نحن لا نشتري السراب من أحد ولا نبيع الوهم لأحد. بقلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
بقلم الكاتب مروان سلطان -فلسطين

نحن لا نشتري السراب من أحد ولا نبيع الوهم لأحد.
بقلم الكاتب مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
19.12.2024
———————————
الاماني والتطلعات لا شك انها تحتاج الى جهود وامكانات ، نفتقر اليها كفلسطينين لسبب بسيط ان المحيط والبيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية يفتقر الى الامكانات ، ويعج بالتحديات التي تواجهه والقيود المفروضة عليه. لدينا من الاماني التي لا حدود لها وهي تعانق السماء وتضم الافاق. وبصورة واضحة واقعنا في مختلف الاتجاهات ، يفرز لنا معطيات تعاكس الاماني والتطلعات. هذا هو محور الحديث الذي هو يتصدر الخطاب الفلسطيني وفق المعطيات الجيوسياسية في الاقليم. الرئيس ابو مازن ، الرجل المخضرم وبعد تقلده زمام الامور بعد رحيل الشهيد الخالد ياسر عرفات والذي شاهد التقلبات السياسية والعسكرية عبر مسيرة منظمة التحرير الفلسطينية كان هو صاحب الخطاب الذي وضع خطا احمر رسم من خلاله السياسة الفلسطينية تحت مظلة المقاومة الشعبية والصمود في بيوتنا وارضنا في مواجهة الاحتلال وفي ظل التقلبات السياسية والامنية في المنطقة وهو المطلع والعالم والدارس بواقع الاقليم والى اين نصل في نهاية النفق .
بعد الضربات القوية الموجعة والمدمرة التي سادت المنطقة في غزة ولبنان وسوريا، مما ادى الى حسم انتهاء قوة محور الممانعة في الاقليم وانحسار الدور الايراني. تبين للقاصي والداني ان الخطاب الفلسطيني هو خطاب براغماتي لا يشتري السراب ولا يبيع الوهم.
الخطاب الفلسطيني هو الذي وفر الغطاء لحركة حماس في منع وسمها بالارهاب ، واسرائيل ارادت ان تلوح وتدفع بهذا الشعار الا ان خطاب القيادة كان لها بالمرصاد. وهذا ما جعل الاسرائيليون يوجهون سهامهم الى السيد الرئيس ووصفه بالسياسي الارهابي . بل ذهبوا الى ابعد من ذلك وصفوه بانه الد اعداء اسرائيل.
الخطاب الفلسطيني اعاد الكرة على الاسرائيليين الذين وسموا الفلسطينيون بالوحوش البشرية ، ولم يجد هذا طريقا الى المحافل الدولية وفي المحاكم الدولية ، ولولا هذا لجاءت النتائج اكثر خطورة مما عليه الان، في ذبح الفلسطينين وخاصة المدنيين.
بعد ان قامت اسرائيل بفتح الجبهات المختلفة في قطاع غزة، والضفة الغربية، ولبنان ، وسوريا ، والعراق ، واليمن، وايران واثبتت قدراتها العالية تقنيا وعتادا والوصول الى اهدافها ، وحتى الى القادة الخصوم ، واستمرار الحرب لاكثر من اربعة عشر شهرا ، يفيد كل هذا ان الحرب تعني ضرورة فهم الخصم وقدراته اللوجستية والعسكرية، دون ان الولوج الى الاوهام في هزيمة الخصم، وكان يسوق ان العدو لا يستطيع الاستمرار لفترة طويلة وان يفتح اكثر من جبهة، لنجد انه قادر على المناور العسكرية وفتح العديد من الجبهات .
وهم الانتصارات هو الاخطر على الجمهور الفلسطيني الذي تم تسويقه منذ السابع من اكتوبر ، في ظل موازين القوى المختلة الموجودة على الارض ، هي فقط تعني ان محور الممانعة لم يصارح الجمهور العربي عامة والفلسطيني خاصة بحجم قوة الخصم المانعة، لم يضع قوة الخصم بالمكانة الحقيقية التي تم تسويفها للجمهور. الجمهور الفلسطيني دائما بحاجة الى توضع الحقائق امامه ويجب ان يتوقف تسويق الوهم الى اركانه. الجمهور بكافة مكوناته كان قد رسم في مخيلته ان تل ابيب ويافا وحيفا ستكون في قبضة المقاومة بعد هزيمة الجيش الاسرائيلي وبقي تحت تاثير المخدر بالاوهام التي سوقت له ، ليعيش حالة من الهذيان بعد الانهيار الذي حدث من احتلال غزة ، وخروج لبنان 🇱🇧 من المحور وسقوط سوريا ….. الخ.
الاعلام العربي ايضا اخذ يسوق قوة محور المقاومة في غزة ولبنان بانها قوة لا تقهر ، واخذ يسوق انواع الاسلحة البدائية التي تستعملها المقاومة ، بانها ذات قوة صواريخ فرط الصوت الروسية ذات التدمير الخارق. يجب ان يتوقف هذا الوهم من الاعلام العربي الذي استحدث احضار الجنرالات من الاردن والعراق وغيرهما كل ذلك في صناعة الوهم. على الاعلام العربي ان يتوقف عن تلك المهزلة ويصدر كل ما هو حقيقي للجمهور وان لا يبيع الوهم للمشاهد العربي.
دون ادنى شك المقاومة في لبنان وغزة ابلت بلاء كبيرا، في معارك قد تكون اكبر بكثير من حجم قوى المقاومة، لكن هذا سيبقى في في اطار المناوشات لعمليات لربما يكون في بعضعها عمليات نوعية ، وليس جيشا يواجه جيشا . ولا يمكن هزيمة جيش بعتاده وعدته دون مشاركة كافة القوى المجتمعية في المواجهة.
هذا درسا لا ينتسى في ضرورة اعادة الخطاب الذي يتسم بالحقيقة، وليس بالخطاب المبني على الوهم في كل القضايا والتحديات التي نواجهها ، لان الخطاب الصريح هو من اساسيات تعزيز الصمود الذي نحن بامس الحاجة اليه.