الشمولية Totalitarianism
بقلم علي رهيف الربيعي
الشمولية ، أو مذهب السلطة الجامعة : شكل من أشكال التنظيم السياسي يقوم على إذابة جميع الأفراد والمؤسسات والجماعات في الكل الاجتماعي ( المجتمع ، أو الشعب ، أوالأمة ، أو الدولة ) عن طريق العنف والإرهاب ، ويمثل هذا الكل قائد واحد يجمع في يده كل السلطات . وهو في الغالب شخصية كريزمية Charimatic له قوة سحرية على جذب الجماهير ، ولهذا يلقبونه ” بالزعيم ” (١) ، ويطيعونه طاعة مطلقة . والأننظمة الشمولية مصطلح جديد استخدم في القرن العشرين ( الواقع أنه لم يستخدم على وجه الدقة إلا في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي ) وهو يتميز عن مصطلح السلطة المطلقة Absoluttism والأوتقراطية Auto Cracy . ويشار بهذا المصطلح إلى عدد من الأنظمة تتفاوت خصائصها ، إلا أنها تشترك في خواص أساسية هي السيطرة الكاملة للدولة على جمبع وسائل الإعلام ، مع وجود أيديولوجية معينة توجهها ، وقائد يجمع في يده جميع السلطات . والأمثلة كثيرة : إيطاليا في عهد موسوليني ، وألمانيا في عهد هتلر وإسبانيا في عهد فرانكو ، والبرتغال في عهد سالازار . . إلخ . ولقد عبر موسوليني ( ١٨٨٣-١٩٤٥) تعبيرا جيدا عن هذا المذهب في خطاب ألقاه في ٢٨ اكتوبر عام ١٩٢٥ بقوله : ” الكل في الدولة ، ولا قيمة لشي إنساني أو روحي خارج الدولة ، فالفاشية (٢) Fascism شمولية ، والدولة الفاشية تشمل جميع القيم وتوحدها ، وهي التي تؤول هذه القيم وتفسرها ، إنها تعيد صياغة حياة الشعب كلها (٣) .
وعلى ذلك فالدولة الشمولية كتلة واحدة لا تقبل بمبدأ فصل السلطات أو بأي شكل من أشكال الديمقراطية التي عرفها الغرب . وكل معارضة لهذا الكل تحطم بالقوة ، فلا رأي ، ولا تنظيم ، ولا تكتل خارج سلطة الدولة . وفي مقال نشره الفيلسوف الإيطالي جيوفاني جنتيلي Giovanni ( ١٨٧٥-١٩٤٤) عام ١٩٢٨ بعنوان ” الأسس الفلسفية للفاشية ” استعمل صفة Totalitarian بمعنى الإحاطة والشمول واحتواء كل شئ ، في وصفه للنظام الفاشي (٤) لكن اللفظ لم يشع استعماله كمصطلح يطلق على أنظمة حكم معينة ، إلا في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين ، وفي مرحلة ما بين الحربين العالميتين استعملت هذه الكلمة من قبل أعداها وأعوانها على حد سواء .
المصادر :
(١) مصطلح ” الكاريزما Charisma ” مستمد أصلا من العهد الجديد في النص اليوناني الذي يعني ” عطية النعمة الإلهية ” وأدخله عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر Max Weber ( ١٨٦٤-١٩٢٠) ليعني الصفة الخارقة التي يملكها بعض الأشخاص فتكون لهم قوة سحرية على الجماهير ، ولقد ميز فيبر بين كاريزما الفرد التي تنشأ من صفات طبيعية عنده ، وكاريزما المنصب المستمد من الطبيعة المقدسة للمركز .
وفي الفاشية يطلقون على القائد لقب ” الزعيم الساحر ” الذي تغلفه الأساطير ، وهو يهتم بالجماهير والإخراج المسرحي ، والشعارات الكبرى .. إلخ ، فيرتبط ” الزعيم ” بالشعب ارتباطا وثيقا ، وقد يرتدي أشكالا هستيرية جماعية .
(٢) الفاشية Fascism مشتقة من الكلمة اللاتينية Fasces بمعنى جماعة أو حزمة ، وهي رمز لأفراد المجتمع عندما يندمجون معا لإطاعة إرادة واحدة . والكلمة اللاتينية تعني مجموعة الحبال التي يتوسطها ويبرز منها رأس ” بلطة ” والتي كانت توضع أمام قناصلة الرومان في العصور القديمة كرمز للسلطة ، وعندما أسس موسوليني الحزب الفاشي عام ١٩٢٢ كان هو صاحب التسمية ، وأصبح رمز الحبال ورأس البلطة معبرا عن الوحدة الوطنية ( الحبال ) تحت امرة القيادة السياسية ( رأس البلطة ) .
قارن روجز سكروتون ” معجم الفكر السياسي “
(٣) راجع في ذلك الموسوعة الفلسفية العربية المجلد الثاني القسم الأول ص٤٠٠-٤٠٨ مادة ” التوتاليتارية ” .
(٤) المرجع السابق