عربي دولي

«المكافآت» للمحافظين أيضاً: الشرع يكرّم رجالاته

«المكافآت» للمحافظين أيضاً: الشرع يكرّم رجالاته

تتسارع وتيرة خطوات «الحكومة المؤقتة» التي شكّلتها «إدارة العمليات العسكرية» بعد سيطرتها على الحكم في سوريا، في إطار إعادة هيكلة المؤسسات بالطريقة التي تروق لها، ومن ضمن ذلك التعيينات الجديدة للمحافظين، والتي أجرتها قبل أيام. وعلى الرغم من أن فترة صلاحية تلك التعيينات لن تتجاوز، بحسب المعلن، ثلاثة أشهر، على غرار «الحكومة المؤقتة»، وأنه جرى اعتماد صفة «رئيس المكتب السياسي» للمحافظة، بدلاً من صفة «محافظ»، للمعيَّنين، إلا أن ذلك لم يحجب المخاوف من تجذير «هيئة تحرير الشام» نفسها في مفاصل الدولة، خصوصاً أن من اختيروا يحظون بـ«ثقة» رئيس الهيئة، أحمد الشرع، لقيادة المرحلة، وجاء اختيارهم بمثابة مكافآت من قبل الشرع لـ«المخلصين» من القادة العسكريين والجهاديين الذين اتخذوا مواقفَ لصالحه خلال سنوات الاقتتال الفصائلي التي شهدها شمال غرب سوريا، علماً أن معظم المُعيّنين هم من القادة العسكريين لتلك الفصائل.
وفي هذا السياق، ترى مصادر من المعارضة السورية المقيمة في تركيا، أن تعيين شخصية من مثل القائد العام لـ«حركة أحرار الشام»، حسن صوفان، في منصب «رئيس المكتب السياسي» لمحافظة اللاذقية، والقائد العسكري في الحركة، عامر الشيخ، في محافظ ريف دمشق، والقائد العسكري السابق، عناد درويش، مسؤولاً أمنياً لمحافظة حماة، «يحمل مجموعةً من الرسائل المباشرة من “الجولاني”، إلى جزء أساسي من الحركة التي انشق عنها في عام 2016 وظل حاملاً الاسم نفسه، حتى بعد انضمامه إلى “الجيش الوطني”، الذي شكّلته الحكومة التركية عام 2017 لدمج فصائل ما كان يُعرف بـ”الجيش السوري الحر”، تحت قيادة موحّدة». وتضيف المصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، أن «تعيينات “الجولاني” تستهدف شق صفوف “الجيش الوطني”، من خلال الإغراءات المادية والمناصب الإدارية في محاولة منه لإفقاد الحكومة التركية العصا التي قد تلوح بها ضده، إذا ما انقلب على قراراتها».
وعلى خط مواز، تمّ تعيين فواز هلال، في منصب «رئيس المكتب السياسي» لمحافظة حلب، علماً أن لدى هلال «علاقات جيدة» مع الاستخبارات التركية التي اعتمدت عليه لفترات طويلة لإيجاد قنوات تواصل مع الفصائل السورية المسلحة، قبل أن تدخل قواتها بشكل مباشر إلى سوريا في عام 2016. كما كان مقرّباً من الشرع، حتى قبل أن يشغل منصب «رئيس حكومة الإنقاذ» في إدلب لمدة عام تقريباً، ومن ثم استقالته في تشرين الأول 2019، ووصفه من قبل شخصيات من المعارضة السورية في تركيا بـ«المقرّب من الإخوان المسلمين»، رغم انتسابه إلى «جبهة النصرة» في وقت مبكر من تأسيسها. وفي الوقت نفسه، يُعرف هلال بأنه من الشخصيات الاقتصادية التي يمكن للشرع أن يعتمد عليها في محافظة حلب التي يُراد لها أن تكون «منطقة تجارية حرة»، تحت إشراف مباشر من الحكومة التركية، وهو الأمر الذي يبدو أن الشرع لا يمانعه في الوقت الحالي.
وفي محافظة دمشق، وقع الاختيار على ماهر محمد مروان، الذي يتحدّر من أصول دمشقية، وهو من الشخصيات التي لا يبدو تاريخها واضحاً، نظراً إلى أنه لم يكن من القيادات العسكرية في أي من الفصائل. ومع ذلك، يُعرف بأنه مقرّبٌ من رئيس «الحكومة المؤقتة»، محمد البشير، وبالتالي من الشرع نفسه. وبحسب المعلومات، فقد «تسلّم مروان تعليمات واضحة بالتقرّب من التجار ورجال الدين المسلمين في العاصمة، ومحاولة كسب ولائهم بكل الطرق الممكنة». أما الاسم الأكثر إثارة للجدل، فكان أنس عيروط الذي عُين محافظاً لطرطوس، علماً أنه كان من نشطاء «حركة الإخوان المسلمين» في الداخل السوري قبل عام 2011. وتُعرفه الحكومة المؤقتة على أنه يحمل شهادة الدكتوراه في «الاقتصاد الإسلامي» من لبنان، وأنه كان إماماً لمسجد في مدينة بانياس الساحلية قبل أن ينضم إلى «المجلس الوطني السوري» الذي انحلّ في بدايات الأزمة السورية ليحلّ مكانه «الائتلاف السوري». على أن عيروط كان يمتلك شبكة من العلاقات مع كامل القيادات المتطرفة وقيادات الفصائل العسكرية، قبل أن ينتقل إلى إدلب ويعمل بتوجيه من «أبو محمد الجولاني» (الشرع حالياً)، مع مجموعة من الشخصيات على تأسيس «حكومة الإنقاذ»، فيما شغل في إدلب «رئيس محكمة الاستئناف»، قبل أن يُعيّن في منصب «عميد كلية الشريعة والحقوق».
ومع ذلك، يبدو أن كثرة الضغوط الشعبية في ملف تعيين عيروط، بالإضافة إلى عدم قدرته على ضبط ما تسميه «الإدارة» بـ«التصرفات الفردية»، في إشارة إلى الانتهاكات التي يمارسها عناصر الفصائل المسلحة بحق المدنيين، دفعتها إلى استبداله بأحمد شامية، غير المعروف لأحد حالياً. إلا أنه ربما يكون في دائرة «موثوقي الشرع»، والذين كانوا مجهولين بشكل كامل، وعرفوا بعدة ألقاب خلال السنوات السابقة، قبل أن يظهروا إلى العلن باسمهم الحقيقي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب