العربية الدولية في مجال حقوق الإنسان.
وبالإضافة إلى ذلك، أعرب الخبراء عن قلقهم الشديد إزاء مزاعم الاحتجاز التعسفي والاحتجاز المطول قبل المحاكمة كشكل من أشكال العقاب الجماعي وتجريم البدو في سيناء الذين يمارسون حقوقهم في حرية التجمع وتكوين الجمعيات، في انتهاك للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وطالب الخبراء الحكومة المصرية في الخطاب بإفادتهم بإيضاحات حول الأسباب الواقعية والقانونية التي تبرر الاعتقال المزعوم، والاحتجاز السابق للمحاكمة لفترة طويلة في منشأة احتجاز غير رسمية من دون إشراف قضائي، والتهم الموجهة إلى الأفراد الأربعة والخمسين المنتمين إلى الأقليات البدوية وكيف تتوافق هذه مع التزامات الحكومة المصرية وفقا للمعاهدات ذات الصلة التي وقعت عليها مصر، وشرح الأساس القانوني الذي يحكم عمل واختصاصات المحاكم العسكرية لمقاضاة المحتجين المدنيين وكيف تتوافق هذه القوانين مع التزامات الحكومة وفقا للمعاهدات ذات الصلة التي أقرتها مصر.
كما طالب الخطاب بتوضيح التدابير التي اتخذت لتحديد البدائل الممكنة لتهجير المجتمعات المتضررة، ولماذا اعتُبر هذا التهجير أمراً لا مفر منه، وما هي التدابير التي اتخذت لضمان تنفيذ التهجير بطريقة تصون حقوق المتضررين في الحياة والكرامة والحرية والأمن والحياة الأسرية وفي ظروف مرضية من السلامة والتغذية والصحة والنظافة.
وزاد المقررون في خطابهم: إذا كان التهجير أمرا لا يمكن تجنبه، يرجى توضيح إلى أي مدى ناقشت حكومة سعادتكم إمكانية السماح للنازحين، أو لجزء منهم، بالعودة، كما طلب بعضهم، وماهية التدابير التي اتخذتها حكومة مصر لضمان عدم تعرض أي شخص إلى التشرد وحصول الجميع على تعويض مناسب عن أي ممتلكات تضررت، والتدابير التي اتخذت أو التي من المقرر اتخاذها لتوفير الحماية والمساعدة للنازحين، بما في ذلك السكن المناسب البديل والمياه والغذاء الأساسي والخدمات الطبية، وغير ذلك من أشكال المساعدة الإنسانية أو القانونية.
وفشلت الحكومة المصرية حتى الآن في الإيفاء بتعهداتها بإعادة النازحين من السكان الأصليين من القبائل البدوية إلى أراضيهم في شمال شرق سيناء والتي هجرتهم منها السلطات المصرية قسريا خلال العقد الماضي أو التي نزحوا منها بسبب العمليات العسكرية. خلال السنوات الماضية اشتكى السكان من عدم حصول قطاعات واسعة من المهجرين على أية تعويضات بينما اشتكى آخرون من زهد قيمة التعويضات وعدم تناسبها مع حجم الضرر، كما طالب السكان بالعودة إلى أراضيهم بعد زوال الإرهاب بشكل رسمي، والذي كان سببا اتخذته الحكومة لتبرير عمليات التهجير القسري.
ونتيجة لذلك، نظم أفراد القبائل البدوية احتجاجات واعتصامات متعددة للمطالبة بحقهم في العودة إلى ديارهم. في 26 اب/أغسطس 2023، خلال اجتماع بين قيادات الحراك الشعبي وقائد الجيش الميداني الثاني في مدينة العريش، تم الاتفاق على السماح للنازحين بالعودة إلى أراضيهم في موعد أقصاه 20 تشرين الأول/أكتوبر 2023. في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبينما كانوا يتوقعون العودة إلى أراضيهم، أبلغ أفراد من القوات المسلحة المصرية بدو سيناء أنهم لا يستطيعون العودة من دون إبداء أية أسباب معقولة.
في 23 تشرين الأول/اكتوبر 2023، تجمع آلاف النازحين من البدو من قبائل الرميلات والسواركة بالقرب من قرى الوفاق (غرب رفح) والمهدية (جنوب رفح) في شمال سيناء، للاحتجاج سلميا على رفض القوات المسلحة عودتهم. خلال هذه الاحتجاجات، ردت القوات المسلحة المصرية بإطلاق النار لتفريق المتظاهرين السلميين في قرية الوفاق، وأظهرت لقطات فيديو نشرتها مؤسسة سيناء آنذاك، أفرادا من القوات المسلحة المصرية وهم يطلقون النار لتفريق المتظاهرين. كما قام الجيش باعتقال عدد من المتظاهرين وشن حملة اعتقالات خلال الأيام التالية أسفرت عن اعتقال 54 من السكان المحليين واحالتهم لاحقا للمحاكمة أمام القضاء العسكري بتهم تتعلق بالتجمهر واستعراض القوة وتخريب سيارات عسكرية.
التضييق على الحقوقيين
يأتي ذلك في وقت ما زال يعاني الحقوقيون في مصر من إجراءات تستهدفهم.
وطالبت 34 منظمة حقوقية، إقليمية ودولية، السلطات المصرية في بيان، بالتعليق الفوري لقرارات حظر السفر وتجميد الأصول المفروضة بشكل تعسفي وغير قانوني بحق ثلاثة من مديري المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، كان قد تم إطلاق سراحهم منذ 4 سنوات بعدما أثار احتجازهم استهجاناً دولياً واسعاً.
وحسب بيان للمنظمات، فإنه خلال الفترة بين 15 و19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، احتجزت السلطات المصرية المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية جاسر عبد الرازق، والمدير الإداري محمد بشير، ومدير وحدة العدالة الجنائية كريم عنارة.
وبعد ضغوط محلية ودولية كبيرة، أطلقت سراحهم جميعاً في 3 كانون الأول/ديسمبر 2020؛ بينما تم فرض حظر سفر بحقهم. وفي 6 كانون الأول/ديسمبر، أصدرت دائرة مكافحة الإرهاب بمحكمة القاهرة الجنائية قراراً بتجميد الأصول المملوكة لهم.
ومنذ ذلك الحين، ورغم مرور 4 سنوات على قرار المحكمة؛ لم يُسمح لهم ولا لمحاميهم بالاطلاع على وثائق القضية 855/2020 التي اتهموا بموجبها بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. كما لم تقدم السلطات أي أدلة على هذه التهم المزعومة. وفي 7 كانون الأول/ديسمبر 2020 نددت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة بالقضية، مشيرة إلى أنه “لا ينبغي لأي مدافع عن حقوق الإنسان مواجهة قيود مالية أو اتهامات جنائية أو شروط كفالة أو سجن بسبب عمله المشروع في مجال حقوق الإنسان”.
ورسميا وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باستمرار جهود الدولة لتعزيز حقوق الإنسان المصري بمفهومها الشامل، من منطلق حرص الدولة على تحقيق ذلك، وبما يكفل للمواطنين المصريين حياة كريمة ومستقرة، ويضمن تمتعهم بحقوقهم، ويرسخ أسس المواطنة وسيادة القانون وعدم التمييز.
جاء ذلك خلال اجتماعه مع بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري الخميس الماضي، بصفته رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان في مصر.
وحسب بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي أكد على ضرورة استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في كافة مؤسسات الدولة، فضلاً عن الاستمرار في رفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات، مشدداً على أهمية الاستمرار في تطوير البنية التشريعية والمؤسسية الداعمة لنجاح هذا التوجه.
وأكد البيان، أن وزير الخارجية، قدم للسيسي التقرير التنفيذي الثالث للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مستعرضا التقدم المحرز في تنفيذ الاستراتيجية بكافة محاورها في مصر خلال العام الماضي، بما يضمن الارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان المصري بمفهومها الشامل، المدني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فضلاً عن تعزيز حقوق المرأة والشباب والطفل وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأضاف، أن التقرير يشمل كافة المبادرات والبرامج والإجراءات التي تم تنفيذها في المحاور الأربعة للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ويتناول الجهود الوطنية لتطوير البنية التشريعية والمؤسسية ذات الصلة، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع وبناء قدرات العاملين في جميع أجهزة الدولة.
ورغم مرور 3 سنوات على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، فإن منظمات حقوقية تؤكد أن الوضع لم يتحسن، بل ربما ازداد سوءا.
“القدس العربي”: